انفجار غامض بناقلة نفط غامضة:
هل بدأت الحرب على «أسطول الظل»
هل يفتح الانفجار الغامض لناقلة النفط الغامضة «بابلو» قبالة سواحل ماليزيا، ملف “أسطول الظل”. ما يبرر التساؤل هو الغموض الكبير في أسباب الانفجار وفي تحديد المسؤوليات ومعالجة آثاره أولاً . وثانياً تصاعد الحملة ضد النمو «الانفجاري» لهذا الأسطول بعد العقوبات على النفط الروسي. الأمر الذي بات يهدد فعالية هذه العقوبات، كما يهدد صناعة الشحن البحري بكل متفرعاتها .
سفينة شبح وغموض
وقع الانفجار الأسبوع الماضي، في إحدى أكثر قنوات الشحن البحري ازدحاماً في العالم قبالة سواحل ماليزيا. ومع إن الناقلة الآتية من الصين كانت فارغة، إلا أن كميات بقايا النفط وصلت إلى شواطئ إندونيسيا. ومع الغموض الذي أحاط بضخامة الانفجار الذي مزق الناقلة وأودى بحياة 25 شخصاً من طاقمها. كان الغموض الأكبر في ملكية الناقلة والجهة المسؤولة عن “تنظيف الفوضى” التي خلفها الانفجار.
فبعد مرور أسبوع كامل لم تكن قد بدأت عمليات التنظيف. ويرجع السبب لعدم توفر تغطية تأمينية للناقلة وعدم معرفة المالك الحقيقي. فهي غير مدرجة في قاعدة بيانات السفن المؤمن عليها. ومعروف أنه عند وقوع حادث لناقلة نفط شرعية تتحرك شركات التأمين والإنقاذ والوسطاء للتعامل مع الموقف خلال ساعات قليلة. أما «بابلو» ، فهي مسجلة بإسم شركة في جزر مارشال لا تمتلك غيرها. وتبين صعوبة بل استحالة معرفة أصحابها وتحميلهم المسؤولية.
وتشير بيانات تتبع السفن التي ترصدها وكالة بلومبيرغ إلى أن الناقلة أمضت شهرين في حوض لبناء السفن قرب شنغهاي، بعد أن قامت برحلتين لنقل النفط الإيراني إلى الموانئ الصينية وفقاً لبيانات شركة “فورتكسا” (Vortexa). كما تشير البيانات إلى أنها بُنيت في العام 1997 أي أنها تجاوزت بعدة سنوات العمر الإفتراضي.
الخلاصة: أسطول الظل تهديد عالمي
الخلاصة والعبرة لخصها رئيس شركة غارد Gard المتخصصة بأنشطة حماية وتأمين الأسطول العالمي الخلاصة المطلوبة بقوله: انفجار «بابلو» تذكير صارخ بحقيقة أن أسطول الظل هو تهديد خطير لحياة الناس والبيئة البحرية وصناعة النقل».
وجاء الأنفجار وسط تصاعد الحملة ضد أسطول الظل أو الأشباح. وتقود الولايات المتحدة وإسبانيا وأستراليا وكندا الحملة داخل المنظمة البحرية الدولية لزيادة الرقابة على الأنشطة الغامضة في تجارة النفط التي توسعت بعد حرب أوكرانيا. وبالفعل، فقد طالبت اللجنة القانونية للمنظمة مؤخراً بإخضاع السفن التي تغلق أجهزة التعقب (جي بي أس) لمزيد من عمليات التفتيش في الموانئ. وشددت على مكافحة عمليات نقل النفط من سفينة إلى أخرى في أعالي البحار.
وهو الأمر الذي كانت قد طالبت به إسبانيا التي تعاني من تزايد كبير في حركة أسطول الظل في جيب سبتة «المغربي». وكانت اسبانيا قد عانت من أسوأ تسرب نفطي بعد انشطار ناقلة النفط Prestige وتسرب حمولتها بالكامل. وقال فيكتور جيمينيز ممثل إسبانيا لدى المنظمة البحرية الدولية «يجب إلزام جميع الدول بالحصول على شهادة منشأ للنفط المنقول من سفينة إلى أخرى. وكذلك إلزام الدول الساحلية بإنشاء مناطق مخصصة لتنفيذ عمليات النقل».
شركة هندية مغمورة زادت أسطولها خلال عام ونصف، من ناقلتين إلى 58 ناقلة مخصصة لشحن النفط الروسي
وقد اعترض الوفد الروسي على هذه المطالبات ودعا المنظمة إلى عدم إساءة استخدام العقوبات المفروضة على بعض الدول، للمبالغة في تقييد تصرفات الدول الأخرى.
وقد تصاعد القلق والمخاوف من النمو الانفجاري لأسطول الظل، بحيث لم يعد يهدد فعالية العقوبات على روسيا فقط، بل قطاع شحن النفط. وأبرز المخاطر استدعاء مئات الناقلات من ورش الخردة لإعادة تشغيلها. ومثال ذلك شركة «غاتيك شيب مانجمنت» الهندية التي تحولت خلال عام واحد من شركة مغمورة تمتلك ناقلتين فقط، إلى إحدى أكبر الشركات في العالم بإسطول مكون من 58 ناقلة كما في إبريل الماضي. من بينها 13 ناقلة اشترتها في شهر ديسمبر وحده عندما بدأ الحظر الأوروبي على النفط الروسي، حسب فايننشال تايمز.
ورغم ذلك فإنه لا تتوفر معلومات كافية عن أصول الشركة وملكيتها. . وما يثير الريبة حسب تقرير جريدة فايننشال تايمز، أن الشركة مسجلة على عنوان شركة أخرى هي “بوينا فيستا شيبينغ” التي لم تتجاوز قيمة أصولها قبل سنتين 100 ألف دولار. ولكنها قامت بشحن حوالي 83 مليون برميل من النفط الخام والمنتجات النفطية الروسية. وأن أكثر من نصف الشحنات تعود لشركة روسنفت الحكومية. وتقول الصحيفة ان الشحنات الفعلية غير المسجلة قد تكون أكبر بكثير. وذكرت أن أسطول الشركة لا يتمتع بتغطية تأمينية من شركات التأمين المعترف بها دولياً.
ولتقدير حجم المشكلة نشير إلى أن الأسطول العالمي مكون من حوالي 14 ألف ناقلة، موزعة على نحو 1361 شركة. وهناك 20 شركة فقط تمتللك أكثر من 50 ناقلة.