طاقة الاندماج النووي: أنواع المفاعلات وطرق الاندماج (5 من 5)
تناولنا في الأجزاء السابقة من هذا الملف التطورات المتسارعة للوصول إلى هدف استخدام الطاقة الهائلة للاندماج النووي لتوليد الكهرباء. فتم تحليل العوامل الدافعة ومنها المعطيات السياسية والاقتصادية والتنافس بين القوى العظمى ومتطلبات مواجهة التغير المناخي. كما تم تناول الدخول القوي والمتصاعد للقطاع الخاص مجال الاستثمار في صناعة الاندماج. ونستعرض في الجزء الأخير أنواع مفاعلات الاندماج النووي وطرق الاندماج. والتي يتم إجراء اختبارات مكثفة عليها في مختلف الدول تمهيداً للوصول إلى محطات توليد الطاقة الكهربائية.
تعتمد تجارب الاندماج النووي وأنواع المفاعلات، حالياً على طريقتين رئيسيتين؛ الأولى، الحبس المغناطيسي، والثانية الحبس بالقصور الذاتي (الليزر)، دون أن يعني ذلك استبعاد بقية الطرق والأجهزة من السباق.
وفي محاولة لرسم صورة واضحة قدر المستطاع، سيتم تقسيم هذا الجزء إلى قسمين: الأول أنواع مفاعلات الاندماج النووي وطرق الاندماج. والثاني خريطة الطريق من المفاعلات البحثية إلى المفاعلات الإيضاحية ومن ثم المحطات الكهربائية.
طرق الاندماج وانواع المفاعلات:
تستأثر طريقة الحبس المغناطيسي بالجزء الأكبر من المفاعلات العاملة في العالم (77 من أصل 115 مفاعلا) وطريقة الحبس بالقصور الذاتي (الليزر) وهي الأقل إنتشاراً (7 مفاعلات من أصل 115) رغم أنها قد تكون الأكثر قابلية للنجاح. إضافة إلى طرق أخرى لم تحظ بقبول واسع حتى الآن رغم ارتفاع عددها وهو 31 مفاعلاً والغالبية منها مملوك لشركات خاصة.
أولاً: الحبس المغناطيسي (MCF)
طريقتان رئيسيتان لتحقيق الاندماج هما الحبس المغناطيسي MCF (77 مفاعلاً من أصل 115) والحبس بالقصور الذاتي (الليزر) ICF (7 مفاعلات)
تم تطوير عدة نماذج من مفاعلات الاحتواء المغناطيسي، لا يزال أهمها حتى الآن مفاعلات توكاماك Tokamaks (وهي اختصار التسمية في اللغة الروسية “غرفة حلقية بملفات مغناطيسية”). وتم تصميمها، في العام 1951 من قبل عالمي الفيزياء السوفياتيين أندريه ساخاروف وإيجور تام. ومفاعلات ستلارايتور stellarators وهي من تصميم العالم الفيزيائي الأميركي ليمان سبيتزر.
إقرأ أيضاً: من يحقق «الضربة الأولى» الصين أم أميركا (4 من 5)
ولكلا النوعين مزاياه وعيوبه، فأجهزة توكاماك أفضل لناحية الحفاظ على البلازما في حالة ساخنة، في حين أن أجهزة ستلارايتور أفضل في الحفاظ على البلازما في حالة مستقرة. ونظراً لتعقيد تصميم أجهزة ستلارايتور وصعوبة تصنيعها، فإن معظم تجارب الاندماج تعتمد أجهزة توكاماك. ويجري حاليا تشغيل نحو 64 مفاعل توكاماك مقابل 13 مفاعل ستلارايتور.
ويعتمد مفهوم الحبس المغناطيسي، على حصر البلازما داخل حجرة على شكل حلقة من المغناطيسات فائقة القوة على الجدارن الداخلية للمفاعل، ويتم تسخينها إلى درجة الانصهار. ويهدف المجال المغناطيسي إلى منع البلازما الساخنة من الاتصال بجدران المفاعل، ما يؤدي إلى الإضرار به وجعله مشعاً، كما يؤدي إلى تشتت البلازما وانخفاض حرارتها وبالتالي فشل الاندماج ولذلك فإن الاندماج بعكس الانشطار النووي لا يشكل أي خطر). ويمكن لحركة البلازما أيضاً أن تخلق مجالاتها المغناطيسية الخاصة أثناء تدفقها، والتي تستخدم تلقائياً لاحتواء البلازما نفسها.
