الاندماج النووي: الإنجاز الأميركي الأخير، أقل من التوقعات

الإعلان إنجاز أميركي جديد في مجال طاقة الاندماج النووي، لم يكن على قدر التوقعات. إذ كان عبارة عن زيادة هامشية في الطاقة المولدة في الاختبار السابق. وهناك من اعتبر أنه كان الأفضل عدم الإعلان عنه. والسبب ان النتيجة المحققة بالنسبة للطاقة المنتجة، كانت مشابهة تقريباً للنتيجة المحققة في الإنجاز التاريخي في نهاية شهر ديسمبر الماضي.

زيادة هامشية بالطاقة المنتجة

التجربة الجديدة، التي أجريت في مختبر لورانس ليفرمور الوطني، اعتمدت ذات التقنية المعروفة بإسم الحبس بالقصور الذاتي (حزمة فائقة القوة من أشعة الليزر). وحققت ذات النتيجة تقريباً المحققة سابقاً.هي توليد طاقة تفوق الطاقة المستخدمة بزيادة هامشية. إذ بلغ الطاقة المولدة 3.5 ميغا جول، مقابل 3.15 ميغا جول. ولكن الأهم أن الطاقة المولدة والتي تعادل حوالي ضعفي الطاقة المستخدمة، لا تزال بعيدة جداً عن معدل  الـ 30 ضعفاً لتحقيق هدف الإشتعال الذاتي أو لكي يصبح الاندماج ذاتي الاستدامة. وقال براين سبيرز، أحد كبار المسؤولين عن التجربة السابقة: “أحرزنا تقدماً كبيراً لتحقيق هدف الـ 30 ضعفاً، لقد اقتربنا من الوصول إلى عتبة الاشتعال الذاتي”. ولكن مع نتائج التجربة الجديدة فلا يبدو دقيقاً الحديث عن الاقتراب من تلك العتبة.

إقرأ : طاقة الاندماج النووي: سباق أميركي صيني على «صناعة الشمس»

يشار هنا إلى أن التجارب يجريها مختبر لورنس ليفرمور، تعتمد على طريقة الحبس بالقصور الذاتي (الليزر). وهي تقنية تتطلب أجهزة ليزر بالغة القوة. ويتم تمويل هذه التجارب والإشراف عليها من قبل منشأة الإشعال الوطنية الأميركية NIF الحكومية وبتمويل من الإدارة الوطنية للأمن النووي. وتمتلك هذه المنشأة التي أنشئت أصلاً لأغراض عسكرية، جهاز عملاق بقدرة أكبر بنحو 60 مرة من أي نظام ليزر موجود في العالم. وتقوم هذه التقنية على توجيه 192 حزمة ليزر قوية على كبسولة وقود لا يتجاوز عرضها عن  5 ملم، لبضعة أجزاء من المليار من الثانية. وهو الأمر الذي يوفر أكثر من  500 تيراواط من ذروة الطاقة. أي مستويات من الضغط والحرارة مشابهة لما يحدث في الشمس وفي انفجارات القنابل النووية.

تقنية باهظة التكاليف

أحد ابرز مشاكل تقنية الليزر هي أنها باهظة التكاليف. كما ان إقامة محطة للطاقة الكهربائية الاندماجية تحتاج إلى أشعة ليزر أقوى بحوالي 100 ضعف عن تلك التي استخدمت في التجربة. ولذلك فإن طريقة الحبس بالقصور الذاتي (الليزر) هي الأقل إنتشاراً في العالم فهناك حوالي 7 مفاعلات من أصل 115، مفاعلاً. في حين تستأثر طريقة الحبس المغناطيسي بالجزء الأكبر من بقية المفاعلات.

إقرأ: أنواع المفاعلات وطرق الإندماج: سباق الليزر والمغناطيس

ولذلك تعتمد غالبية الشركات الخاصة التي تنشط في مجال طاقة الاندماج النووي على طريقة الحبس المغناطيسي، وعلى طرق أخرى مبتكرة. ويبدو أن أميركا تراهن في سباقها مع الصين على هذه الشركات التي تقدر قيمة استثماراتها بحوالي 6 مليارات دولار. ويساهم فيها كبار المستثمرين مثل بيل غيتس وجيف بيزوس، وشركات كبرى مثل أمازون وغوغل.

«الشمس الاصطناعية» الصينية

كما تعتمد الصين بشكل أساسي على تقنية الحبس المغناطيسي والمفاعلات المعروفة بإسم توكوماك أبرزها بالطبع مفاعل «توكوماك فائق التوصيل» EAST الذي يعرف بإسم شمس الصين الاصطناعية. وقد حقق إنجازاً يضاهي الإنجاز الأميركي، وتم الإعلان عنه بعد الإعلان الأميركي بعدة أيام فقط. حيث تم التوصل إلى اشتعال اندماجي متواصل لمدة 17.5 دقيقة بدرجة حرارة 70 مليون درجة مئوية. أي اكثر بخمس مرات من حرارة لب الشمس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى