أسبوع الاندماج النووي الأميركي: سباق مع الصين على طاقة المستقبل

أسبوع الاندماج النووي الأميركي، المقرر عقده في الفترة من 5 إلى 9 مايو، يمثل مبادرة وطنية تهدف إلى توسيع وترسيخ قاعدة الدعم السياسي والصناعي لتقنيات الاندماج النووي. ويشهد الأسبوع مشاركة مختلف الجهات الحكومية المعنية، والمختبرات الوطنية، وشركات الاندماج، إضافة إلى نخبة من العلماء والخبراء المتخصصين.
ينعقد أسبوع الاندماج النووي الأميركي سنوياً خلال شهر مايو، تكريماً لعالمة الفيزياء والفلك سيسيليا باين-غابوشكين. التي ساهمت أبحاثها في تأسيس الفهم العلمي للاندماج النووي. فقد ركزت أطروحتها للدكتوراه، التي نالتها عام 1925 من جامعة هارفارد، على تفسير تكوين النجوم باعتبارها تركيباً من الهيليوم والهيدروجين.
إقرأ أيضاً:
طاقة الإندماج النووي: من يحقق «الضربة الأولى» الصين أم أميركا (4 من 5)
طاقة الاندماج النووي: أنواع المفاعلات وطرق الاندماج (5 من 5)
ويمثل هذا الأسبوع مؤشراً على تصاعد الاهتمام الأميركي، الرسمي والخاص، بتقنيات الاندماج النووي. حيث شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في الاستثمارات الفيدرالية والشراكات بين القطاعين العام والخاص. بهدف تسريع تطوير هذه التقنية الحيوية وتحقيق أهداف الطاقة النظيفة والأمن القومي. ومن أبرز هذه المبادرات برنامج “Fusion Development Milestone Program” الذي أطلقته وزارة الطاقة الأميركية. وتهدف إلى دعم التعاون بين المختبرات الوطنية والشركات الخاصة، وتوفير التمويل اللازم لتجاوز التحديات التقنية المرتبطة بتطوير مفاعلات الاندماج.
التنافس الأميركي الصيني
تأتي هذه الجهود في سياق تنافس عالمي متزايد، خصوصاً مع الصين، التي حققت تقدماً بارزاً في تطوير مفاعلات الاندماج النووي، مسجلة اختراقات تقنية يُتوقع أن تغيّر قواعد اللعبة. ففي عام 2022، تمكن العلماء الصينيون من تحقيق تفاعل اندماجي مستقر داخل مفاعل “EAST” أو ما يعرف بـ”الشمس الاصطناعية الصينية”، لمدة 17.5 دقيقة عند درجة حرارة بلغت 70 مليون درجة مئوية.
وفي عام 2024، حققت شركة صينية ناشئة تدعى Energy Singularity إنجازاً أكبر، ببنائها مفاعلاً خارقاً من نوع “توكوماك” يعتمد على الحبس المغناطيسي. وذلك باستخدام مواد فائقة التوصيل بدرجة حرارة عالية (HTS – High Temperature Superconductors).
وتشكل هذه التقنية تطويراً لما أنجزته شركة كومنولث فيوجين سيستمز الأميركية، التي لم تكمل حتى الآن بناء مفاعلها. ويمتاز المفاعل الصيني بصغر حجمه — يعادل نحو 2% فقط من حجم الأجهزة التقليدية — إضافة إلى أن عملية بنائه وتشغيله لا تتجاوز أربع سنوات، مقارنةً بفترات تتراوح عادة بين 20 و25 سنة.
إقرأ أيضا:
الاندماج النووي: مفاعل صيني خارق وفوز مستحق على أميركا
تتجاوز أهمية السباق الصيني الأميركي في مجال الاندماج النووي الأبعاد التقنية البحتة، لتصل إلى إعادة تشكيل موازين القوى في الجغرافيا السياسية العالمية. فالاندماج النووي يوفر مصدراً للطاقة لا متناهياً، آمناً، ونظيفاً، مما يجعل الفوز بتحقيق الاندماج التجاري نقلة نوعية استراتيجية.
لهذا، تسعى الولايات المتحدة ليس فقط إلى تصدّر السباق العلمي نحو طاقة الاندماج. بل أيضاً إلى ترسيخ قيادتها في صياغة نظام الطاقة العالمي المستقبلي. خاصة بعد تخلفها سابقاً في سباق الطاقة المتجددة المعتمدة على الشمس والرياح.
ومع احتدام هذا التنافس العالمي، يُتوقع أن يشهد أسبوع الاندماج النووي الأميركي نقاشات موسعة حول سبل تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، وتكثيف الاستثمارات في البحث والتطوير، لضمان ريادة أميركية في مجال الاندماج النووي وتحقيق الأهداف المناخية والاقتصادية المترتبة عليه.