لبنان: العدل، الطاقة، الاتصالات هي الوزارات السيادية… فهل يعين «خبراء» سياديون لها؟
صوان، بارودي، نخلة، حطيط... أقدم يا دولة الرئيس
… بافتراض أن التسوية في لبنان قد تمت… وأن خطاب القسم هو خارطة الطريق، المرسومة بتوافق دولي ـ إقليمي، للخروج من «قاع جهنم» الفساد والانهيار. ووضع البلد على سكة الإصلاح والازدهار…
… وبافتراض أنه لا إمكانية لنسف التسوية أو تعطيل مسار الإصلاح من قبل القوى المحلية المتضررة. وهي كثيرة ومتنوعة، تشمل فئات في مختلف الطوائف والأحزاب والنقابات و «الهيئات والجمعيات»، وحتى بعض التكتلات النيابية «التغييرية والمتغيرة».
… وبافتراض أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف سينجحان في نزع الألغام المزروعة والتي ستزرع على طريق تشكيل الحكومة العتيدة، بالاستناد إلى دعم الغالبية العظمى من الشعب اللبناني، وعلى دعم دولي ـ عربي غير مسبوق.
إعادة تعريف الوزارات السيادية
عند هذا الحد أولاً، تبرز أهمية فنون «تدوير الزوايا» بما يكفل تشكيل حكومة فاعلة يستند بيانها الوزاري وعملها إلى روحية خطاب القسم. وبما يكفل من ناحية أخرى منع التصادم، و «تعطيل لغم» شد العصب الطائفي الذي تراهن عليه، للتعطيل، القوى المتضررة.
وعند هذا الحد ثانياً، قد يكون المطلوب إعادة تعريف الوزارات السيادية أو الوزارات المهمة مثل الخارجية والدفاع والداخلية. أو «الدسمة» مثل الأشغال والصحة. فالسياسة الدفاعية والوزارة بالتبعية، محكومة بسقف الإجماع الشعبي على الدور الوطني الذي يقوم به الجيش اللبناني. وكذلك على الدعم العربي والدولي المباشر للجيش الذي أرسى دعائمة العماد جوزاف عون. والسياسة الخارجية والوزارة بالتبعية، محكومة بسقف التوافق العربي الدولي الخ… وينطبق ذلك على وزارة الداخلية. ما يعني أن هذه الوزارات السيادية قد لا تكون في هذه المرحلة الانتقالية، بذات أهمية المراحل الماضية والمستقبلية.
… و الوزارات «الدسمة»
أما الوزارات «الدسمة» والتي تشمل وزارة المالية في جانب منها، فالمرجح ان تصبح «خالية الدسم» لأنها ستكون محكومة بسقف الموازنة العامة. والتي ستمول حصراً من الإيرادات العامة. فالمساعدات والمنح وحتى القروض، يتوقع أن يتم إنفاقها على مشاريع محددة وبإشراف مباشر من الدول والجهات المانحة.
… وعند هذا الحد ثالثاً، تعتبر مصادر مقربة من شخصيات مطروحة «للتوزير»، أن أكثر الوزارات أهمية و ربما «سيادية» في هذه المرحلة الانتقالية هي وزارات العدل والاتصالات والطاقة. فوزارة العدل وإصلاح النظام القضائي هي المدخل الرئيسي الأول لتحقيق الإصلاح وبناء المؤسسات، وتحريك الاقتصاد وجذب الاستثمارات.
أما وزارة الاتصالات فهي المدخل الرئيسي الثاني لإعادة بناء الاقتصاد الوطني القائم أصلاً على الخدمات. خاصة وانها المكلفة قانوناً لكي لا نقول «زوراً وبهتاناً» بإدارة شركتي الاتصالات، واللتيين تحولتا إلى «المزراب أو النهر الكبير» للفساد والصفقات، بعد أن انخفض منسوب «نهر» وزارات الأشغال والطاقة (الكهرباء) والصحة.
الطاقة: «سوبر» وزارة
ولتبقى وزارة الطاقة هي المدخل الرئيسي الثالث لإعادة بناء الاقتصاد الوطني. لأنها «سوبر وزارة» تجمع أربعة قطاعات هي الكهرباء والماء والنفط والطاقة المتجددة، بانتظار فصلها إلى وزارتين. فلا اقتصاد ولا دولة ولا مؤسسات بدون كهرباء. أما قطاع النفط والغاز والطاقة المتجددة فهو القاطرة المؤهلة لجر الاقتصاد اللبناني نحو الانتعاش والنمو.
ويلعب اختيار الوزير المناسب دوراً حاسماً في قيام وزارة الطاقة بالدور المطلوب منها. نظراً للصلاحيات شبه الكاملة التي يمنحها الدستور والقوانين للوزير. وذلك أمر قد يكون واجب التعديل لصالح تقاسم الصلاحيات مع إدارة هيئة قطاع البترول، بعد إعادة هيكلتها لتصبح هيئة ناظمة فعلاً.
وعلمت «طاقة الشرق» ان الرئيس نواف سلام الذي يدرك تماماً أهمية هذه الوزارة، يسعى إلى «توزير» شخصيات مشهود لها بالكفاءة والنزاهة وقبل هذا وذاك تمتلك الخبرة اللازمة. ونشير في هذا السياق إلى تجربة مصر للدلالة على أهمية الخبرة. فقد حققت مصر نقلة نوعية في قطاع النفط والغاز بعد تكليف المهندس طارق الملا بمهام وزارة البترول والثروة المعدنية. وهو الذي تولى خلال ربع قرن تقريباً مناصب قيادية في شركة «شيفرون». وتم تعيين خلفاً له هو المهندس كريم بدوي الذي تولى مناصب قيادية أيضاً في شركة «شلمبرجير».
وهناك عشرات اللبنانيين واللبنانيات الذين يتولون مناصب مهمة في شركات نفط عالمية، أو خبراء مشهود لهم في قطاع النفط والغاز، يمكن إسناد وزارة الطاقة لهم. من بينهم على سبيل المثال وائل صوان رئيس شركة شل، وإن كان مستبعداً أن يقبل بترك منصبه، رودي بارودي، كارول نخلة، ناصر حطيط… والقائمة تطول… بانتظار فرصة لوضع خبراتهم في خدمة وطنهم…
… أقدم يا دولة الرئيس