مؤشرات مقلقة لروسيا بشأن صادراتها النفطية إلى الهند

بدأت تتجمع مؤشرات مقلقة لروسيا بشأن إمكانية استمرار تصدير النفط إلى الهند بمعدلات قياسية وبأسعار أقل بكثير من سعر السوق وحتى من السقف المحدد من قبل الدول الغربية.

ويبدو أن السبب هو “مزيج” من تأثير القرار المتخذ مؤخراً من قبل دول في تحالف «أوبك بلس» بتخفيض الإنتاج أولاً. وثانياً من بروز مخاوف لدى البنوك الهندية الكبرى من تشديد الدول الغربية آليات التدقيق بسعر التسليم في موانئ الشحن أي قبل إضافة تكاليف الشحن والتأمين والخدمات.

وبالفعل فقد أبلغ كل من بنك الهند الوطني و «بنك أوف بارودا» مصافي التكرير بوقف أي معاملات بمدفوعات النفط الروسي في حال تبين ان السعر يتجاوز السقف المحدد من قبل مجموعة الدول السبع والاتحاد الأوروبي.

ولتوضيح هذه المسألة، نشير إلى أن العقوبات على النفط الروسي تشمل مجالين، الأول هو حظر كامل من قبل الاتحاد الأوروبي لاستيراد المنتجات المكررة. والثاني فرض سقف لاستيراد النفط الخام قدره 60 دولاراً للبرميل. وكذلك حظر استخدام خدمات الشحن والخدمات المصرفية والتأمينية العائدة لشركات مجموعة الدول السبع والاتحاد الأوروبي.

وقامت روسيا بالالتفاف على هذه العقوبات بمنح حسومات عالية على نفطها وباستخدام ناقلات ما يعرف بأسطول الظل أو الأشباح، والتي لا تتحمل تكاليف التغطية التأمينية وتكون أسعارها أقل من السفن الشرعية لأنها ناقلات متهالكة وخارج الخدمة. ما يعني أن احتساب سعر النفط الروسي في موانئ التسليم وليس في موانئ الشحن كما يحدث حالياً، قد يخفي السعر الحقيقي. والتدقيق في هذا السعر قد يكشف أنه أكثر من السقف السعري، ما يضع البنوك والمصافي الهندية تحت وطأة العقوبات.

تخفيض الإنتاج.. «ضربة معلم»

وهنا يأتي دور العامل الثاني المتعلق بقرار تخفيض الانتاج من قبل بعض الدول في «تحالف أوبك بلس»، الذي لعبت السعودية دوراً أساسياً في اتخاذه. وهو القرار الذي اعتبره بعض المحللين «ضربة معلم»، لأنه ساهم في إعادة التوازن إلى السوق في ظل الشكوك المحيطة بنمو الاقتصاد العالمي وأسعار الفائدة. كما ساهم في إحباط جهود أميركا والدول الصناعية الكبرى لتخفيض أسعار النفط. يضاف إلى ذلك مساهمته في لجم اندفاع روسيا للانتاج بالحد الاقصى من طاقتها الانتاجية والبيع بأسعار تقل كثيراً عن سعر السوق، وتصل أحياناً إلى النصف. علماً ان روسيا التزمت بموجب القرار بتخفيض إنتاجها بمعدل 500 ألف برميل يومياً.

وأهمية القرار ليس لأنه ساهم في زيادة فورية لأسعار النفط بنسبة قاربت الـ 8 في المئة  فقط، بل لأنه عكس اتجاه الأسعار من الانخفاض إلى الاستقرار وربما الارتفاع. كما أن تشديد عمليات المراقبة والتدقيق في سعر موانئ الشحن سيؤدي تلقائياً إلى تقليص عمليات الشراء خاصة من قبل المصافي الحكومية في الصين والهند. وسيؤدي أيضاً إلى تشدد وربما إحجام المصارف عن تمويل عمليات الاستيراد.

الحد الأقصى من الدولارات لا البراميل

تبقى الإشارة إلى أن روسيا قد تجد أن مصلحتها تقتضي الخروج من معادلة البيع بالحد الأقصى من البراميل والحد الأدنى من الأسعار، بعد أن تبين لها عقم هذه المعادلة. فقد بلغ إنتاج النفط في مارس الماضي أعلى مستوى له منذ أبريل 2020، كما جاء في التقرير الشهري لوكالة الطاقة الدولية عن النفط. وذكر التقرير أنه على الرغم من العقوبات، فقد ارتفع إجمالي شحنات النفط بمقدار 600 ألف برميل يومياً ليبلغ 8.1 مليون برميل يومياً. ولكن في المقابل فإن العائدات المالية ظلت أقل بنحو 43 في المئة، رغم ارتفاعها بحوالي مليار دولار في شهر مارس لتصل إلى 12.7 مليار دولار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى