هل يكون قطاع الطاقة في إسرائيل بمثابة «كعب أخيل» إذا توسعت الحرب؟

بعيداً عن مقتضيات شد العصب من قبل محور الممانعة، ورفع المعنويات والطمأنة من قبل إسرائيل. هناك جملة حقائق ومعطيات تؤكد أن قطاع الطاقة بشقيه، أي النفط والغاز وتوليد الكهرباء، هو نقطة ضعف رئيسية لدى إسرائيل في حال توسع الحرب وإطالة أمدها.

وقد اختصر الوضع رئيس شركة «نوغا» المسؤولة عن أنظمة الكهرباء في إسرائيل بتصريح أطلقه في شهر يونيو الماضي قال فيه: « نحن نعيش في الخيال، فلسنا مستعدين لحرب شاملة، ولا يمكننا توفير الكهرباء. وبعد مرور 72 ساعة سيكون مستحيلاً العيش هنا». ومع أنه سارع إلى الاعتذار، بسبب ردود الفعل العنيفة، لكن اعتذاره كان بمثابة تأكيد، إذ قال «أدليت بتصريحات غير مسؤولة.. لا ينبغي أن أدلي بها».

حماية البنية التحتية العسكرية أو المدنية؟!

تصريح رئيس «نوغا» تولى شرحه تقرير لشركة «استراتيجي انترناشيونال». جاء فيه: أن قطاع الطاقة في إسرائيل، وتحديداً منصات إنتاج وتجميع الغاز ومحطات توليد الكهرباء ستكون على رأس «بنك الأهداف» في أي حرب شاملة. واعتبر أن الحل الوحيد أمام إسرائيل هو تجنب الحرب. أو تدمير الصواريخ في قواعدها بشكل استباقي. وإلا ستكون أمام خيار المفاضلة بين توجيه أنظمة الدفاع الجوي لحماية مرافق البنية العسكرية أو مرافق البنية التحتية المدنية. لأن منظومات الصواريخ الاعتراضية لا تكفي لتغطية كل المرافق، في ظل توقع إطلاق حوالي 3000 صاروخ يومياً. وأضاف التقرير أن تجربة الحرب في أوكرانيا أثبتت أن أكثر أنظمة الدفاع الجوي تطوراً سواء الغربية أو الروسية، لا يمكنها ضمان السلامة الكاملة للبنية التحتية المدنية والعسكرية في آن واحد.

مشكلة محطات توليد الكهرباء بالغاز

تتمثل المشكلة باعتماد إسرائيل بنسبة تقارب 75 في المئة على الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء. وإذا تم استهداف منصات الغاز أو التهديد باستهدافها، فيتم عادة إغلاقها فوراً لتجنب انفجارها. ما يعني توقف محطات توليد الكهرباء خلال ساعة ونصف كحد أقصى، لأنه لا يوجد عادة مخزون من الغاز الجاف.

إقرأ أيضاً: فلسطين تعيد إسرائيل إلى الفحم الحجري

وتمتلك إسرائيل كما هو معروف عدة حقول منتجة للغاز. أهمها طبعاً، حقل ليفياثان ( نحو 11.4 مليار متر مكعب) ويتم تجميع غاز هذا الحقل مع بعض حقول الوسط، في منصة مواجهة لمدينة حيفا. وهذه المنصة مخصصة للاستهلاك الداخلي. وهناك حقل تمار (10.2 مليار متر مكعب) ويتم تجميع الغاز المنتج منه ومن حقول الجنوب في منصة قرب أشدود. وهذا الغاز مخصص للتصدير إلى مصر والأردن. أما حقول الشمال الصغيرة فيتم تجميع الغاز في منصة عائمة قرب الحدود اللبنانية.  وكل هذه المنصات هي في مرمى الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى.

إغلاق منصة حقل «تمار»

وللدلالة على حساسية منصات الغاز لأي تهديد عسكري، نشير إلى أن وزارة الطاقة بادرت في 9 أكتوبر أي بعد يومين فقط، من الحرب على غزة إلى وقف العمل في منصة حقل تمار تخوفاً من استهدافها بالصواريخ. ثم أعلنت في 10  أكتوبر وقف ضخ الغاز في خط أنابيب شرق المتوسط (EMG)، الذي يربط مدينة عسقلان بالعريش في مصر.

يضاف إلى ذلك مشكلة المركزية الشديدة في توليد وتوزيع الكهرباء. ففي بداية العدوان على غزة مثلاً، أدى تضرر بعض خطوط النقل إلى انقطاع التيار الكهربائي في مناطق واسعة في جنوب إسرائيل، واستغرق إصلاحها أكثر من شهرين. وتعمل وزارة الطاقة لوضع خطة لتحقيق اللامركزية عبر ما يسمى بالشبكات الصغيرة. وبانتظار ذلك شهدت الفترة الماضية إقبالاً كبيراً على شراء مولدات الديزل المنزلية.

وهذه المشكلة حذر منها تقرير لهيئة الطوارئ الإسرائيلية. إذ رأى أن استهداف محطات التحويل وأبراج الضغط العالي، سيجعل توزيع الطاقة مستحيلاً حتى بالنسبة للكهرباء المولدة من محطات الطاقة العاملة بالفحم.

وبحسب «سيناريو الإسناد» الذي وضعته الهيئة، فإن اندلاع حرب شاملة سيؤدي إلى انقطاع التيار  الكهربائي بشكل كامل في 60 في المئة من المناطق.

العودة إلى الفحم الحجري

لدى إسرائيل طاقة إنتاجية «احتياطية»، تتمثل بعدد من المحطات التي لا تزال تعمل بالفحم الحجري. وأهمها روتنبرغ في أشكلون بطاقة 2.25 غيغاواط، وأوروت رابين بطاقة 2.59 غيغاواط في حديرة. وهناك أيضاً عدد من المحطات التي تحرق الديزل والفيول أويل. ومحطات أخرى تعمل بالغاز أو بالديزل والفيول أويل.

إقرأ أيضاً: قطع الغاز الإسرائيلي عن مصر: فرض «الترانسفير» ومصادرة غاز غزة

وتجدر الإشار إلى أن استبدال الغاز بزيت الوقود أو الديزل لتوليد الكهرباء، يواجه مشكلة استيراد النفط الخام أو المشتقات. فإسرائيل تعتمد على ميناء عسقلان لاستيراد النفط، لتزويد محطتين للتكرير. الأولى في حيفا بطاقة 197 ألف برميل يومياً، والثانية في أشدود بطاقة 100 ألف برميل يومياً. وهذا الميناء الذي يمتاز بقدرة تخزين قدرها 2.3 برميل، هو تحت مرمى الصواريخ سواء من غزة أو من لبنان. وقد تم بالفعل إغلاقه خلال الفترة الأولى للحرب على غزة وتحويل شحنات النفط إلى ميناء إيلات. حيث يتم نقلها بواسطة خط أنابيب إيلات ـ عسقلان.

احتياطي الديزل والفحم

سعت إسرائيل إلى حل هذه المشاكل ببناء مخزونات احتياطية من النفط والمشتقات ومن الفحم. وذكرت صحيفة معاريف أنه تم إنفاق حوالي 530 مليون دولار بعد الحرب على غزة لزيادة مخزونات الفحم والوقود. وأضافت أن مخزون الفحم كان يكفي في نهاية العام 2023 لمدة شهر تقريباً. وجاءت زيادة المخزون تحسباً لانقطاع الإمدادات إما بسبب استهداف السفن في البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط. وإما بسبب حظر الدول المنتجة كما فعلت كولومبيا مؤخراً.

كما عمدت إسرائيل إلى زيادة مخزون المحروقات عموماً والديزل تحديداً لاستخدامه في المحطات التي يمكن ان تعمل بالديزل والغاز.

وكشفت صحيفة جيروزاليم بوست أنه تم في شهر أبريل 2024، تدشين «منشأة سرية» لتخزين النفط والوقود تحت الأرض في عمق صحراء النقب. ونقلت الصحيفة عن مدير المنشأة قوله “إذا توقفت واردات الوقود بشكل كامل، سنقوم بتوزيع المخزون وفقاً لأولويات مدروسة، وهي مهمة صعبة».

ومرة ثانية اختصر رئيس شركة النفط والغاز الوطنية سامي ترجمان، وهو جنرال سابق في الجيش الإسرائيلي الوضع بقوله: «إن محطات الطاقة التي تعمل بالوقود الأحفوري سواء الغاز أو الديزل، تشكل «نقطة ضعف» كبيرة. ووصف احتياطيات الفحم والديزل بأنها «ليست بالقدر الكافي».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى