ورشة دولية لبناء أساطيل حفّارات وحصّادات لمعادن أعماق البحار

تتجه العديد من الشركات والدول إلى بدء التعدين البحري التجاري رغم عدم اكتمال الإطار القانوني والتنظيمي الذي تتولى وضعه الهيئة الدولية لقاع البحار. ويترافق هذا التوجه مع «ورشة دولية» لبناء أساطيل حفّارات وحصّادات لمعادن أعماق البحار. حيث تتسابق الشركات ومن ورائها الدول على تطوير التقنيات والمعدات المستخدمة في «الحصاد» والحفر وأنظمة الرفع.

قرأ أيضاً: «حرب الأعماق» للفوز بمليارات الأطنان من المعادن النادرة (1 من 2)

معروف أن التعدين في قاع البحار يواجه صعوبات تقنية كبيرة. تتمثل بوجود المعادن على أعماق تصل إلى 6 ألاف متر. ما يتطلب استخدام مواد وتصاميم هندسية لمقاومة ضغط الماء الهائل. فالغواصات العسكرية مثلاً تعمل على عمق لا يتجاوز 600 متراً وإلا تعرضت للسحق التام.

أعماق ساحقة وظلام دامس

هناك مشكلة أخرى هي الظلام الدامس الذي يصعب تجاوزه بالأضواء مهما كانت قوتها. ما يعني ضرورة تزويد تلك المعدات بأجهزة استشعار بالغة الدقة والتطور لكي تتمكن من التحرك وفق خرائط معدة سلفاً. وذلك لتحديد أماكن تواجد المعادن وتجنب الاصطدام بأي عوائق أو السقوط في الحفر والأودية السحيقة أو ما يعرف بالفتحات الحرارية حيث تتركز المعادن. حيث تتصل مياه البحر عبر هذه الفتحات بالمادة المنصهرة في باطن الأرض. ما يؤدي إلى تسخينها واندفاعها إلى الأعلى حاملة معها المعادن المرتشحة من الصهارة الصخرية. لتعود إلى حالتها الصلبة مع اختلاطها بمياه المحيط الباردة.

ولذلك اندفعت الدول والشركات إلى البدء بتجهيز أساطيل حفّارات وحصّادات لمعادن أعماق البحار. تبدأ بسفن الدعم المجهزة بتقنيات متطورة من المضخات وأنظمة الرفع لسحب المعادن عبر خراطيم مرنة. حيث يتم استخلاص المعادن وإعادة المياه والأتربة إلى البحر. مروراً بالمركبات الصغيرة AUVs المتخصصة بالاستكشاف لتحديد مواقع المعادن وكمياتها. وصولاً إلى المعدات الثقيلة العملاقة ROVs.

حفارات ومكانس

تتنوع المعدات بحسب نوع المعادن المطلوب «حصادها» فهناك الحفارات والجرافات للتعامل مع رواسب الكبريتيد التي تحتوي ترسبات عالية من النحاس والذهب والفضة والزنك والكوبالت الخ… وكذلك مع القشرة الصخرية التي تغطي الجبال البحرية وتكون عادة بسماكة تتراوح بين 5 و 25 سم. وهي غنية بالحديد والمنغنيز والكوبالت وغيره.

إقرأ أيضاً: النرويج تبدأ التعدين في أعماق البحار: أخطار بيئية ومخاطر جيوسياسية

والنوع الثالث هو معدات الشفط والالتقاط وهي أشبه «بمكانس كهربائية» عملاقة، مخصصة لالتقاط العقيدات متعددة الفلزات. وهي عبارة عن كرات صافية من المعادن النادرة يتراوح قطرها بين 3 إلى 8 سنتيمترات. وتحتوي عادة نسبة كبيرة من المنغنيز تصل إلى 25 في المئة. مع نسب متفاوتة من الكوبالت والنحاس والنيكل وكميات أقل من الليثيوم والتيتانيوم والنيوبيوم الخ…

أهم المعدات الموجودة حالياً

فيما يلي قائمة بأهم ما تتضمنه أساطيل حفّارات وحصّادات معادن أعماق البحار والتي يجري حالياً تطويرها واختبارها واستخدامها:

أبولو II ـ مشروع أوروبي مشترك

أبولو II ( مشروع متشرك)

تم تطوير Apollo II على مدى عامين ونصف بواسطة Blue Harvesting، وهي مشروع مشترك بين شركات من 5 دول. وروعي في التصميم تقليل الأضرار البيئية كما تقول الشركة المصنعة.

تم اختبار «الحصادة»المتخصصة بالتقاط العقيدات، لأول مرة في العام 2022 على عمق 300 متر على سواحل إسبانيا. وقد جمعت المركبة مجموعة متنوعة من العقيدات الاصطناعية التي تم وضعها في قاع البحر.

ومن المقرر إجراء المزيد من الاختبارات على العقيدات المتعددة المعادن الحقيقية في شمال شرق المحيط الأطلسي على أعماق تصل إلى 3 آلاف متر.

