توقعات «إكسون موبيل»: بين «شراء الود» و«بيع النفط»

أثار الجزء المتعلق بنضوب النفط وتراجع الطلب في التقرير السنوي لشركة «إكسون موبيل»، موجة غير مسبوقة من التعليقات بين مؤيد ومعارض. والحقيقة أن «إكسون» وبقية الشركات النفطية، عقلها وقلبها مع الوقود الأحفوري، و«عينها» على الطاقة المتجددة، كمصدر للتمويل الحكومي السخي والمجاني أولاً. وثانياً كنشاط علاقات عامة لـ «شراء ود» لوبي المناخ والطاقة النظيفة ومن ورائه السياسيين والحكومات.

النضوب الطبيعي: «كلام القرايا» لأنصار المناخ

في محاولة للإمساك بالعصا من الوسط، واستيعاب غضب أنصار البيئة والمناخ وأعداء الوقود الأحفوري، أطلقت الشركة توقعات مفاجئة وصادمة حول التراجع الطبيعي لإنتاج النفط. فذكر التقرير أن التراجع أو النضوب الطبيعي لن يقل عن 15 في المئة سنوياً على مدى السنوات الخمس والعشرين المقبلة. وهذه التوقعات صادمة لأن وكالة الطاقة الدولية المعادية للنفط بحكم أهداف تأسيسها، قدرت النسبة بنحو 8 في المئة فقط. ومع أن الشركة حاولت تبرير هذا التوقع المستغرب، بربطه بالنفط الصخري الذي ينضب بسرعة أكبر من النفط التقليدي. إلا أن ذلك يفتقر إلى الدقة، فهناك مخزونات ضخمة من النفط التقليدي لم يبدأ استخراجها بعد في مختلف دول العالم مثل العراق وإيران وعدة دول أفريقية وفي القطب الشمالي الخ…

الملفت أن تقرير إكسون تضمن «توقعات غير متوقعة» من شركة نفطية. شملت على سبيل المثال أن يبلغ الطلب على النفط الذروة في منتصف الثلاثينيات. وأن لا يزيد الطلب بحلول العام 2050 عن 100 مليون برميل يومياً. وهي أرقام مغايرة لتلك الصادرة عن «أوبك» التي تقدر أن يبلغ الطلب حوالي 107 ملايين برميل العام المقبل ويواصل الارتفاع. ومغايرة أيضاً لأرقام وكالة الطاقة الدولية التي تقدر أن يصل إلى نحو 105 ملايين برميل يومياً.

ويفسر المراقبون تعمد تخفيض نمو الطلب على النفط، بأنه محاولة «لشراء ود» أنصار البيئة والمناخ ومن ورائهم بالطبع الحكومات والسياسيين. وذلك من خلال الإيحاء بنجاح سياسات مواجهة التغير المناخي وتخفيض انبعاثات الكربون. والتي تنعكس تخفيضاً في استهلاك الوقود الأحفوري.

.. والاستثمارات: «كلام السرايا» لزيادة الإنتاج

أما الحقيقة المؤكدة، فهي أن التراجع المقلق والخطر في إنتاج النفط والغاز، إذا حصل، سيكون بسبب نقص الاستثمارات وليس النضوب الطبيعي. فيذكر التقرير ان «غياب الاستثمارات الجديدة والكافية، سيؤدي إلى تراجع الإمدادات بحوالي 15 مليون برميل يومياً». وذلك يعني أنه بحلول العام 2030، سيزيد معدل التراجع إلى حوالي 30 مليون برميل. فيتراجع الإنتاج العالمي من حوالي 100 مليون برميل إلى نحو 70 مليون برميل. وذلك «سيناريو كارثي»، لأنه سيؤدي إلى الأزمة الأكبر في أسواق الطاقة. وليكون أبسط تداعياتها احتمال ارتفاع أسعار النفط بنسبة تصل إلى 400 في المئة. أي ضعف الارتفاع الذي نجم عن حظر النفط العربي بعد حرب تشرين عام 1973. ما يخلق أزمة اقتصادية ومالية عالمية لا يعلم أحد مداها. حيث توقع تقرير «إكسون موبيل» مثلاً أن يقفز معدل البطالة في الدول الصناعية إلى 30 في المئة.

والاستنتاج بأن الجزء المتعلق بالنفط والغاز من تقرير شركة «إكسون موبيل»، يمكن اعتباره «حمّال أوجه»، يتمثل بأن السيناريو المعتمد من قبل الشركة لنمو الطلب خلال السنوات المقبلة، يناقض سياستها الاستثمارية خلال السنوات المقبلة. حيث تقضي هذه السياسة بزيادة كبيرة في الاستثمارات في مجال الاستكشاف والتنقيب.

تأثير محدود للسيارات الكهربائية

وكانت منظمة «أوبك» وكبار المسؤولين في الدول المنتجة للنفط قد حذروا طوال السنوات الماضية من خطورة تراجع الاستثمارات في النفط والغاز. معللين ذلك بأنه سيؤدي إلى نقص كبير في الإمدادات، وبالتالي إلى قفزات أكبر بالأسعار.

ورأى تقرير «إكسون موبيل» أن الطلب على الغاز سينمو بمعدلات عالية لتوفير الطاقة اللازمة لتوليد الكهرباء. حيث سيرتفع استهلاك الكهرباء في العالم بنسبة 80 في المئة بحلول العام 2050 مقارنة بالاستهلاك الحالي.

وقلّل التقرير من تأثير السيارات الكهربائية على استهلاك النفط والغاز. وذكر أنه حتى لو تم الاستغناء كلياً عن السيارات التقليدية في العام 2050 والاعتماد على السيارات الكهربائية بالكامل، وهو أمر شبه مستحيل. فإن الطلب على النفط سيظل بحدود 85 مليون برميل يومياً، أي ذات المعدل المسجل في العام 2010.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى