جولة أردوغان الخليجية: منعطف جيوسياسي يتجاوز العلاقات الاقتصادية
زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات وقطر وربما مصر، تشكل منعطفاً مهماً في الجغرافيا السياسية في المنطقة. ما يعني عدم دقة حصرها في الجانب الاقتصادي والاستثماري والأزمة المالية التركية رغم اهمية هذا الجانب.
لما كانت المنطقة والعالم يمران بحالة مخاض صعبة. والتطورات مفتوحة على كل الاحتمالات. تقتضي “السلامة” الاكتفاء بطرح التساؤلات التي تنطلق من معطيات ومؤشرات. لعل أهمها أن الدول العربية دخلت مرحلة استعادة زمام المبادرة للإمساك بمقدراتها وتقرير سياساتها وخياراتها، بعيداً عن الاصطفافات المعلبة التقليدية. يساعدها في ذلك وجود قيادات شابة متوثبة. وفي المقابل فإن تركيا كدولة هي في عز قوتها. وأردوغان كرئيس منتخب، للمرة الثالثة، في عز تألقه لممارسة مهاراته “كلاعب سياسي” يتقن “فن المقايضة”. ومن هذه التساؤلات:
- هل تشكل جولة الرئيس التركي تظهيراً لما تم التحضير له منذ مدة لتشكيل محور سعودي ـ مصري ـ تركي يتحول تدريجياً إلى قوة إقليمية ـ دولية؟ ولتكون اتفاقيات التعاون الاقتصادي وضخ الاستثمارات، مكوناً رئيسياً في تعزيز هذا المحور على قاعدة المصالح المشتركة؟
- هل يفاجئ الرئيس إردوغان الجميع بهبوط طائرته في القاهرة في نهاية جولته الخليجية، ليؤكد بنفسه دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإتمام زيارته المرتقبة إلى أنقرة نهاية الشهر الجاري. وهي الزيارة التي لعبت الدول الخليجية دوراً حاسماً في تذليل الصعاب لإنجاحها؟
التزام الإيقاع العربي في سوريا
- هل تستجيب تركيا لمطالبة مصر والسعودية وبقية دول الخليج بضبط إيقاع تدخلها في سوريا والعراق أو انسحابها، مع إيقاع هذه الدول، وبالتوافق مع الإيقاع الأميركي على حساب الإيقاعين الروسي والإيراني؟
- هل تبادر تركيا إلى توظيف ثقلها ووجودها المباشر لإيجاد حلول في ليبيا والسودان تراعي مصالحها ومصالح مصر والسعودية وبقية دول الخليج. وهل تبادر إلى دعم الموقف المصري في ملف أزمة سد النهضة مع إثيوبيا؟
- هل تستكمل تركيا استدارتها تجاه أميركا وأوروبا، وإدارة ظهرها لروسيا وإيران؟
- هل أنتهى فعلاً ملف دعم الإخوان المسلمين بمغادرة قيادة الجماعة إلى لندن وماليزيا. ولتتولى أجهزة المخابرات في البلدين متابعة ما تبقى منه. ويشمل ذلك تسليم بعض قيادات الجماعة إلى مصر، وترحيل بعضهم، وتوفير المأوى لبعضهم الآخر ممن أعلنوا انسحابهم من العمل السياسي والحزبي؟
هل ينجح أردوغان باستعادة «البحر التركي»، ليدخل التاريخ إلى جانب أتاتورك الذي نجح باستعادة «البر التركي» في 1923
ماذا تريد تركيا؟
- هل تكون الجائزة الكبرى لتركيا هي تحقيق حلم “الوطن المائي” الذي يرفع مساحة مياهها البحرية إلى حوالي 462 ألف كلم2. وهو ما يتطلب ضمناً تنازل اليونان عن مجموعات الجزر الثلاثة المحاذية لتركيا في بحر إيجه. وفرض حل الدولتين في جزيرة قبرص. او فرض مشاركة القبارصة الأتراك في حكم الجزيرة. وليدخل أردوغان التاريخ بنجاحه في استعادة البحر التركي، إلى جانب أتاتورك الذي نجح باستعادة البر التركي في العام 1923 ؟
- هل تبادر مصر بدعم ومباركة دول الخليج، إلى توظيف ثقلها وعلاقاتها الوطيدة مع اليونان لإقناعها أو الضغط عليها لقبول تسوية لصالح تركيا. ما يسهم بإنهاء النزاعات الحدودية في شرق المتوسط التي تعطل استغلال موارد النفط والغاز ؟
نزاعات الحدود في شرق المتوسط
- هل تصح التحليلات القائلة ان أميركا موافقة ضمناً على النظرة التركية لترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة بعد تعديلها وتصغيرها. وكانت أبرز الدلائل على ذلك إعلانها عبر سفارتها في أثينا وليس من أي مكان آخر، معارضتها لمشروع خط أنابيب “إيست ميد” الذي يمتد من شرق المتوسط إلى إيطاليا عبر اليونان ؟
- هل تحقق مثل هذه الصفقة مع تركيا، الهدف الأميركي بضمان تموضع تركيا نهائياً في الفلك الغربي. وإخراج روسيا من شرق المتوسط. ويكون إعادة فتح ملف انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي هو الجزرة الدائمة، التي قد لا يتسنى للرئيس أردوغان أكلها.
- هل يكون تناول وسائل الإعلام ومراكز البحث في قادم الأيام لإسم “الجزيرة السحرية” كاستيلوريزو التي تبعد عن البر التركي أقل من 2 كلم، هو المؤشر على فتح باب المفاوضات الجدية لحل النزاعات الحدودية في شرق المتوسط. والتي تشمل لبنان وقبرص وسوريا وتركيا ومصر وليبيا وإسرائيل وفلسطين
في زمن التحولات تقتضي “السلامة” الاكتفاء بالتساؤلات.