«حصادة» COA ـ الصين

«حصادة» COA ـ الصين

تم تطويرها في العام 2021 من قبل عدة شركات ومؤسسات حكومية في الصين، تحت مظلة رابطة المحيطات الصينية.  تتميز بقدرتها على جمع مختلف أنواع العقيدات متعددة المعادن إلى جانب معدات الرفع. وشملت المؤسسات المشاركة معهد تشانغشا لأبحاث التعدين والمعادن، ومعهد تشانغشا لأبحاث المناجم، وجامعة سنترال ساوث، وعشرات المؤسسات الأخرى.

تم اختبار «الحصادة» مع نظام الرفع على عمق 1300 متر في يوليو 2021. حيث قامت بجمع ورفع 1200 كلغ من العقيدات المتعددة الفلزات أو المعادن.

يوريكا II ـ أميركا، كندا

يوريكا II ـ (أميركا، كندا)

تم تطوير الحصادة Eureka II بواسطة شركة Impossible Metals، وهي شركة أميركية كندية.

تستخدم هذه الحصادرة نظاماً معقداً من الأذرع الآلية لالتقاط العقيدات من قاع البحر. وتعتبر فريدة من نوعها بين آلات «الحصاد». إذ تزعم الشركة أن التكنولوجيا المعتمدة تسمح بانتقاء العقيدات المطلوبة وتجنب تلك التي تحتوي على كائنات حية.

تم اختبار Eureka II على عمق 1800 متر، قبالة ساحل فلوريدا في مايو 2024، ولكن بدون اختبار نظام الرفع.

كايتو 2 ـ اليابان

كايتو 2 ( اليابان)

تم تطوير Kaituo 2 بواسطة جامعة شنغهاي جياو تونغ. وقد خضعت لخمسة اختبارات وصلت إحداها إلى عمق 4100 متر في غرب المحيط الهادئ.

تتميز آلة Kaituo 2 بقدرتها على أخذ عينات للأنواع الثلاثة من المعادن الموجودة في قاع البحار. وهي مجهزة بآلة حفر ونظام تجميع وتخزين للمعادن. ويمكنها العمل في التضاريس الوعرة والمنحدرات الشديدة.

كون لونغ 500 ـ الصين

كون لونغ 500 (الصين)

تم في العام 2018 استكمال تطوير «الحصادة» Kun Long 500 من قبل معهد تشانغشا لأبحاث التعدين والمعادن وجامعة جنوب وسط الصين. وتم تصميمها لأغراض البحث والاختبار.

أكملت “كون لونغ 500” تجاربها في بحر الصين الجنوبي على عمق 514 متراً. حيث تم اختبار الزحف على قاع المحيط والتجميع الهيدروليكي للعقيدات.

 

MineRo I  و MineRoII ـ كوريا الجنوبية

MineRo II (كوريا الجنوبية)

قام معهد كوريا لعلوم المحيطات والتكنولوجيا (KIOST) بتطوير «حصادات» MineRo  بنسختين بين العامين 2007 و 2013.

وتم اختبارها الحصّادة MineRoII مع نظام رفع متطور، على عمق 1370 متراً. وتمكنت هذه «الحصادة» من جمع حوالي 1535 طناً من العقيدات المتعددة المعادن.

 

باتانيا 2  ـ ألمانيا، بلجيكا

باتانيا 2 (ألمانيا، بلجيكا)

تم تطويرها من قبل شركة GSR (شركة تابعة لمجموعة DEME البلجيكية) والمعهد الفيدرالي الألماني للعلوم الجيولوجية والموارد الطبيعية (BGR). وهي قادرة على جمع العقيدات متعددة المعادن أو الفلزات. تم اختبار باتانيا 2 على عمق 4500 متر في العام 2019. وذكرت الشركة المصنعة، أنه تم جمع العقيدات بمعدل 110- 120 طن في الساعة. وجرى لاحقاً اختبارها في منطقة منطقة كلاريون كليبرتون في مايو 2021.

 

حصادة TMC ـ كندا

حصادة TMC (كندا)

قامت شركة ذا ميتالز الكندية TMC بتطوير وتحسين هذه «الحصّادة» لسنوات عديدة. وهي متخصصة بتجميع العقيدات المتعددة المعادن. وللتوضيح، فإنها تعتبر حالياً إحدى أكثر الحصّادات تقدماً وفعالية.

تم اختبار هذه الحصّادة في العام 2022  في منطقة كلاريون كليبرتون في المحيط الهادئ. وشملت الاختبارات جمع حوالي 3000 طن من العقيدات. وتم رفعها إلى سفينة الدعم باستخدام نظام مبتكر للرفع. كما تم استكمال الاختبارات في العامين 2023 و 2024 لتحديد التأثير على النظام البيئي حول المنطقة التي تم حصادها، كما تقول الشركة.

فاراها ـ الهند

الجصادة فارها (الهند)

تولى تطويرها المعهد الوطني لتكنولوجيا المحيطات (NIOT) في الهند. وكان المعهد قد بدأ تطوير معدات حصاد المعادن تحت سطح البحر منذ العام 1996. حيث أجرى العديد من التجارب على أعماق لم تتجاوز 500 متراً.

ونجح المعهد في العام 2020 بتطوير الحصادة فارها. وقد تم اختبارها لأول مرة في العام 2022، على عمق 5270 متراً في وسط المحيط الهندي. حيث تم جمع مئات الأطنان من المعادن. ويجري حالياً استكمال الاختبارات لتطوير «الحصادة» ونظام الرفع فيها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى