أهم العوامل الاقتصادية المؤثرة في أسواق النفط في 2025
يعدّ مدى قوة الدولار الأميركي ومستويات أسعار الفائدة والنمو الاقتصادي من أهم العوامل الاقتصادية التي تؤثر في أسواق النفط. ولعل أكثر السيناريوهات تشاؤماً هو ارتفاع الدولار الأميركي مع اشتداد حدة الحروب التجارية بين الولايات المتحدة وبقية العالم، بما في ذلك كندا وأوروبا والصين. في وقت تقوم بعض دول «أوبك» بزيادة الإنتاج بضغط من الرئيس المنتخب دونالد ترامب للتعويض عن انخفاض متوقع في صادرات إيران النفطية بعد تشديده للعقوبات عليها. هذا السيناريو المزعج لا يعني انخفاض أسعار النفط في 2025 فقط. ولكنه يؤثر في توازن السوق حتى في عام 2026. ويعني في النهاية أن تقوم مجموعة الثمانية في «أوبك+» بتمديد التخفيضات الطوعية، ولكن مع أسعار منخفضة.
إقرأ أيضا: أسعار النفط بين السوق و «والميدان»
وبالعكس، أكثر السيناريوهات تفاؤلاً هو انخفاض الدولار الأميركي وتخفيف حدة الحروب التجارية أو إنهائها. وعدم تجاوب بعض دول «أوبك» مع طلبات ترامب لزيادة الصادرات. بخاصة أن صادرات إيران لن تنخفض مع تشديد العقوبات كما يطمح ترامب. وزيادة الطلب على النفط تعني قيام مجموعة الثمانية في «أوبك+» بزيادة الإنتاج تدريجاً حتى تنتهي التخفيضات الطوعية.
سعر صرف الدولار
تلعب أسعار الصرف دوراً كبيراً في أسواق النفط. فالنفط يُسعّر بالدولار، ويُباع ويُشترى بالدولار. (بشكل عام علينا أن نفرق بين التسعير والإيرادات، التسعير بالدولار على كل الحالات ولكن الإيرادات يمكن أن تحوّل من الدولار إلى أي عملة أخرى). بشكل عام، ارتفاع الدولار مع بقاء أسعار النفط على حالها يعني أن فاتورة استيراد النفط في الدول التي انخفضت عملتها مقابل الدولار ارتفعت. بعبارة أخرى، النفط يصبح أغلى في البلاد التي تنخفض عملاتها. وهذا يخفض الكميات المطلوبة، ومن ثم يحد من نمو الطلب العالمي على النفط.
والعكس صحيح، انخفاض الدولار بشكل ملحوظ يعني بالضرورة أن النفط أصبح أرخص في الدول التي ارتفعت عملاتها مقابل الدولار، ومن ثم تزيد الكمية المطلوبة.
حالياً، ارتفاع الدولار مقابل العديد من العملات الأخرى يحد من نمو الطلب على النفط.
أسعار الفائدة
تلعب أسعار الفائدة دوراً كبيراً في أسواق النفط على جانبي العرض والطلب. تاريخياً كان انخفاض أسعار الفائدة داعماً لأسعار النفط، ولكن الأمر تغير بعد ثورة النفط الصخري الأميركي.
انخفاض أسعار الفائدة يمكّن الشركات من الاقتراض والتوسع. وهذا يزيد من الأنشطة الاقتصادية، ويرفع الطلب على النفط ويدعم ارتفاع أسعاره. ولكن مع وجود آلاف الشركات الأميركية الصغيرة التي تنتج النفط الصخري، فإن انخفاض أسعار الفائدة يعني في النهاية زيادة إنتاج النفط وانخفاض أسعاره، وهذا ما رأيناه في السنوات السابقة. الآن، في 2025، انخفاض أسعار الفائدة سينشّط الاقتصاد من دون أن تكون هناك زيادة كبيرة في إنتاج النفط الصخري. وذلك بسبب موجة الاستحواذات في العامين الأخيرين التي جعلت شركات النفط الكبيرة هي المتحكّمة بالإنتاج، بدلاً من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعيش على القروض.
باختصار، انخفاض أسعار الفائدة في 2025 سيدعم أسعار النفط.
النمو الاقتصادي
العلاقة بين النمو الاقتصادي العالمي والطلب على النفط أصبح بديهة بعد عقود من العلاقة الطردية بينهما. إلا أن العلاقة ضعفت في السنوات الأخيرة مقارنةً بالماضي بسبب هجرة المصانع من الغرب إلى الشرق. وتحول بعض الاقتصادات إلى اقتصادات خدمية، وانتشار السيارات الكهربائية. هذا يعني أنه يجب النظر إلى العلاقة بين النمو الاقتصادي والطلب على النفط بحسب المنطقة وبحسب كل بلد.
أقرأ أيضاً: إنتاج النفط الأميركي: بين فائض الوعود وفائض الأسواق
ولعبت الصين دوراً كبيراً في نمو الطلب على النفط في السنوات الـ 20 الأخيرة، فيما انخفض نمو الطلب على النفط في الدول الغربية. وكان السبب الرئيس لانخفاض نمو الطلب العالمي على النفط بأقل من التوقعات وانخفاض أسعار النفط في 2024 هو تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني. وشارك في ذلك أيضاً التباطؤ الاقتصادي في الولايات المتحدة والهند.
في 2025، لا يتوقع أن يكون هناك نمو اقتصادي كبير في هذه الدول إلا إذا تم التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحروب التجارية. وفي حال قيام الرئيس ترامب بشن حروب تجارية قوية، فإن هذا قد يؤدي إلى ركود اقتصادي عالمي وانخفاض الطلب على النفط وانهيار الأسعار، على رغم تخفيضات «أوبك+».
خلاصة القول إنه يتوقع أن تستمر الأمور على ما هي عليه: ما كان في 2024 سيستمر في 2025، ومن ثم ليست هناك أسباب قوية لارتفاع أسعار النفط أو انخفاضها عن المستويات الحالية.
تراجع السيارات الكهربائية
هناك تراجع كبير في مشتريات السيارات الكهربائية مقارنةً بالتوقعات في شتى أنحاء العالم ما عدا الصين. وشهدت ألمانيا تراجعاً كبيرة في أعداد السيارات الكهربائية في 2024 بعدما أوقفت الحكومة الإعانات. ويتوقع أن يتكرر ذلك في الولايات المتحدة في عام 2025 بعد أن يقوم ترامب بإلغاء الإعانات للسيارات الكهربائية. عدد السيارات الكهربائية حالياً على الطرق أقل بنحو 20 مليون سيارة مقارنةً بما كان متوقعاً. هذا يعني أنه يجب تعديل توقعات الطلب على النفط للسنوات المقبلة صعوداً. أضف إلى ذلك أن تصنيع الألواح الشمسية وعنفات الرياح والسيارات الكهربائية يتطلب كميات ضخمة من المنتجات البتروكيماوية التي تعتمد على النفط والغاز. لهذا نرى أن كل التوقعات تشير إلى زيادة طلب قطاع البتروكيماويات على النفط.
هذه العوامل الأساسية المتضاربة تشير إلى أن وضع أسواق النفط في 2025 لن يتغير كثيراً عما كان عليه في عام 2024. ولا يمكن تجاهل العوامل السياسية. والتي تشير أيضاً إلى أن الوضع في 2025 في أسواق النفط لن يختلف كثيراً عن الوضع في 2024.
نشر في إندبندنت عربية