ويستخدم الجيل الأول من مفاعلات الاندماج النووي وقوداً مكوناً من نظائر الهيدروجين هما الديوتيريوم والتريتيوم.
أبرز مفاعلات الحبس المغناطيسي:
- المفاعل الدولي ITER: يعتبر “إيتر” ITER وهي كلمة لاتينية تعني “المسار”، التجربة الأكثر تقدمًا في العالم حتى الآن. وتشارك فيه 35 دولة هي: دول (الاتحاد الأوروبي + سويسرا وبريطانيا)، أميركا، الصين، اليابان، الهند، روسيا، وكوريا الجنوبية. واستندت فكرة إنشائه إلى اقتراح من الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف الذي حظي بتأييد فوري من الرئيس الأميركي رونالد ريغان خلال مؤتمر جنيف الثاني حول الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية في العام 1985، كما حظي بموافقة أوروبا واليابان. وتم وضع التصميم النهائي بعد ست سنوات. ولكن رحلة تنفيذ المشروع تعطلت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وانسحاب أميركا منه. ليتم إحياؤه في العام 2003 بعد عودة أميركا والتي تزامنت مع موافقة الصين على المشاركة فيه. وكان العام 2005 هو البداية الفعلية حيث تم الاتفاق على إقامة المشروع في Cadarache، في جنوب فرنسا بتكلفة أولية حينذاك قدرها 12.5 مليار دولار (ارتفعت لاحقاً إلى 20 مليار دولار)، على أن تتحمل الدول الأوروبية تكاليف الإنشاء والتشغيل بنسبة 45.6 وتوزع النسبة الباقية على الأعضاء الآخرين بالتساوي. وبدأت أعمال تحضير الموقع في يناير 2007. وكان مقرراً البدء بالتجارب في العام 2018، ولكن تم تأجيل الموعد لتبدأ مرحلة التشغيل التجريبي في ديسمبر 2025 وليصل إلى الذروة في العام 2035. ولكن تم الإعلان في شهر يناير 2023، عن تأجيل جديد لموعد التشغيل.
ماذا سيفعل إيتر؟
تتمثل أبرز أهداف المفاعل الذي يبلغ وزنه 23 ألف طن وطوله حوالي 30 متراً، في ما يلي:
- إثبات الجدوى التجارية لتفاعلات الاندماج، ما يسمح بانطلاق مرحلة المفاعلات الإيضاحية. حيث تنتظر كل الدول النتائج التي سيحققها لتبني خططها. والمفاعل لا يستهدف تحويل الطاقة الحرارية التي ينتجها إلى كهرباء، فتلك مهمة المفاعلات الإيضاحية.
- تمكين العلماء من دراسة البلازما في ظل ظروف مشابهة لتلك المتوقعة في محطة طاقة مستقبلية. وكذلك اختبار التقنيات المتعلقة التحكم والتشخيص وآليات التبريد والصيانة عن بُعد الخ…
- اختبار وإثبات إمكانية وجدوى توليد التريتيوم داخل المفاعل، لمواجهة مشكلة عدم كفاية الإمداد العالمي منه لتغطية احتياجات محطات الطاقة المستقبلية.
إقرأ أيضاً: طاقة الاندماج النووي: فورة استثمارات خاصة تعجل “موسم الحصاد”
يتوقع أن يولد “أيتر” طاقة تعادل عشرة أضعاف الطاقة المستخدمة فيتم حقن 50 ميغاواط لتسخين البلازما،، لانتاج 500 ميغاواط من قوى الاندماج في نبضات متتالية مدة كل منها بين 5 و10 دقائق.
- التوكوماك الصيني EAST: يوصف بأنه “الشمس الاصطناعية الصينية” ويعتبر أكبر وأهم مفاعل حتى اليوم قبل تشغيل “إيتر”. وهو يتبع لمعاهد Hefei للعلوم الفيزيائية التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم. وقد سجل سلسلة من الإنجازات التكنولوجية والبحثية والأرقام القياسية، بدأت في العام 2107 بتحقيق الاندماج عند 50 مليون درجة مئوية لمدة 102 ثانية. وفي نوفمبر 2018 سجل 100 مليون درجة مئوية لمدة 10 ثوانٍ. ومن ثم في مايو 2021 سجلت حرارة البلازما 120 مليون درجة مئوية لمدة 101 ثانية. وليبقى الإنجاز الأخير المحقق في مطلع يناير 2023 هو الأهم بتسجيل 70 مليون درجة مئوية لمدة 17.5 دقيقة.
