رازي الحاج: قانون الصندوق السيادي يحصن موارد لبنان النفطية ضد الهدر والفساد  

مقابل التلكؤ وإضاعة الوقت في حل المشاكل المعيقة لملف الثروة النفطية في لبنان، وأهمها استكمال ترسيم الحدود البحرية مع سوريا وقبرص وإسرائيل، وتحقيق ولو جزء من برنامج الإصلاح، هناك سرعة ملفتة في موضوع إنشاء اإنشاء الصندوق السيادي للنفط والغاز. فقد أقرت لجنة المال والموازنة في مجلس النواب نهاية الشهر الماضي، مشروع قانون الصندوق  وأحالته إلى الهيئة العامة لمناقشته وإقراره.

ومع أن إنشاء الصندوق جاء تنفيذاً للمادة الثالثة من قانون الموارد البترولية، فقد أثارت سرعة إقراره تساؤلات عدة. أبرزها؛ هل يأتي ذلك في سياق سياسة الإلهاء والتهرب من إقرار أي من القوانين الإصلاحية. خاصة وان تكوين فوائض مالية لن يتم قبل 8 سنوات، في حال وجود موارد نفطية وغازية بكميات تجارية. أم يأتي في سياق حرص العديد من الكتل النيابية على تحصين الموارد المالية المرتقبة من ضياعها في مزاريب الهدر والفساد؟

موقع “طاقة الشرق” حمل هذه التساؤلات إلى النائب في البرلمان رازي الحاج. الذي قدم بإسم كتلة الجمهورية القوية اقتراح قانون للصندوق السيادي. وقد أعرب عن أمله بإقرار المشروع في الهيئة العامة للبرلمان. مع التأكيد على ان كتلة الجمهورية القوية لا تشارك في أي جلسات تشريعية بغياب رئيس الجمهورية. ولكنه أشار إلى أن المهم حاليا هو تثبيت المبادئ وإرساء أسس إنشاء الصندوق. وهو ما نجحت بإنجازه، حيث تم اعتماد غالبية المبادئ التي تضمنها اقتراح القانون المقدم من قبلها.

ويشار هنا إلى أن مشروع القانون الذي تم إقراره، هو مزيج من أربعة اقتراحات قوانين مقدمة من تكتل “لبنان القوي” (التيار الوطني الحر) و”اللقاء الديمقراطي” (الحزب التقدمي الاشتراكي) وكتلة “التنمية والتحرير” (حركة أمل) وكتلة “الجمهورية القوية” (حزب القوات اللبنانية)،

استعجال… 

ردا على سؤال حول الاستعجال في إقرار مشروع القانون، وهل السبب هو “تهريب” العوائد لحمايتها من الهدر ومزاريب الفساد؟ يجيب الحاج نحن على مشارف بدء أعمال التنقيب وربما الإستخراج. ولا عجلة في إقرار مشروع القانون. إنما قد تكون هناك عوائد مالية على المديين المتوسط والطويل. وواجب أن يكون لدينا قانون يسمح بإنشاء الصندوق ووضع الشروط لتعيين مجلس الادارة والموظفين وفقاً لأفضل المعايير الدولية.

أم إفراط في التفاؤل؟

وفي معرض رده على القول أن الأمر يحتاج إلى سنوات لتحديد  حجم الموارد البترولية الموعودة وعما إذا كانت الوقائع بحجم الآمال والتكهنات، يؤكد النائب رازي الحاج أنه حتى لو كانت كميات النفط والغاز غير محددة بعد، لكنها موارد طبيعية وهي ملك للشعب اللبناني وللأجيال القادمة. ويجب استثمارها بشكل صحيح ومنع هدرها في نفقات الموازنة. ولكن الدراسات التي اعدتها الشركات التي قامت بأعمال المسح السيزمي ثنائي وثلاثي الأبعاد، أكدت وجود مخزونات من الغاز وربما النفط بكميات تجارية في البلوك رقم 9 وفي البلوكات الأخرى أيضاً.

القانون يكرس استقلالية الصندوق وتحصينه ضد التدخلات السياسية، ويحظر استخدام موارده لتسديد الديون أو تمويل الإنفاق العام

ويتابع الحاج، نحن في بداية رحلة الألف ميل. وفي هذه المرحلة الانتقالية لا يتم التوظيف في الصندوق أو العمل بالوحدات الادارية قبل التأكد من العائدات أي قبل سنوات. وعلى كل حال، أي قانون يلغى بقانون آخر في البرلمان إذا لم يكن صالحا بحسب تعبيره .

تحصين الصندوق وموارده

لكن كيف سيتم تحصين وحماية هذا الصندوق وهل يكفي وجود قانون يؤكد استقلاليته، خاصة وان البنك المركزي يتمتع باستقلالية كاملة، ومع ذلك تم استنزاف موارده وموارد المودعين؟

يوضح الحاج أن طبيعة الصندوق الخاصة هي التي تحميه وتعطيه استقلالية مهنية ومالية وانه لا يخضع لقانون إنشاء المؤسسات العامة ويكرس في قانونه استقلالية وحيادية إدارته عن تدخّل السلطة السياسية. ويُربط قانونياً بمجلس الوزراء. كما يتمتع بشخصية معنوية وبالاستقلالين المالي والإداري فتحميه المعايير المحددة في طريقة تعيين مجلس الإدارة وكيفية انتقاء الموظفين حسب خبراتهم سيرتهم المهنية وبحسب المقاييس العالمية. دون إقامة أي اعتبار للولاءات السياسية. ويصر الحاج على ان لبنان يعول على أصحاب الكفاءة من شبابه. أما البنك المركزي فلا توجد ضوابط أو شروط لآلية التوظيف فيه وقد حدث ما حدث ولا يجوز المقارنة بينهما.

تمويل الإنفاق العام 

أظهرت التجارب اعتماد الإنفاق الحكومي على كل الموارد المتاحة، فما الذي يمنع “مد اليد” على موارد الصندوق لسد أي عجز طارئ ؟ يجيب النائب رازي الحاج أنه ممنوع المس بأموال الصندوق لا لتسديد أي ديون او لسد أي عجز. ولا يجوز إنفاق أي أموال لتغطية لتمويل الإنفاق العام . ويضيف هناك محفظتان للصندوق الأولى للتنمية والثانية للادخار والاستثمار.

يذكر أن مشروع القانون ينص على إنشاء محفظتين لإدارة أموال الصندوق: واحدة للادخار والاستثمار، وأخرى للتنمية تودع فيها عائدات الأنشطة البترولية، وتحديد قواعد الإيداع والسحب لكل من المحفظتين. ويحظر مشروع القانون استعمال أموال الصندوق في المحفظتين لتسديد ديون الدولة. ومن باب الحدّ من إمكانية استفادة الطبقة السياسية من أموال الصندوق، ينص مشروع القانون على استثمار نسبة لا تقل عن 75 في المئة من موارده في الخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى