صناعة القوارب واليخوت في البحر الأحمر
نشر الرئيس التنفيذي لشركة زوارق للصناعة السعودية، سهيل كيّلو مقالاً على صفحته في منصة لينكدين، حول صناعة القوارب واليخوت، نعيد نشره لأهميته.
يُمثل البحر الأحمر، بمياهه الصافية، وتنوع الحياة البحرية فيه، وموقعه الاستراتيجي، إمكانات هائلة لتطوير صناعة القوارب واليخوت البحرية. وقد اتخذت المملكة العربية السعودية، إدراكًا منها لهذه الإمكانات، خطوات كبيرة في السنوات الأخيرة لتحديد موقعها كلاعب رئيسي في هذا القطاع، مواءمة جهودها مع رؤيتها الطموحة 2030.
رغم ذلك، لا تزال هناك العديد من الثغرات والتحديات التي يمكن أن تعرقل نمو هذه الصناعة ومن أبرزها ما يلي:
تطوير البنية التحتية
يندرج تحت هذه المسألة جملة من المرافق اللازمة من بينها:
- المراسي: يعد تطوير مراسي حديثة ومجهزة بشكل جيد أمراً ضرورياً لاستيعاب اليخوت والقوارب. وقد استثمرت المملكة العربية السعودية في بناء مراسي ونوادي يخوت جديدة. ولكن هناك حاجة إلى المزيد لتلبية الطلب المتزايد. وتعتبر المراسي الحالية الموجودة على إمتداد ساحل البحر الأحمر قليلة جداً وغير قادرة على استيعاب الطلب الحالي. ويوجد نقص حاد بالخدمات وأعمال الصيانة والدعم.
- مصانع القوارب واليخوت: بالرغم من التعداد السكاني الكبير في المملكة والمساحة الجغرافية الواسعة وتوفر سواحل مميزة، إلا أن قطاع صناعة القوارب الصغيرة والمتوسطة يعتبر متواضع جداً ولا توجد مصانع لليخوت. لا بد من إنشاء مواقع صناعية على ساحل البحر الأحمر مناسبة لبناء اليخوت والقوارب الكبيرة. وتحتوي على خدمات لوجستية متكاملة لصيانتها وأحواض جافة لخدمة اليخوت الكبيرة.
- مرافق الإصلاح والصيانة: تعد المرافق المناسبة لإصلاح القوارب وصيانتها وتجديدها ضرورية لجذب أصحاب اليخوت والاحتفاظ بهم. ولا يوجد الآن على ساحل البحر الأحمر مركز صيانة معتمد لليخوت قادر على توفير الحد الأدنى من الخدمات. ويفرض الواقع الحالي على أصحاب اليخوت الخروج من البحر الأحمر إما إلى البحر المتوسط أو إلى الخليج العربي لتنفيذ متطلبات الصيانة والإصلاح.
- سلاسل الوقود والإمدادات: من الضروري وجود سلاسل إمداد موثوقة للوقود والمؤن والخدمات البحرية الأخرى لدعم هذه الصناعة. المتوفر حالياً على سواحل البحر الأحمر بؤر محدودة ومتباعدة غير قادرة على تلبية احتياجاجت اليخوت الصغيرة والمتوسطة. خاصة في حال قيام هذه اليخوت بسلسلة من الرحلات الساحلية كالتنقل من مدينة لأخرى على سواحل البحر الأحمر.
إقرأ أيضاً: «البحر الأحمر الدولية»: تنمية سياحية واستدامة بيئية واجتماعية
الإطار التنظيمي:
- اللوائح الواضحة: يعد وجود إطار تنظيمي واضح وشفاف أمرًا ضروريًا لجذب الاستثمار الأجنبي وضمان الامتثال للمعايير الدولية. يعتبر دور هيئة البحر الأحمر السعودي ريادياً وهاماً جداً في تحقيق الأهداف والطموحات المتعلقة بالرؤية الوطنية 2030.