- التوكوماك الأوروبي المشترك JET: تم إطلاقه من قبل مجموعة الدول الأوروبية Euratom بالتعاون مع السويد وسويسرا في العام 1978 في بريطانيا، وهو ثاني أكبر مفاعل من نوع توكاماك قيد التشغيل في العالم. وتتولى إدارته حاليا هيئة الطاقة الذرية في بريطانيا نيابة عن شركائها الأوروبيين بعد نزاع قانوني معهم. وأبرز نجاحاته تطوير تقنيات الصيانة والمناولة عن بعد في بيئة مشعة.
أهم وأكبر المفاعلات حتى الآن هو التوكاماك الدولي ITER، تشارك فيه 35 دولة وتكاليفه 20 مليار دولار، ويأتي ثانيا المفاعل الصيني EAST
- التوكوماك الأميركي TFTR: يتم تشغيله في مختبر برينستون لفيزياء البلازما (PPPL) وتمكن من إنتاج 10.7 ميغاواط من طاقة الانصهار المتحكم بها.
وهناك عدد من المفاعلات الأخرى أبزرها التوكوماك الياباني JT-60، في معهد Naka Fusion التابع للوكالة اليابانية للطاقة الذرية، التوكوماك البريطاني MAS، وكذلك الستالاريتور الياباني في المركز الوطني لأبحاث الاندماج وبدأ العمل في العام 1998. ويتم استخدامه لدراسة أفضل تكوين مغناطيسي لحبس البلازما. وكذلك الستالاريتور الألماني Garching في معهد Max Planck لفيزياء البلازما.
ثانيا: الحبس بالقصور الذاتي ICF:
يعتمد هذا المفهوم بدل درجات الحرارة المرتفعة، على ضغط الوقود لفترة قصيرة (تقاس بالنانو ثانية) عن طريق حزمة بالغة القوة من أشعة الليزر توجه إلى كبسولة متناهية الصغر من وقود نظائر الهيدروجين (الديوتيريوم والتريتيوم DT )، لا يتجاوز قطرها بضعة مليمترات، ما يؤدي إلى تسخين الطبقة الخارجية للنواة وانفجارها خالقة قوة ضغط عالية موجهة إلى الداخل. ويؤدي ذلك إلى انفجار أخر في الطبقات الداخلية، خالقاً الظروف المناسبة للاندماج. وهذا الاندماج يولد بدوره طاقة كبيرة وحرارة عالية لا توجد إلا في الشمس والنجوم. ويحدث بالتالي تفاعل متكرر متسلسل خلال أجزاء من الميكرو ثانية. ولتكتمل بذلك الشروط الثلاثة المشار اليها سابقاً وهي القرب، الضغط، الحرارة. وهذه العملية هي ذاتها التي تحدث في الشمس ولكن مع فارق ان الجاذبية الهائلة وليس أشعة الليزر، هي التي تسبب الانهيار والتسخين والتمدد الانضغاطي والاندماج النووي اللاحق.
أبرز مفاعلات الليزر:
لا تزال هذه المفاعلات محدودة الانتشار ربما بسبب صعوبة إنشاء مرافق الليزر اللازمة وارتفاع تكاليفها، وهناك حالياً 7 مفاعلات تعمل بطريقة الحبس بالقصور الذاتي من أصل 115 مفاعلاً. ومن أبرزها ما يلي:
- المفاعل الأميركي IFE : تبلغ تكلفته حوالي 7 مليارات دولار وهو مشروع مشترك بين منشأة الإشعال الوطنية الأميركية NIF ومختبر لورانس ليفرمور الوطني LLNL بتمويل من الإدارة الوطنية للأمن النووي. وقد طورت المنشأة التي إنشئت أصلاً لأغراض عسكرية، أكبر جهاز ليزر في العالم بقدرة أكبر بنحو 60 مرة من أي نظام ليزر موجود في العالم. وتمكن هذا المفاعل من تحقيق إنجاز غير مسبوق في شهر ديسمبر 2022. حيث نجح بتوليد طاقة تفوق الطاقة المستخدمة بثلاثة أضعاف. وتم ذلك بتركيز 192 حزمة ليزر قوية على هدف صغير في بضعة أجزاء من المليار من الثانية، ما وفر أكثر من 2 ميغاغول من الطاقة فوق البنفسجية و 500 تيراواط من ذروة الطاقة. أي مستويات من الضغط والحرارة مشابهة لما يحدث في النجوم وفي انفجارات القنابل النووية. ولكي يصبح الاندماج ذاتي الاستدامة تماماً يجب أن يتم توليد طاقة أكثر بنحو 30 ضعفاً. ويقول براين سبيرز، أحد كبار المسؤولين في مرفق الإشعال الوطني: “أحرزنا تقدماً كبيراً، واتخذنا العديد من الخطوات التقنية لتحقيق هدف الـ 30 ضعفاً، لقد اقتربنا من الوصول إلى عتبة الاشتعال الذاتي عن طريق الليزر”.
- المفاعل الفرنسي LMJ: تم استخدام مختبر ليزر ميغاغول الذي أنشأته الهيئة الفرنسية للطاقة الذرية لأغراض عسكرية في العام 2014، لإجراء تجارب الاندماج بالقصور الذاتي. باستخدام حزمة ليزر مماثلة تقريباً لما تم استخدامه في التجربة الأميركية. ولكن لم يتمكن حتى الآن من توليد طاقة أكبر من الطاقة المستخدمة.
- المفاعل الصيني SG-II: تم استخدام المختبر الوطني الصيني لليزر والفيزياء، المرتبط بأكاديمية الصين للعلوم ، لإجراء تجارب الاندماج بالقصور الذاتي.
وهناك العديد الدول التي تستخدم مختبرات الليزر التي أنشئت أصلاً لأغراض عسكرية لإجراء اختبارات الاندماج النووي كما هو الحال في منشأة الليزر الفرنسية Petawatt Aquitaine Laser (PETAL) ، وكذلك (الآلة Z) (Z MACHINE) لدى مختبرات سانديا الوطنية الأميركية، والمستخدمة في برنامج الإشراف والاختبار على مخزون الأسلحة النووية دون الحاجة إلى إجراء تفجيرات نووية. وحققت (الآلة Z) درجات حرارة تزيد عن 2 مليار درجة مئوية ما يسمح من الناحية النظرية بالاندماج النووي للهيدروجين مع عناصر أثقل مثل الليثيوم أو البورون وتجنب استخدام التريتيوم الذي يخلف نفايات نووية. (راجع كادر عسكرة الاندماج النووي)
ثالثا: طرق أخرى للاندماج
هناك طرق أخرى تخضع للتجارب في عدة دول، ويتم تشغيل 31 مفاعلاً تعتمد هذه الطرق من أصل 115 مفاعلاً، ومع أنها مفاعلات صغيرة ولم تثبت جدواها حتى الآن، لكن قد تصبح هي الحصان الأسود في أي لحظة خاصة وأنها معتمدة من قبل عدد من الشركات الخاصة الأميركية. وأهم هذه الطرق:
اندماج الهدف الممغنط MTF تجمع بين الطريقتين السابقتين. ويتوقع ان تؤدي هذه الطريقة إذا ثبت نجاحها، إلى تخفيض كبير في وقت حبس البلازما مقارنة بالحبس المغناطيسي ليصبح 1 مللي ثانية. وهناك عدة جهات تجري التجارب مثل مختبر لوس ألاموس الوطني، مختبر سانديا الوطني، جامعة روتشستر، إضافة إلى شركات خاصة مثل جنرال فيوجن وهيليون إنيرجي.
اندماج هجين: يقوم على الجمع بين الاندماج النووي والانشطار النووي، بحيث تكون البطانة المحيطة بالنواة عبارة عن مفاعل انشطاري وتحتوي نفس الوقود النووي التقليدي. كما ان الجزء الخاص بالاندماج في المفاعل لا يحتاج إلى إنتاج العديد من النيوترونات لتوليد طاقة أكثر مما يتم استهلاكه، وبالتالي لا ضرورة لبناء مفاعل ضخم كمفاعلات الاندماج فقط.
طريقة MCF تعتمد نوعين من المفاعلات هما توكاماك Tokamak من تصميم عالمين سوفياتيين، وستلارايتور stellarators من تصميم عالم أميركي
اصطدام الحزم: يقوم على إطلاق حزم من الجسيمات من طرفي مفاعل اسطواني بسرعات عالية بحيث يحصل الاندماج عند اصطدامها ببعضها، والتحدي الذي تواجهه التجارب هو إرتداد الجسيمات دون اندماجها. وأبرز التجارب على هذه الطريقة تلك التي تقوم بها شركة TAE الأميركية.
يضاف إلى ذلك تجارب مهمة ولكن لم يكتب لها النجاح ولم يتم تبنيها حتى الآن من مجتمع الاندماج الدولي مثل محفز الانصهار Muon، الانصهار البارد، ودمج الفقاعات.
من المفاعلات البحثية إلى الإيضاحية
جميع المفاعلات العاملة حالياً وبمختلف الطرق المعروفة المشار إليها، لا تزال في مرحلة المفاعلات البحثية، التي تستهدف إثبات قدرة الاندماج على توليد طاقة كهربائية، ولكنها لا تهدف إلى توليد الطاقة. وهناك مرحلة انتقالية قبل الوصول إلى المحطات الكهربائية التجارية، هي مرحلة المفاعلات الإيضاحية DEMO. وهدف هذه المحطات تحقيق استمرار الاشتعال الذاتي تلقائياً، ما يتطلب التغلب على التحديات التكنولوجية والهندسية والفيزيائية المتعلقة بالمواد المستخدمة في المفاعلات والمغناطيسات وكذلك في أنواع الوقود. كما يتطلب خلق مواد وتكنولوجيات جديدة لتصميم وتصنيع مكونات ونظم معقدة لا تكون جزءاً من آلات الاندماج البحثية. وتتضمن هذه المكونات على سبيل المثال أجهزة نقل الطاقة، أغطية توليد التريتيوم، بطانات الاحتراق لحماية المفاعل، ومراقبة الحرق الخ.
وكما أشرنا سابقاً، فإن غالبية الدول تتريث في إنشاء المفاعلات الإيضاحية نظراً لضخامة تكاليفها، وتفضل انتظار النتائج المحققة في مفاعل “أيتر” أو في الدول الأخرى، للقفز مباشرة إما إلى محطة إيضاحية باستخدام المكونات والمواد والتكنولوجيات التي ثبتت جدواها، وإما إلى المحطات الكهربائية التجارية.
إقرأ أيضاً: طاقة الاندماح النووي: عسكرة واستخدام مزدوج (3 من 5)
وهناك جهود مكثفة من قبل بعض الدول لاستكشاف مفاهيم وطرق المحطات الإيضاحية، ولكن يبدو ان الصين وكوريا الجنوبية هما الأكثر حماسة للإسراع في إنشاء محطة ايضاحية تليهما أوروبا ، واليابان، والولايات المتحدة. من أبرز التطورات على صعيد الدول ما يلي:
- الصين: اعلنت ان الخطوة الثانية بعد “شمسها الإصطناعية” اي المفاعل (EAST) سيكون إنشاء مفاعل تكوماك CFETR في العام 2027 ليكون أكبر من المفاعل الدولي ITER ، ومن ثم إطلاق محطة إيضاحية DEMO في الثلاثينيات.
- كوريا الجنوبية: بدأت مبكراً في العام 2012، بدراسة تصميم مفاهيمي لمحطة إيضاحية “K-DEMO” والهدف ان تكون جاهزة قبل العام 2037.
- اليابان: يعمل فريق التصميم الخاص المعني بالمحطة الإيضاحية JA DEMO على إعداد الدراسة المفاهيمية، ومن المقرر الشروع في أعمال البناء بحلول العام 2035.
- الاتحاد الأوروبي: يتولى اتحاد مختبرات الاندماج الأوروبية مسؤولية تطوير وتصميم محطة إيضاحية DEMO. وقد دخل المشروع حالياً مرحلة التصميم التي يتوقع ان تنتهي في العام 2027، ولم يتم الإعلان عن موعد بدء التنفيذ
مفاعل الليزر الأميركي IFE، أبرز مفاعلات الحبس بالقصور الذاتي، والمرشح لتحقيق الفوز بالاندماج التجاري
- الهند: أعلنت عن خطط للبدء في بناء جهاز يسمى SST-2 لتأهيل مفاهيم ومكونات المفاعل لأغراض مفاعل إيضاحي DEMO في عام 2027 على أن تبدأ أعمال البناء في العام 2037.
- روسيا: اعلنت عن انشاء مرفق هجين للاندماج والانشطار النووي لتحويل اليورانيوم إلى وقود نووي والقضاء على النفايات المشعة. وهو جزء من استراتيجية المسار السريع لإنشاء محطة كهربائية بحلول عام 2050.
- أميركا: مع أنها لم تعلن عن موعد محدد لإنشاء محطة إيضاحية. لكن التقارير الصادرة عن الهيئات المعنية بالاندماج النووي في وزارة الطاقة وفي البيت الأبيض تؤكد بدء برنامج وطني للاندماج يقضي بإقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص، للوصول سريعاً إلى المحطات الكهربائية في الفترة بين 2035 و 2040، للحفاظ على “الريادة في مجال الاندماج وتسريع انتقاله إلى الطاقة المنخفضة الكربون بحلول عام 2050” كما ذكر أحد تلك التقارير. (راجع فصل التكامل الدولي والتنافس الأميركي الصيني)