خبير في «أوابك»: صادرات الغاز المسال ستعاود الانتعاش العام المقبل  

رغم نموها المتواضع بنسبة 1.6 في المئة، حققت تجارة الغاز الطبيعي المسال رقماً قياسياً في العام 2024 قدره حوالي 411 مليون طن. لتؤكد مكانة الغاز الطبيعي كمكون رئيسي في مزيج الطاقة العالمي. أما الصادرات العربية فقد حافظت على حصتها السوقية وقدرها 26.4 في المئة، وذلك رغم تراجعها بنسبة 3 في المئة، كما قال خبير أسواق الغاز والهيدروجين في «أوابك» وائل عبد المعطي. متوقعاً أن يستقر مستوى الصادرات العربية خلال العام الحالي، على أن يشهد نمواً كبيراً في العام 2026.

العقوبات والعوامل الجيوسياسية

وائل عبد المعطي

أرجع عبد المعطي معدل النمو المحدود، وهو الأدنى منذ العام 2020، إلى جملة أسباب من أبرزها؛ دخول عدد قليل من المشاريع الجديدة مرحلة الإنتاج التجاري. وهي مشاريع ذات طاقات إنتاجية محدودة، وتشمل مشروع في الكونغو وآخر في المكسيك بطاقة إجمالية للمشروعين تبلغ نحو 2 مليون طن سنوياً. علاوة على تأخر تشغيل بعض المشاريع الجديدة التي كان من المتوقع تشغيلها في وقت مبكر من العام 2024.

يضاف إلى ذلك السبب المتعلق بالعقوبات الأوروبية والأميركية التي استهدفت مشاريع الإسالة الجديدة في روسيا وتحديدا مشروع «اركتيك 2». ما أدى إلى حرمان السوق العالمي من حوالي 6 ملايين طن نتيجة تعثر المشروع. كما لعبت التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، دوراً مهماً في تراجع صادرات بعض الدول التي أعطت الأولوية لتلبية الطلب المحلي عوضاً عن التصدير.

أسباب سياسية ومناخية وفنية، وراء تراجع الإمدادات العام الماضي

أما عن العام 2025، فمن المتوقع وفق تقديرات «أوابك» أن ترتفع الإمدادات العالمية بنحو 4 في المئة عن معدلات 2024. ويرجع ذلك إلى المشاريع الجديدة المخطط تشغيلها في الولايات المتحدة وكندا وأفريقيا، ولكن سيكون أثر نمو الإمدادات واضحاً بشكل أكبر في النصف الثاني من العام.

إقرأ أيضاً: «أركتيك 2» الروسي يسيل غاز القطب الشمالي والعقوبات الأميركية «تجمده»

الصادرات العربية

على مستوى المنطقة العربية، تراجعت صادرات الغاز خلال العام 2024 بنسبة 3 في المئة. لكن لم يؤثر كثيراً على حصتها السوقية التي بلغت نحو 26.4 في المئة من إجمالي الصادرات العالمية. مع تسجيلها نحو 108.6 مليون طن.

ويعود هذا التراجع حسب عبد المعطي إلى توقف الصادرات من مصر وهي إحدى الدول العربية الخمس المصدرة، بداية من شهر مايو، بموجب قرار من السلطات الرسمية لتأمين احتياجات السوق المحلية. كما تراجعت صادرات الجزائر بنحو 11 في المئة نتيجة أعمال صيانة بعض محطات الإسالة. لكن من جانب آخر تمكنت الجزائر من تعزيز صادراتها عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا لتحل في المرتبة الثانية بعد النرويج ضمن أكبر المصدرين.

إقرأ أيضاً: أميركا تنتزع صدار الغاز المسال من قطر و«تنادي» بالتخلص منه !

