رئيس شركة  CFS: بناء الثقة بالطاقة الاندماجية يتطلب الابتكار وليس الضجيج التسويقي

رسالة مفتوحة تطالب «برفع السرية» عن نتائج التجارب والأبحاث

نشر رئيس شركة كومنولث فيوجين سيستمز   Commonwealth Fusion Systems (CFS) بوب مومغارد Bob Mumgaard رسالة مفتوحة تعكس في مضمونها وأهدافها حالة المخاض الصعب الذي تمر به صناعة الطاقة الاندماجية. وقد تشكل الرسالة خارطة طريق للخروج من تلك الحالة. وتضمنت مسألتين رئيسيتين الأولى رفع السرية عن نتاج الأبحاث والتجارب. والثانية الإعلان عن ابتكارات واختراقات حقيقية ومدققة، بعيداً عن الضجيج التسويقي. ونعيد نشرها باللغة العربية تأكيداً على أهميتها وتعميماً للفائدة.

مثل أي تكنولوجيا تحولية، والتي يترتب عليها تأثيرات على البشرية، لا يمكن تصورها، فإن الطاقة الاندماجية النووية تحظى بقبول ودعم واسع. ولكنها تواجه أيضاً شكوكاً صحية. وهو أمر مبرر نظراً لطبيعتها التي لم تثبت صحتها بشكل قاطع بعد. وهو ما يحمل شركة كومنولث فيوجن سيستمز وصناعة الاندماج النووي عموماً، مسؤولية تعميق المصداقية والثقة في الاندماج، اكثر من الاهتمام بجهود الترويج والتأثير.

أكتب هذه الرسالة المفتوحة إلى أقراننا في صناعة الاندماج وإلى المعلقين والصحفيين الذين يتابعون نشاطاتنا. عنوان هذه الرسالة ليس تفويضاً بـ “الثقة في الاندماج”، ولكنه دعوة إلى العمل لتحقيق إنجازات حقيقية لكسب تلك الثقة استناداً الى مبادئ أساسية متوافق عليها.

في تطور التواصل

نحن نسعى إلى تحقيق شيء كبير ومهم جداً. ولذلك نحتاج إلى قياس التقدم الذي أحرزناه والإعلان عنه بطرق شفافة وذات مصداقية. لقد التزمت شركة كومنولث فيوجين سيتسمز منذ البداية بمحاسبة نفسها استناداَ إلى المعايير العلمية والهندسية والتجارية.

إقرأ: طاقة الاندماج النووي: سباق أميركي صيني على «صناعة الشمس» (1 من 5)

كما التزمنا أيضاً بالحديث عن أخطائنا وإخفاقاتنا التي لا مفر في هكذا عمل. واتطلع ان يبادر الجميع مثل شركات الطاقة الاندماجية والمؤسسات البحثية والشركاء إلى محاسبة بعضهم بعضاً بطرق بناءة. واعتقد إن البيانات الصحفية التي لا تحتوي على محتوى علمي وأدلة ثابتة سوف تضر بثقة أصحاب المصلحة في الاندماج أكثر مما تنفع.

التحول إلى الطاقة النظيفة مهمة جيلنا والطاقة الاندماجية هي الحل لمشكلة المناخ

سرية نتائج الأبحاث والتجارب

الاندماج أمر بالغ الصعوبة. إنه أمر تقني للغاية، ويستغرق التقدم وقتاً وجهداً. كما تتطلب النتائج تفسيراً دؤوباً. ويجب علينا جميعا أن نعمل على الابتعاد عن تصوير أي تقدم او تطور على أنه اختراق عملي وتقني. والتوجه بدلاً من ذلك نحو فهم مشترك ولغة مشتركة حول أين نحن وإلى أين نتجه. يمكن للصناعة تقليل حالة عدم اليقين والارتباك من خلال نشر خطط ونتائج الأبحاث والسماح لأفضل العقول في العالم بفحص النتائج وانتقادها.

إقرأ: طاقة الاندماج النووي: فورة استثمارات خاصة تعجل “موسم الحصاد” (2 من 5)

سوف تستمر شركة كومنولث فيوجين سيستمز في دعم الاعلان عن أي إنجاز بتقديم الأدلة الكافية. سننشر تلك الأدلة، وسنجعلها متاحة للأقران والباحثين ووسائل الإعلام. سنضع هذه الأدلة في سياقها. ونتشارك التقييم والرأي عما إذا كان ما حققناه تقدماً عادياً ومتوقعاً أو نتيجة غير متوقعة واختراق حقيقي. يجب على جميع شركات الاندماج أن تفعل الشيء نفسه لاكتساب المصداقية والثقة. وأنا أشجع الباحثين والصحفيين على طلب الأدلة من أي شركة عندما تقوم بالإعلان عن أي اكتشاف او اختراق والترويج له.

نحن ننشر نتائج الأبحاث والتجارب ونطالب الجميع بذلك، لتسريع الوصول إلى الاندماج التجاري، فالمد المرتفع يرفع جميع القوارب

معايير التدقيق

يجب ألا تستسلم الصناعة للضجيج التسويقي. ويتعين علينا أن نتواصل بوضوح وصراحة ودقة مع المستثمرين والجهات التنظيمية وصناع السياسات وعامة الناس. أنا أشجع الزملاء والباحثين والصحفيين على التأكد من مزاعم التقدم واقترح بعض المعايير لاستخدامها؛ وهي:

  • سهولة ووضوح المعايير المستخدمة في التقييم والقياس: يجب أن يكون الانجاز المحقق قابلاً للتقييم والقياس باستخدام معايير واضحة ومتفق عليها ويسهل تفسيرها. وعندما يتحقق ذلك، ينبغي أن يكون التقدم واضحاً لا لبس فيه.
  • مراجعة النظراء: يجب عرض التقدم المحقق على النظراء للتدقيق فيه وتقييمه. وتحمل عملية التدقيق ونتائجها. وينبغي أن تكون القاعدة هي البيانات التي يراجعها النظراء.
  • الجمهور: يجب أن تكون التطورات والانجازات الجديرة بالإعلان والترويج لها، قابلة للإثبات بطرق يمكن للجمهور فهمها وملاحظتها. كما يجب ان يتم اعلان الانجاز على الملأ وجعله متاحاً للجميع.
  • سهولة الفهم: يجب أن يوضح الإعلان أن التطور المحقق تم بطريقة ملموسة وقابلة للفهم بسهولة.

تعتمد صناعة الاندماج حالياً عدة طرق ومفاهيم، كما يتم استخدام عدة أنواع من الأجهزة. ولكن كل الطرق وكل الأجهزة لا بد ان تمر بمراحل تطوير ملموسة للتحكم في البلازما الساخنة بشكل فعال. ومن ثم توصيل الطاقة إلى الشبكة بطريقة مجدية اقتصادياً.

بناء فهم عالمي لمراحل الطاقة الاندماجية

سأعرض ستة معالم تشكل برأيي المعايير الواجب تطبيقها من قبل شركات الطاقة الاندماجية على جميع مفاهيم وطرق الإندماج. بما يسمح للنظراء والخبراء والإعلاميين بالتمييز بين الضجيج التسويقي والابتكار الحقيقي؛ وهي:

