لماذا تنقل السعودية أسهم أرامكو إلى الصندوق السيادي ؟

ماذا يعني قرار السعودية يوم أمس (16 أبريل) بنقل 4 في المئة من أسهم شركة «أرامكو» السعودية إلى الشركة العربية السعودية للاستثمار “سنابل للاستثمار”، المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي)، وهي العملية الثانية من نوعها خلال عام تقريباً لتصل النسبة إلى 8 في المئة؟

يلاحظ بداية أن الإعلان عن عملية النقل جاء على لسان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، نفسه وليس أي مسؤول، ما يعطي العملية بعدها الفعلي على مستوى السياسات والتوجهات. وهو البعد الذي أوضحه ولي العهد بقوله: « إن العملية تأتي استكمالاً للمبادرات الهادفة إلى تعزيز الاقتصاد الوطني على المدى الطويل، وتنويع موارده، وإتاحة مزيد من الفرص الاستثمارية، بما يسهم في تحقيق مستهدفات رؤية 2030».

وعليه يمكن القول ان السعودية لا تستهدف كما يظن البعض ويكتب، التخلص التدريجي من أصولها النفطية بل بالعكس تستهدف تعزيز هذه الأصول مع السعي لزيادة فرص الاستفادة منها لتنويع الاقتصاد بما في ذلك تطوير الطاقة المتجددة.

وعليه يمكن رصد أهمية هذا القرار على مستويين:

الأول: سياسة إستباقية 

تجدر الإشارة، إلى أن نقل نسبة قدرها 8 في المئة من أسهم أرامكو إلى صندوق الاستثمارات العامة، لا يغير في طبيعة ملكية أرامكو إذ تبقى الدولة تمتلك حوالي 90.2 في المئة من الأسهم بعد طرح الشركة في سوق الأوراق المالية. وعملية النقل كما ذكر بيان للشركة على موقع «تداول السعودية» هي عملية خاصة بين الدولة و«سنابل للاستثمار»، والشركة ليست طرفاً فيها ولا يترتب عليه أي مدفوعات أو عوائد، وهي بالتالي لا تؤثر على العدد الإجمالي للأسهم المصدرة.

وفي تطور متزامن وملفت، دعا مجلس إدارة أرامكو إلى عقد جمعية عمومية غير عادية في 8 مايو المقبل، للبت في قرار زيادة رأسمال الشركة بنحو 20 في المئة من خلال توزيع أسهم منحة للمساهمين من الأرباح المتبقية. وليصبح رأس المال 90 مليار ريال (24 مليار دولار). ما يعني تعزيز قدرة أرامكو على التوسع والنمو في هذه المرحلة الانتقالية، وليس العكس.

وذلك ما أكده على أي حال، رئيس شركة أرامكو أمين الناصر، بقوله «السياسة التحولية لا تستهدف وقف الاستفادة من النفط، بل وقف الاعتماد عليه بشكل كلي، ولكن مع التركيز على تعظيم الاستفادة منه». وأشار في حديث صحافي إلى أن هذه الخلاصة جاءت بمثابة توجيهات واضحة من قبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قبل عدة سنوات. وقال «عندما أبلغت سموه أن مساهمة النفط والغاز في المحتوى المحلي هي بحدود 37 في المئة، رد مباشرة، بضرورة العمل لزيادتها عن طريق التوسع في مشاريع الغاز وزيادة الاستثمارات في قطاع البتروكيماويات، بما يكفل تعزيز الاستفادة من النفط والغاز وعدم الاكتفاء بتصدير الخام».

ويقول الناصر ان هذه التوجيهات مهدت الطريق لاتخاذ قرارين استراتيجيين؛ الأول استحواذ أرامكو على شركة «سابك» والثاني زيادة القدرة الانتاجية لشركة «أرامكو» لتصل إلى حوالي 13 مليون برميل يومياَ. وكان الهدف المركزي هو تنويع مصادر دخل الشركة وتعزيز حجم وقيمة موارد النفط بما يدعم برامج التحول في قطاع النفط والغاز وتلبية الطلب من قبل الصناعات التحويلية». ولتوضيح هذه النقطة نشير إلى أنه كان يتم استخدام أقل من مليون برميل من النفط في الصناعات التحويلية، وكان المطلوب زيادتها إلى 3 ملايين برميل.

ويلخص الأبعاد الاستراتيجية لهذه التطورات وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان بقوله: أن قرار دمج شركة سابك في شركة أرامكو، كان من أبرز الوسائل لتنمية قطاع البتروكيماويات ما يسهم في الحفاظ على استمرار الطلب على البترول في السنوات المقبلة، ويجعل النفط استثمار عظيم ليس كمصدر لتمويل الإنفاق العام، بل لتنويع الاقتصاد وتطوير مختلف القطاعات الانتاجية والخدمية وخلق مصادر مستدامة للدخل

ثانياً: تقوية صندوق الاستثمارات العامة

تساهم عملية نقل 4 في المئة من أسهم أرامكو إلى شركة سنابل، بتعزيز أصول صندوق الاستثمارات العامة وزيادة عوائده الاستثمارية، الأمر الذي يقوي مركزه المالي وتصنيفه الائتماني. خاصة وان العملية تأتي بعد العملية الأولى التي تمت في فبراير 2022، قدرت قيمتها السوقية بحوالي 80 مليار دولار، وفقاً لسعر السهم في حينه والبالغ 37.30 ريال (9.94 دولار).

ولوضع هذا الأمر في سياقه الصحيح، نشير إلى أن رؤية 2030 نصت على زيادة أصول الصندوق لتصل إلى 1.07 تريليون دولار في 2025، ومن ثم إلى 2.7 تريليون دولار في 2030. وبدأ هذا التوجه يتضح حين تلقى الصندوق 40 مليار دولار من احتياطيات المملكة في أوائل العام 2020 لدعم دوره في ظل تدهور أسواق الأسهم العالمية بسبب جائحة كورونا.

ويعتبر صندوق الاستثمارات العامة السعودي حالياً سادس أكبر صندوق سيادي في العالم، كما تشير بيانات معهد الثروات السيادية swfinstitute في نهاية العام 2022، وتقدر أصوله بحوالي 615 مليار دولار.

ومعروف أن صندوق الاستثمارات يشكل مصدراً ثابتاً ومستداماً للدخل، كما يشكل قاطرة لجذب الاستثمارات وإطلاق مشاريع ضخمة في مختلف المجالات في السوق السعودي.

اكبر الصناديق السيادية في العالم 
الصندوق القيمة (مليار دولار)
صندو التقاعد النروويجي 1351
شركة الصين للاستثمار 1351
جهاز ابوظبي للاستثمار 790
الهيئة العامة للاستثمار الكويتية 750
صندوق الاستثمارات العامة 727
صندوق جي.اي.سي السنغفاوري 690
صندوق هونغ كونغ للنقد الاجنبي 514
تماسيك القابضة السنغافورية 497
جهاز قطر للاستثمار 475
صندوق الضمان الاجتماعي الصين 474

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى