; التحول نحو الطاقة النظيفة: أهداف طموحة وحقائق صادمة - طاقة الشرق TAQAMENA

التحول نحو الطاقة النظيفة: أهداف طموحة وحقائق صادمة

بحسب التوقعات والتقديرات الأخيرة لنمو الطلب العالمي على مصادر الطاقة الأحفورية، وأخذاً بالاعتبار معدل الاستهلاك العالمي من هذه المصادر، فإن التقديرات تشير إلى ما يلي:

  • تقدر احتياطيات النفط المثبتة بما يوازي 47 ضعفاً الاستهلاك السنوي المقدر، أي أنها تكفي لنحو 47 سنة.
  • تقدر احتياطيات الغاز الطبيعي بما يوازي 52 ضعفاً الاستهلاك السنوي المقدر، أي أنها تكفي لنحو 52 سنة.
  • كمية الفحم الحجري المتبقية تكفي العالم لنحو 114 سنة بناء على معدل الاستهلاك السنوي في بداية هذا العقد.

انتعاش الاستثمارات النفطية

في ضوء ذلك، فإنه من غير المستغرب أن شركات النفط العالمية خرجت مرتاحة من مؤتمر كوب 28. الذي لم يطالب صراحة بضرورة التخلي التدريجي عن استخدام النفط والغاز. وقد سارعت تلك الشركات للإعلان عن مشاريع وخطط لتطوير إنتاجها من الهيدروكربون. بما في ذلك مواصلة عمليات استكشاف وتطوير حقول جديدة للنفط والغاز في مختلف أنحاء العالم.

والواقع أنه فيما يتصاعد الكلام والمخاوف حول دور الوقود الأحفوري في المتغيرات المناخية، وآثارها المدمرة في بعض الأحيان. فإن مشاريع وأنشطة شركات النفط والغاز الكبرى في استكشاف وتطوير مكامن النفط والغاز شهدت فورة قوية في السنوات القليلة الماضية. وكان الدافع ارتفاع الأرباح، خاصة بعد اندلاع الحرب الأوكرانية. وكانت الوكالة الدولية للطاقة (IEA) قدرت أن ترتفع قيمة الاستثمارات في مشاريع النفط والغاز العالمية الجديدة بنحو 11 في المئة في 2023 لتصل إلى 528 مليار دولار.

شهد العام 2023 ارتفاع الاستثمارات النفطية بحوالي 11%، وعدد منصات الحفر البحرية بحوالي 45%

وبحسب شركة بيكر هيوز المتخصصة في أعمال التنقيب، فإن عدد منصات الحفر البحرية العاملة ارتفعت بنحو 45 في المئة في العام 2023، بالمقارنة مع سنة 2020 عندما انخفضت بسبب تأثير جائحة كورونا. ومن المتوقع أن يستمر الارتفاع في عدد هذه المنصات في المناطق البحرية بنحو 20 في المئة بحلول العام 2025.

وبالإجمال يمكن التوقع، بحسب شركة وود ماكنزي، أن يبلغ الاستثمار في تطوير حقول النفط الجديدة، وبخاصة الحقول البحرية، نحو 185 مليار دولار. والهدف تطوير زيادة الاحتياطيات بنحو 27 مليار برميل من النفط. وعليه، فإن المقولة الرائجة اليوم هو أن شركات النفط الكبرى تركز على تطوير حقول النفط البحرية بالرغم من التكلفة المرتفعة حيث أن المردود مرتفع أيضًأ.

الطاقة البديلة: اهداف طموحة

استناداً إلى ما سبق فإن أهداف الانتقال نحو مصادر الطاقة البديلة تبدو طموحة جداً وربما غير قابلة للتطبيق. فقد أكد مؤتمر كوب 28 على ضرورة التحول الجذري وزيادة إنتاج الطاقة المتجددة بثلاثة أضعاف على النطاق العالمي حتى العام 2030. و بمعزل عن الأهمية المطلقة لتحقيق في مكافحة الاحتباس الحراري، فإن التكلفة المرتفعة تجعل من الصعوبة بمكان تحقيقه. أو أنه يتطلب فترة أطول بكثير.

ويجدر التذكير هنا أن هيئة مختصة في الأمم المتحدة قدرت التمويل المطلوب لمشاريع الطاقة البديلة لتحقيق هدف زيادة طاقة مشاريع الطاقة المتجددة بثلاثة أضعاف حتى العام 2030 قد تصل إلى 5.8 تريليون دولار. أي حوالي 600 مليار دولار سنوياً على النطاق العالمي. وهي مبالغ يصعب توفيرها حتى لو كان هناك تكامل فاعل بين الدول الصناعية والنامية لتمويل مشاريع وأبحاث الطاقة البديلة في الدول الصناعية. وكذلك لتوفير القروض والمساعدات اللازمة للدول النامية. كما أيضاَ لإعادة جدولة الديون المتعثرة الكبيرة لهذه الدول.

تفاوت العائد الاستثماري

وأخذاَ بالاعتبار أن مساهمة النفط والغاز بشكل خاص، والفحم الحجري بنسبة أقل تقدر بحوالي 80 في المئة من مجمل استهلاك الطاقة العالمي. فإنه من غير المستغرب أن هذه المصادر تستقطب الجزء الأكبر من الاستثمارات العامة والخاصة. في المقابل، ورغم أن بعض مشاريع الطاقة المستدامة، مثل الطاقة الشمسية، تتضمن مشاركة من القطاع العام. فإن أكثرية هذه المشاريع هي مبادرات من القطاع الخاص وبحجم استثمار محدود نسبياً. مقارنة بإنفاق شركات النفط الكبرى على مشاريع التنقيب والتطوير لحقول النفط والغاز الكبرى. ولعل ذلك أمر طبيعي حيث أن المردود المقدر على مشاريع النفط والغاز يقدر بنحو 20 في المئة. في حين يتراوح المردود بين 7 و 8 في المئة على مشاريع الطاقة المستدامة.

والسؤال، أو ربما التخوف في ضوء كل ما سبق هو: هل سيواجه العالم المزيد من الاحترار المناخي وما يستتبعه من كوارث طبيعية؟ أم سيواجه نقصاً خطيراً في مصادر الطاقة إذا تم تقليص الاستثمارات في الوقود الأحفوري قبل توفير مصادر كافية من الطاقة المتجددة؟… إنها معضلة كبرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى