محمية حرش إهدن: رافعة للسياحة البيئية والريفية
كوسا: المحمية الأولى في لبنان وبين الأهم في الشرق الأوسط
محمية حرش إهدن هي أول محمية طبيعية في لبنان، أُعلنت في 9 مارس 1992. وتُعتبر من أهم المحميات في لبنان والشرق الأوسط من حيث التنوع البيولوجي الموجود فيها. وتمتد على مساحة حوالى 1700 هكتاراً.
وتحتوي المحمية التي تقع على ارتفاع 1200 متر، على 1020 نوعاً من النباتات، منها 126 نوعاً مهدداً. كما تحتوى على 26 نوعاً من الثدييات و156 نوعاً من الطيور و 300 نوعاً من الفطريات و23 نوعاً من البرمائيات. كما تؤكد مديرة المحمية ساندرا كوسا سابا في حديث لمجلة “طاقة الشرق”.
مع أن المحمية غير مصنّفة ضمن محميات المحيط الحيوي، إلا أنها تمتلك كل المقومات اللازمة. تدار من قبل لجنة يعيّنها وزير البيئة وتضم متطوعين يشرفون على سير العمل فيها. إضافة إلى سعي القائمين عليها لخلق حالة من التفاعل الدائم مع المجتمع المحلي “الإهدني” وإشراك الجوار في المشاريع والنشاطات على أكثر من مستوى.
دور إقتصادي إجتماعي
تشير كوسا إلى أن المحمية تلعب دوراً مهماً ليس بيئياً فقط، إنما إقتصادياً وإجتماعياً، وتقوم بدور أساسي بتحريك العجلة الاقتصادية على صعيد منطقة إهدن وقضائها وعلى الصعيد الوطني. فزوّار المحمية يحرّكون العجلة الاقتصادية في المنطقة، ومن هنا أهمية السياحة البيئية والريفية التي تلعب المحمية دوراً أساساً في تفعيلها.
وتلفت إلى أن المحمية تساهم بخلق فرص عمل لأبناء المنطقة، فكل فريق عمل المحمية الدائم أو الموسمي من أبناء منطقة زغرتا – إهدن. خصوصاً وأنها تفتح أبوابها أمام النشاطات المختلفة في كل الفصول على مدار السنة.
حماية التنوّع البيولوجي
وعن أهداف المحمية، تعدّد كوسا أهم ما تعمل عليه وفق خطة إدارية تتجدد كل 5 سنوات، وتعتبَر بمثابة خارطة طريق لتحقيق الأهداف الطويلة والقصيرة الأمد. وأبرزها:
- حماية التنوع البيولوجي، وهناك عناصر حراسة على مدار السنة لهذه الغاية حيث تقوم بقمع المخالفات وتطبيق القوانين.
- العمل على تشجيع السياحة البيئية حيث تقوم بنشاطات عدة مثل الـ hiking والـ biking ومراقبة الطيور والتصوير والتسلّق ومراقبة النجوم والرسم في الطبيعة ونشاطات موسم الثلوج.
- توعية المجتمع المحلي في المدارس والجامعات والمشاركة في أي نشاط توعوي على الصعيد المحلي والوطني.
- المساهمة في الدراسات والأبحاث العلمية، وهناك اتفاقيات عدة مع الجامعات في لبنان وخبراء لبنانيين وأجانب. حيث تجري دراسات كثيرة حول التغيّر المناخي والحشرات والنباتات المهدّدة بالانقراض او المتفرّدة في محمية حرش إهدن.
- إعادة تأهيل المنطقة المحيطة بالمحمية من خلال عمليات تحريج وإعادة تحريج .
- التشبيك مع المجتمع المحلي، وهو من الأمور اليومية التي تعمل عليها المحمية عبر إشراك المجتمع المحلي بعمل المحمية.
وكشفت كوسا عن مشروع مهم وهو إنشاء مشتل للأشجار الحرجية الموجودة في المحمية، والعمل على التبذير والزرع في مشاتل المحمية لإستعمال الشتول في التحريج أو بيعها، ما يشكّل مصدر دخل للمحمية.
موسم سياحي جيّد
دور المحمية أساسي في نهضة المنطقة. فإهدن منطقة سياحية بامتياز كما القرى المجاورة التي يقصدها الزوار، حيث انتشرت بيوت الضيافة التي تستقطب أعداداً كبيرة من السيّاح. وتلفت كوسا إلى أن المنطقة تمتاز بالخدمات المتنوعة المتوفرة التي تقدمها لجهة الفنادق وبيوت الضيافة والتخييم وسواها. كما أن السياحة الريفية تنشط بوجود المحمية والمنتجات المحلية التي ينتجها أهالي المنطقة كما تربية النحل وإنتاج العسل ومشتقاته وهي من الأمور التي نعمل عليها مع المجتمع المحلي. وتشجيعاً للأهالي والمساهمة في تصريف إنتاجهم، تقوم المحمية بعرض كل منتجات المونة المحلية في المحمية وبيعها للزوّار.
وعن الموسم السياحي هذا العام، تصفه كوسا بالجيّد، رغم تداعيات وباء كورونا والوضع الاقتصادي الذي يمرّ به لبنان. لكن المحمية لم تقفل أبداً طوال فترة الأزمة ونجحت في تأمين الاستدامة المالية والأمور اللوجستية الأساسية، واستطاعت أن تتطور رغم كل الظروف وعدد الزوّار يرتفع في كل عام كما مشاريعها الجديدة وتطوير بناها التحتية ومراكزها. وهذا الأمر يعطينا دافعاً أكبر للعمل والتطور والايمان أكثر بالرسالة التي نقوم بها، لا سيما وأن المحمية هي من المحميات الأولى بلبنان، وهدفنا أن نعمل ونزرع من أجل الأجيال المقبلة.
ولهذه الغاية، تشبّك المحمية مع وزارتي البيئة والزراعة والمنظمات العالمية والجهات المانحة كالفاو ووكالة التنمية الفرنسية ويرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة والعديد من السفارات والجمعيات الأهلية. إضافة بالطبع للدعم الكبير المقدم من قبل القوى السياسية والشخصيات في المنطقة.
مكافحة التغيّر المناخي
وتضيف ساندرا كوسا سابا، ان الدور البيئي أساسي للمحمية في حماية الموارد الطبيعية على الصعيدين الوطني والعالمي. فأنواع كثيرة موجودة فقط في محمية إهدن ودورها هو حماية هذا التنوع البيئي النباتي والحيواني والطيور وحتى التربة، كما الحفاظ على المياه. والمحميات هي من أهم الأدوات في مكافحة التغيّر المناخي والتخفيف من آثاره ومن ارتفاع درجات حرارة الأرض.
وفي هذا السياق، تلفت كوسا إلى أن المراكز التابعة للمحمية هي صديقة للبيئة حيث توجد محطات تكرير وتجهيزات لإنتاج الطاقة النظيفة والعمل جارٍ على فرز النفايات ومحاولة العمل مع المحيط، ولكن الأوضاع المالية تعيق أحياناً هذه المهمة لكن المحمية تجهد دائماً لتكون القدوة الصالحة أمام المحيط وتوعية المجتمع والتشجيع على الزراعة المستدامة.