- العوائق البيروقراطية: يمكن أن يساهم تبسيط الإجراءات البيروقراطية وتقليل الروتين في تبسيط عملية الحصول على التصاريح والرخص. التحول الرقمي والتطبيقات الذكية على أجهزة الجوال هي بوابة لمستقبل واعد جداً بتيسير الإجراءات وتبسيط الأمور.
- المفقود على أرض الواقع: بالرغم من وجود نواة متواضعة لصناعة القوارب بالمملكة إلا أنها غير قادرة على النمو بدون دعم حكومي ومؤسساتي مباشر. هذه الجزئية مفقودة بالكامل الآن. ولنا في دول الجوار في مجلس التعاون الخليجي أسوة في الخبرة والتجربة تمتد لأكثر من عقدين في الإنفتاح والتطبيق في تأسيس بنية تحتية متكاملة وفعالة فى القطاع البحري.
أقرأ أيضاً: جلف كرافت: هيكلة وتوسع … فهل اقترب الاكتتاب العام
تطوير رأس المال البشري
تتطلب هذه الصناعة قوة عاملة ماهرة، تتمتع بخبرة في صناعة وإدارة اليخوت والصيانة والإصلاح.
ويمكن للتدريب ونقل الخبرة ان يساعد الاستثمار في تطوير المهارات والمعرفة اللازمة. والمطلوب إنشاء معاهد وأكاديميات بالتعاون مع جهات عالمية لتعليم الشباب والشابات الحرف الجديدة المطلوبة والداعمة لهذا المجال الحيوي. وتنمية الخبرات المطلوبة في كافة المجالات بما في خدمات الإبحار وإدارة المراسي.
الأولويات البيئية
تتمثل بالحفاظ على البيئة البحرية حيث يعد حماية النظام البيئي البحري الهش في البحر الأحمر أمراً ضرورياً للسياحة المستدامة والتنمية.
ويمكن أن تساعد اللوائح البيئية الصارمة في منع التلوث وإلحاق الضرر بالشعاب المرجانية. كما تشكل التوعية البيئية عنصراً مهماً في نشر المفاهيم الصحيحة والحث عليها لتصحيح اخطاء ومعتقدات شائعة لدى العامة. بما يكفل كسب أكبر تعاون ممكن في الحفاظ على البيئة البحرية.
العوامل الاقتصادية
يمكن أن تؤثر التقلبات الاقتصادية على الطلب على السلع الفاخرة مثل اليخوت والقوارب. وتعتبر السنوات الأخيرة شاهداً على تقلبات عميقة في القطاع البحري على امتداد البحر الأحمر. حيث أن السوق الحالي يمر بمرحلة إرتباك متأثرة بالمشاريع الساحلية العملاقة وتأخرها وفقدان التواصل المباشر بين كيانات المشاريع والسوق المحلي.و
ومن العومل المهمة في هذا المجال النجاح في تخفيض التكلفة ما يجعل القوارب واليخوت بأسعار معقولة. وبالتالي متاحة لعدد أكبر من الجمهور. ولا بد من تفعيل فرص شراء القوارب واليخوت بالتقسيط بما يسهم في تنشيط السوق المحلي والاقتصاد الوطني. خاصة إذا ترافق ذلك مع نشر الوعي والتشجيع على مشاريع الترفيه الساحلية والرياضات البحرية وجعلها من الأنشطة المعتادة وغير الإستثنائية.
الفرص ورؤية 2030
رغم مواجهة صناعة القوارب واليخوت البحرية في المملكة العربية السعودية التحديات المشار إليها، إلا أن رؤية المملكة 2030 تفتح آفاقاً واعدة لنمو هذا القطاع. فتركيز الحكومة على تنويع الاقتصاد وتعزيز السياحة يتماشى تماماً مع إمكانات هذه الصناعة. من خلال الاستفادة من هذه الرؤية ومعالجة التحديات القائمة، يمكن للمملكة أن تستغل موقعها الجغرافي المتميز ومواردها الطبيعية لترسيخ مكانتها كوجهة رائدة للقوارب واليخوت في منطقة البحر الأحمر. مما يساهم في تنمية الاقتصاد وفتح فرص استثمار جديدة.