ومن المتوقع حسب «أوابك» أن تستقر صادرات الدول العربية خلال العام الحالي عند مستويات العام الماضي أو أزيد قليلاً في حدود 1 في المئة. على أن تشهد نمواً كبيراً بداية من العام 2026 مع تشغيل المرحلة الأولى من مشروع توسعة حقل الشمال في دولة قطر. ليقترب إجمالي الصادرات العربية من الغاز  من 120 مليون طن.

موريتانيا تدخل نادي الدول المصدرة

مع دخول شهر فبراير من العام الجاري، نجحت موريتانيا في إنتاج أول قطرة من الغاز الطبيعي المسال من حقل «السلحفاة– أحميم الكبير». الأمر الذي وصفه وائل عبد المعطي بأنه يشكل علامة فارقة في تاريخ موريتانيا، التي تتأهل للدخول ضمن مجموعة الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال. كما أنه يمهد الطريق أمام تنفيذ مراحل جديدة في مشروع «السلحفاة – أحميم» لإنتاج المزيد من الغاز الطبيعي المسال. ما يسمح بزيادة القدرة الإنتاجية إلى أضعاف القدرة الحالية التي تقدر بنحو 2.3 ملايين طن سنوياً، لاستغلال احتياطيات الحقل التي تقدر بنحو 15 تريليون قدم مكعب.

مشروع «السلحفاة ـ أحميم الكبير» يُدخل موريتانيا نادي الدول المصدرة للغاز

كما يشكل ذلك دخول مورد جديد للغاز الطبيعي المسال من دولة ذات إمكانيات كبيرة من الغاز. ولها موقع جغرافي متميز يتسم بقربه من الأسواق الأوروبية، وبعده عن أية اضطرابات في مسارات الملاحة البحرية. كما سيعزز ذلك من حصة الدول العربية ومساهمتها في التجارة الدولية للغاز الطبيعي المسال.

الغاز بين إدارتي بايدن و  ترامب

في سياق آخر، أوضح وائل عبد المعطي أن قرار إدارة بايدن بوقف منح تراخيص لتصدير الغاز الطبيعي المسال كان له تأثير كبير في وقف موجة الاستثمارات في مشاريع جديدة حيث لم يتم اتخاذ قرار الاستثمار النهائي في أي مشروع إسالة جديد داخل الولايات المتحدة، في سابقة غير معهودة في السنوات الأخيرة. كما تراجع نشاط الشركات الأميركية في إبرام تعاقدت طويلة المدة لبيع الغاز الطبيعي المسال الأميركي بنسبة 70 في المئة مقارنة بعام 2023.

لكن في المقابل، وكما يقال مصائب قوم عند قوم فوائد، تم اتخاذ قرار الاستثمار في أربعة مشاريع جديدة من بينها مشروع «سيدار» في كندا، وفي الإمارات لمشروع الرويس للغاز الطبيعي المسال، وسلطنة عمان لمشروع مرسى للغاز الطبيعي المسال. بل وتصدرت الدول العربية المصدرة للغاز الطبيعي المسال المشهد العالمي في مجال التعاقدات بإبرام نحو 16 اتفاقية جديدة لبيع كمية تعاقدية إجمالية 23.4 مليون طن/السنة.

لكن بإصدار الرئيس ترامب، أمراً تنفيذياً بإلغاء قرار وقف تراخيص التصدير، توقع عبد المعطي أن تعود موجة الاستثمارات في مشاريع الإسالة التي كانت تنتظر قرار الاستثمار النهائي. كما توقع أن تشهد الفترة المقبلة نشاطاً في توقيع اتفاقيات طويلة المدة لشراء الغاز المسال الأميركي من المشاريع الجديدة. الأمر الذي سيشعل المنافسة على جذب مشترين جدد مع كبار المصدرين في السوق العالمي. وبالأخص دولة قطر التي  تسعى لبيع كامل إنتاجها المستقبلي الذي يقدر بنحو 32 مليون طن سنويا، من توسعة القطاعين الشرقي والجنوبي في حقل الشمال.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: