محمية جزر النخيل في لبنان: تنوع وتاريخ عريق… وإهمال حكومي

محمية جزر النخيل الطبيعية تعتبر إحدى أهم المحميات البحرية في حوض البحر الأبيض المتوسط. وهي من أجمل المحميات في لبنان، وأكثرها تنوعاً بثروتها النباتية والسمكية وبتراثها التاريخي. ولكنها قد تكون من أكثر المحميات إهمالاً من قبل الحكومات المتعاقبة.

تقع المحمية على بعد 5 كلم من مدينة طرابلس. وتتكون من ثلاث جزر هي:
- جزيرة النخيل: تبلغ مساحتها حوالي 20 هكتاراً. وتقسم الى قسمين رملي وصخري. وتحتوي على بئر للمياه العذبة. وإذا وجد الماء وجدت الحياة كما يقول رئيس لجنة المحمية عامر حداد. حيث تتميز بتنوع الثروات النباتية. كما تحتوى على آثار تعود للقرن الثالث الميلادي، من بينها كنيسة بناها الصليبيون. وتقول إحدى الروايات أن الكنيسة شهدت عام 1224 حفل زفاف ملك أنطاكية «بوهيموند الخامس» من الملكة «أليس» أرملة «هيو الاول» حاكم قبرص. ويجري العمل حالياَ لإعادة ترميم الكنيسة وتحويلها الى معلم تراثي سياحي. وتعرف أيضاً بجزيرة الارانب. لأن ضباط الجيش الفرنسي استقدموا خلال فترة الانتداب كمية كبيرة من الأرانب الى الجزيرة لممارسة هواية الصيد.
- جزيرة رامكين: كانت تعرف باسم جزيرة الفنار لوجود منارة شيدها الفرنسيون لإرشاد السفن. وفيها بقايا مواقع عسكرية وخنادق تعود لفترة الانتداب الفرنسي.
- جزيرة سنني: اكتسبت إسمها من صخورها المسننة المتآكلة بفعل الأمواج. وذلك ما حرمها استقبال الزوار فبقيت مقراً للطيور. وهي أصغر جزر المحمية.
أهميتها وتصنيفها عالميا
تم تصنيف الجزر كمحمية طبيعية بموجب المرسوم رقم 121 الصادر في 12/3/1992، أي قبل انشاء وزارة البيئة. اما اليوم فهي تحت إشراف الوزارة. وتدار المحمية من قبل لجنة يترأسها حالياً عامر حداد ومندوب عن كل من بلدية طرابلس وبلدية الميناء، وخمسة اخصائيين بالبيئة البحرية وإحدى الجمعيات المحلية المعنية بالبيئة.
إقرأ أيضاً: محمية أرز الشوف: حماية الشجر وتنمية البشر
إقرأ أيضاً محمية حرش إهدن: رافعة للسياحة البيئية والريفية
ونالت المحمية اعترافًا دوليا بتميزها وتنوعها الإيكولوجي البري والبحري الفريد وانظمتها البيئية. مما جعلها عضواً في شبكة مديري المناطق المحمية البحرية في البحر الأبيض المتوسط “ميدبان MedPAN”. ويقول رئيس لجنة المحمية، أنه تم اختيارها كواحدة من أهم 30 محمية بحرية في البحر الأبيض المتوسط في مؤتمر حماية البحر المتوسط.
كما حظيت المحمية بعضوية اتفاقية رامسار للحفاظ والاستخدام المستدام للمناطق الرطبة. وكذلك وقع لبنان في العام 2002 على الاتفاقية “الاوراسية AEWA” للحفاظ على الطيور المهاجرة.
ومحمية جزر النخيل هي عضو في اتفاقية برشلونة لحماية البيئة البحرية الساحلية للبحر المتوسط التي دخلت حيز التنفيذ عام 2004. كما وقعت لجنة المحمية اتفاقية توأمة بين محمية جزر النخيل وميرامار الإيطالية لتبادل الخبرات والأبحاث البيئية البحرية.
