; لماذا أوقفت أميركا تراخيص تصدير الغاز ؟! - طاقة الشرق TAQAMENA

لماذا أوقفت أميركا تراخيص تصدير الغاز ؟!

أميركا الحائرة بين النفط والمناخ، حيرت العالم معها. فهي في صدارة الدول المنتجة والمصدرة للوقود الأحفوري. وهي أيضاً في صدارة الدول المناهضة له دعماً للمناخ. وآخر فصول «حالة الانفصام» هذه، مبادرة إدارة بايدن أواخر الشهر الماضي، إلى وقف إصدار تراخيص تصدير الغاز المسال. في محاولة «يائسة» للموازنة بين الالتزامات المناخية وبين المنافع الاقتصادية والسياسية للوقود الأحفوري، وربما بعض المكاسب الانتخابية.

إقرأ: بين أمن الطاقة وأمن المناخ: إرتبكت أميركا وأربكت العالم (1 من 2)

تقضي المبادرة بتجميد الموافقات على طلبات التصدير. بانتظار «دراسة معمقة للآثار البيئية والمناخية للصادرات الإضافية». مع التوجيه بوضع معايير أكثر صرامة والتشدد في تطبيقها. وبررت الإدارة القرار بأن الدراسة المعتمدة حالياً قديمة، ولا تعكس المعلومات المستجدة حول كمية الميثان. وهو المكون الرئيسي للغاز الطبيعي. وأكد ذلك الرئيس بايدن بقوله: «يجب إجراء تقييم دقيق لتأثير صادرات الغاز المسال على أسعار الطاقة، وأمن الطاقة، والبيئة في أميركا. وكذلك على أزمة المناخ التي تعتبر الخطر الأكبر الذي يهدد وجودنا».

تهديد وهمي لزيادة الصادرات، فالمشاريع الجديدة المتوقع تشغليها حتى 2028، حصلت سلفاً على التراخيص

الطريف في القرار، أن توقيته قبيل الانتخابات الرئاسية، جاء استنساخاً لقرار مماثل اتخذه الرئيس بايدن فور توليه منصبه، تنفيذا لوعوده الانتخابية بمواجهة التغير المناخي. وقضى ذلك القرار بوقف مؤقت لبيع امتيازات النفط الفيدرالية. ولتتم بعد انتهاء حالة «المؤقت»، العودة إلى إصدار التراخيص.

هجوم مضاد من الجمهوريين

يبدو أن مصير القرار المتعلق بالغاز لن يختلف كثيراً. فلم يكد يمر أسبوع واحد على إصداره حتى شن الحزب الجمهوري هجوماً مضاداً اتسم بالشدة والعنف. إذ قامت لجنة مجلس النواب للعلوم والفضاء والتكنولوجيا بفتح تحقيق حول القرار. وطالبت وزيرة الطاقة جنيفر غرانهولم بتقديم تبرير مقنع لمدى الحاجة إلى دراسة جديدة تستغرق أكثر من عام كامل. وكذلك توضيح مدى تغير معطيات الدراسة الجديدة عن الدراسات السابقة. وألزمت اللجنة وزارة الطاقة بالإجابة خلال مهلة تنتهي آخر شهر فبراير الجاري. وأوضح رئيس اللجنة الجمهوري فرانك دي لوكاس الشكوك حول دوافع القرار بالقول: «بخلاف الأجندات السياسية، لم تجد اللجنة أي مبرر علمي لتعليق التراخيص. خاصة وان الدراسات السابقة تمت بدون تعليق الموافقات”.

«القطبة المخفية»

الحقيقة ان القرار يتضمن «قطبة مخفية». وهي أن التغيير في آلية إصدار الموافقات لن يكون له أي تأثير على إمدادات الغاز الأميركية حتى العام 2028. إذ يشير بنك Goldman Sachs أن محطات تصدير الغاز المتوقع أن تبدأ نشاطها خلال السنوات الخمس المقبلة، حصلت على الموافقات المطلوبة. علماً أن عدم التراجع عن القرار ـ وهو أمر مستبعد ـ سيؤدي إلى تعطيل عدد من مشاريع محطات الغاز الطبيعي المسال التي لم تحصل على التراخيص بعد. ومن بينها على سبيل المثال محطتين ضخمتين لشركة Venture Global LNG، وشركة Commonwealth lng في ولاية لويزيانا.

خلفيات القرار

بناء على ذلك يصح النظر إلى القرار انطلاقاً من اعتبارات سياسية وانتخابية محلية. فهو يمثل استجابة لمطالبة أنصار المناخ وهم كتلة انتخابية مؤثرة، بوقف نهائي للموافقات على طلبات التصدير. بما يكفل تخفيض إنتاج الغاز ووقف أنشاء المزيد من محطات التسييل. ما يؤدي بالتالي إلى تشجيع التحول إلى البدائل الأنظف للطاقة. وقد نظم هؤلاء «الأنصار»، اعتصاماً يومي 6 و 8 فبراير أمام وزارة الطاقة للمطالبة بوقف نهائي للموافقات.

في المقابل، يرى لوبي النفط والغاز أن وقف الموافقات ولو مؤقتاً يمثل إساءة وتهديداً للحلفاء الأوروبيين الذين يعتمدون على الغاز الأميركي كبديل للغاز الروسي، كما قال مايك سومرز، رئيس معهد البترول الأميركي الذي يمثل شركات النفط.

محاولة للموازنة بين التزامات التغير المناخي، والفوائد الاقتصادية والسياسية للوقود الأحفوري

يبدو أن صيغة المؤقت التي تركز عليها إدارة بايدن. هي مجرد محاولة لإمساك العصا من الوسط. إذ تسعى للموازنة بين التزاماتها بمواجهة التغير المناخي أولاً والفوز بأصوات أنصار البيئة والمناخ في الانتخابات الرئاسية ثانياً. وبين الفوائد الاقتصادية والجيوسياسية لإنتاج وتصدير النفط والغاز من جهة، والفوز بأصوات أنصار الوقود الأحفوري من جهة أخرى.

إلى أن تخرج أميركا من حالة «الحيرة والارتباك»، تبقى الحقيقة، أن أمن الطاقة هو المدخل والشرط الأساسي لأمن المناخ  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى