مبادرة مستقبل الاستثمار في السعودية: التطوير المتوازي للنفط والطاقة المتجددة
وزير الطاقة: قد نكون الدولة الوحيدة التي ستحقق الربح من الطاقة المتجددة
شكلت الجلسة المتعلقة بقضية مستقبل الطاقة في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» في الرياض، المنصة المناسبة لاستعراض وتأكيد نجاح استراتيجية المملكة العربية السعودية في مقاربة هذه القضية. والتي يمكن تلخيصها بالموازنة بين تطوير مصادر الطاقة المتجددة، ومصادر الطاقة الأحفورية في آن واحد. بما يحقق أمن المناخ بدون التضحية بأمن الطاقة.
ولخص نجاح هذه الاستراتيجية، وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، بقوله: كانت المملكة من الدول القلائل التي استثمرت بكثافة في قطاع النفط والغاز في الوقت الذي تهيبت فيه بقية الدول والشركات. وشدد على أن المملكة ملتزمة بالحفاظ على طاقة إنتاجية للنفط لا تقل عن 12 مليون برميل يومياً. ما يعني امتلاكها حالياً طاقة احتياطية تقارب 4 ملايين برميل. وهي كمية تكفل تحقيق توازن العرض والطلب في السوق في أي لحظة.
إقرأ أيضاً: أمن الطاقة وأمن المناخ: بين فضيلة الدمج ورذيلة الفصل (2 من 2)
وقال في كلمة خلال مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، ان المملكة تركز حالياً على زيادة استخدام النفط لإنتاج البتروكيماويات محلياً وخارجياً. قائلاً لهذا السبب تضخ شركة أرامكو السعودية استثمارات ضخمة في الصين. وسنستثمر أيضاً في أماكن أخرى لتعظيم الاستفادة من ثروة الهيدروكربونات لدينا.
«السعودية لا تعرف كلمة مستحيل»
بالمقابل حققت السعودية خلال سنوات قليلة نتائج متميزة في مسار تحول الطاقة. وهي تضاهي ما حققته دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في 50 سنة، كما قال الأمير عبد العزيز بن سلمان. مضيفاً: لا توجد أي دولة في العالم حققت خلال فترة وجيزة هذا التحول الكبير في مجال الطاقة. والذي يسهم في تسريع تحقيق مستهدفات رؤية 2030. منوهاً بأن «السعودية دولة لا تعرف كلمة مستحيل».
وشرح الإنجازات المحققة في مجال الطاقة المتجددة، بقوله: لقد أنتجنا 44 غيغاواط من الطاقة المتجددة منذ العام 2020. وذلك يمثّل نحو نصف الطاقة الإجمالية المركبة في بريطانيا. وحوالي 90 في المئة في السويد. موضحاً أنه سيتم توفير 20 غيغاواط من الطاقة المتجددة سنوياً. وقال وقّعنا بالفعل على عقود لتخزين حوالي 26 غيغاواط في البطاريات. وبحلول العام 2030 سنصل إلى 48 غيغاواط.
سنجنى أموالاً من تحول الطاقة
ولفت الأمير عبد العزيز بن سلمان إلى قضية بالغة الأهمية وهي تكلفة إنتاج الطاقة المتجددة. التي تشكل معضلة كبيرة في غالبية الدول. فقال: نواصل تحقيق أرقام قياسية في أسعار توليد الطاقة المتجددة. وأكد أن المملكة قد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي ستجني أموالاً من التحول نحو الطاقة المتجددة.
والحقيقة إن السعودية قطعت شوطاً بعيداً في توظيف الطاقة المتجددة في خطط تنويع الاقتصاد. وهو ما أكده وزير الطاقة بقوله: نعمل على تصدير جميع أنواع الطاقة. واستخدام اقتصاد الكربون الدائري، ثم نقفز إلى التصنيع وتصدير المنتجات المصنعة. لأننا نريد تعزيز تنويع الاقتصاد، وخلق القيمة، وتحقيق المرونة في سلسلة التوريد، وخلق فرص العمل.
تطوير وتصدير الهيدروجين
ويلاحظ في هذا السياق الدخول القوي للمملكة مجال طاقة الهيدروجين. حيث باتت دولة مصدرة للأمونيا الزرقاء والخضراء. وستتعزز هذه الوضعية كثيراً بعد تشغيل مشروع نيوم للهيدروجين الأخضر الذي يعتبر أكبر مشروع من نوعه في العالم. والأهم من الحجم، أنه الأسرع تنفيذاً. كما يتميز المشروع بأنه تم سلفاً بيع كامل إنتاجه. وهو ما أشار إليه وزير الطاقة قائلاً: نحن في الواقع أكبر منتج للهيدروجين. ونحن جاهزون لتصدير الهيدروجين الأخضر والنظيف إلى العالم، مع ضمان توفره محلياً.
الناصر: مواصلة الاستثمار في النفط
جاءت أكثر المداخلات مباشرة في الدفاع عن النفط والغاز، من قبل رئيس وكبير المدراء التنفيذيين في شركة أرامكو السعودية أمين الناصر، الذي أكد ان توجه المملكة نحو تطوير الطاقات المتجددة لا يعني التخلي عن النفط والغاز. وشدد على عزم المملكة مواصلة تنمية قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات، مع العمل في خط مواز على تنمية الطاقة من المصادر المتجددة.
إقرأ أيضاً: «نيوم للهيدروجين الأخضر»: أرقام قياسية ونموذج استرشادي
وفي تناغم ملفت بشأن التوجهات النفطية والمالية والاقتصادية، دعا محافظ البنك المركزي السعودي أيمن السياري إلى: توخي الحذر واتخاذ إجراءات متوازنة وحصيفة في التحول التدريجي لمصادر أخرى غير الوقود الأحفوري.
الرميان: توفير الطاقة لمراكز البيانات
وظهر هذا التناغم والتكامل بين مختلف التوجهات والسياسات في مداخلة محافظ صندوق الاستثمارات العامة ياسر الرميان خلال مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، أشار فيها إلى أن ثورة الذكاء الاصطناعي وتضخم مراكز البيانات خلق ارتفاعاً كبيراً في الطلب على الطاقة الكهربائية. الأمر الذي رأى فيه سبباً إضافياً يدفع السعودية كأحد أكبر منتجي النفط إلى تنويع مصادر الطاقة. خاصة وإن المملكة تطمح لأن تلعب دوراً في هذا المجال، كما قال. معتبراً أن السعودية تتمتع بمكانة جيدة للغاية لتصبح مركزاً عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي. كما أنها تحاول جذب نسبة من الطلب العالمي على مراكز البيانات قد تصل إلى 10 في المئة.