الميزات الطبيعة لمحمية جزر النخيل
تتميز المحمية بكونها ممراً ومستقراً لحوالي 156 نوعاً من الطيور المعرضة لخطر الانقراض مثل النورس الأسود واللقلق الأبيض والفلامنغو.
وتعتبر شواطئها الرملية من أهم المواقع المتبقية لتفريخ السلاحف البحرية المعرضة لخطر الإنقراض مثل السلحفاة الخضراء وسلحفاة الرأس الكبير. كما تتميز بكثرة المغاور على الشاطئ الصخري ما يجعلها المكان المناسب لولادة فقمة البحر المتوسط. وهذا النوع من الفقمات مصنف عالمياً في المرتبة السادسة للأنواع المهددة بالإنقراض.
وتعتبر أراضي المحمية سواء المغمورة بالمياه أو الرملية مكاناً مناسباً لتفريخ حوالي 708 أنواع من الأسماك ولتكاثر الإسفنج. وتنفرد جزر النخيل بأنواع عديدة من النباتات الطبية.
أنشطة المحمية
تفتح محمية جزر النخيل أبوابها للزوار خلال فصل الصيف فقط، كما يقول رئيس لجنة المحمية ورئيس جمعية التربية البيئية، عامر حداد. ويسمح لصيادي الأسماك وأسرهم وأهالي المنطقة بالدخول المجاني إليها. وتقفل المحمية باقي أيام السنة وتكون تحت حماية الجيش اللبناني. حيث يسمح بالدخول اليها بأذن مسبق للباحثين ومعدي الدراسات البيئية.
ويشير حداد إلى أن اللجنة قامت بإعداد دراسة شاملة لتطوير المحمية بتكليف من وزارة البيئة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP. ويتم تنفيذ خطط التطوير التي تضمنتها الدراسة، بشكل تدريجي بسبب عدم توافر التمويل الكافي. كما قامت لجنة المحمية بحصر وتصنيف الحياة البحرية والبرية والطيور، والعديد من الأبحاث الاخرى.
ويضيف ان العمل جاري لتطوير إدارة المحمية من خلال مشروع بدأنا به العام المنصرم ومدته خمس سنوات، ويتم تمويله من جهات مانحة خارجية. ويشمل تشكيل فريق عمل للمحمية يضم حراس وأدلاء سياحيين وعمال للنظافة والصيانة.
وينوه عامر حداد بالهبة التي حصلت عليها المحمية من الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي (AICS). وهي عبارة عن قارب سريع يستخدم للمراقبة ولتسهيل حركة فريق العمل.
تاكسي بحري وغواصة
ويطالب رئيس لجنة محمية جزر النخيل، الدولة اللبنانية بتوفير التمويل اللازم لتنفيذ مخطط التطوير. إضافة إلى تأمين التسهيلات المطلوبة خصوصا وسائل النقل الحديثة والآمنة لنقل الزوار. وكشف عن مشروع كبير يعمل عليه بالتنسيق مع البلدية والمجتمع المحلي لجعل شاطئ المينا عبارة عن “مينا باي”. وتنظيم نقل بحري منتظم بين بيروت وطرابلس بوساطة «تكسي بوت». على أن يتم نقل الزوار الى المحمية بواسطة غواصة صغيرة أو قوارب سريعة. وهو الأمر الذي يجعل زيارة المحمية ممتعة ومفيدة. ويسهم بالوقت ذاته بتشجيع السياحة البيئية وتوفير مصدر دخل للمحمية يساعد على تطويرها.
ويختم حداد بالقول أن تطوير وتنمية محمية جزر النخيل هو عامل مهم في تطوير وتنمية طرابلس والشمال عموماً. متمنياً أن تحظى طرابلس ومحمية جزر النخيل بالاهتمام اللازم من قبل الحكومة والعهد الجديد.