  1. هل يمكن إنتاج بلازما مستقرة بدرجة كافية لتكون وقوداً لمفاعل طاقة الاندماج؟ أم لا تزال البلازما عبارة عن نقطة غير مستقرة؟ ولا بد من توفير الدليل عبر الصور والبيانات المستقاة من البلازما.
  2. هل يمكن تسخين البلازما إلى 10 ملايين درجة مئوية؟ هذا يعني 1 كيلو إلكترون فولت، للإلكترونات والأيونات، بالنسبة للأشخاص الضالعين في العلم. وهناك طرق محددة لقياس درجة الحرارة. وهي طرق صعبة وتحتاج إلى المراجعة.
  3. هل البلازما فعالة ومحصورة وكثيفة بدرجة كافية لتبدأ عملية التصادم اللازمة لحدوث الاندماج (10^19 كيلو إلكترون فولت/م^3/ثانية)؟ ويتم عادة قياس ذلك بشكل روتيني باستخدام مقياس يسمى المنتج الثلاثي .
  4. هل تنتج التفاعلات الاندماجية زيادة صافية في الطاقة؟ وتبين هذه العتبة، التي يشار إليها بالرمز Q>1، أنه على مستوى البلازما، ينتج المفاعل حرارة أكثر مما يحتاجه لتسخين البلازما. البلازما هي مكبر للصوت. ويُظهر الحصول على Q>1 أن آلة الاندماج تُحدث بالفعل اندماجاً هادفاً، وليس فقط الوصول إلى الظروف الصحيحة للبلازما.
    حركة البلازما داخل المفاعل
  5. هل تستطيع آلة الاندماج النووي إنتاج طاقة فائضة كافية للبيع؟ فالأمر لا يتعلق فقط بمستوى البلازما، بل يتعلق بالمحصلة النهائية للعملية بأكملها. وعادة ما يتعلق الأمر بإنتاج الكهرباء، ويطلق عليه عتبة “الكهرباء الصافية”. وهذا يعني أن المحطة يجب أن تغطي جميع احتياجاتها من الطاقة، ومن ثم تحويل الطاقة الاندماجية الفائضة إلى كهرباء تقاس بالميغاواط.
  6. هل محطة توليد الطاقة الاندماجية اقتصادية بما يكفي لتكون في النهاية خياراً تنافسياً في أي سوق في العالم؟ ويتعلق الأمر بجميع التكاليف التي تدخل في بناء المحطة وتشغيلها. ويتم قياس ذلك عادة بتكلفة مستوية للكهرباء. إذا كانت تكلفة الطاقة لديك 50 دولاراً لكل ميغاواط/ساعة مثلاً، فإنك ستفوز بالسوق. أما إذا كانت 100 دولار/ميغاواط في الساعة، فبامكانك دخول السوق ومحاولة المنافسة.

المراقبة والتقييم

نقوم في شركة كومنولث فيوجين سيستمز بتتبع جميع المفاهيم وكذلك التطورات والانجازات التي تحققها الشركات الأخرى على كافة المستويات المشار إليها. وذلك ما تفعله المختبرات الوطنية والعديد من الباحثين والأكاديميين. تشبه هذه المعالم والمعايير ما أصدرته الأكاديميات الوطنية. وكذلك ما استخدمته وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة للطاقة ARPA-e لتقييم الطلبات.

أدعو الباحثين والأكاديميين والإعلاميين إلى التدقيق في إعلان الشركات تحقيق أي إختراق وطلب أدلة قاطعة على ذلك

ويوجد حالياً العديد من التجارب التي تجريها الشركات والمختبرات الوطنية التي تعتمد طرقاً ومفاهيماً مختلفة مثل الحبس المغناطيسي والحبس بالقصور الذاتي “الليزر” وغيرها. كما يتم اختبار العديد من الأجهزة مثل التوكوماك والستيلاراتور. إن أي مفهوم أو شركة تتقدم من مستوى إلى آخر تستحق الاحتفاء بها. لأن ذلك سيكون إنجازاً حقيقياً. لقد شهدنا في السنوات القليلة الماضية حركة كبيرة. ما أثار حماس العاملين في هذا المجال. وإلى جانب المزيد من الأموال العامة والخاصة، والتكنولوجيات المفيدة والعلوم والهندسة العظيمة، ينبغي لنا أن نرى المزيد من التقدم.

علينا محاسبة أنفسنا

مع نمو الاندماج، سيدخل المزيد من اللاعبين إلى السوق، وهذا أمر جيد. ولكنه يعني أيضاً المزيد من الضغوط والمزيد من الأصوات. والأهم من ذلك أننا بحاجة إلى أصوات يمكنها أن تساعد في التمييز بين التقدم والضجيج. هناك دور متزايد للإعلاميين والكتاب والمؤثرين لتتبع التقدم والتحقق من الادعاءات. لا ينبغي لنا أن نعتمد فقط على الشركات للتحقق من صحة إنجازات بعضها بعضاً، بل يجب عليها تقديم الأدلة للأطراف الأخرى للقيام بذلك.

إقرأ:طاقة الاندماج النووي: أنواع المفاعلات وطرق الاندماج  (5 من 5)

الأهم من ذلك، أن هذا هو أحد أسباب مشاركة شركة كومنولث فيوجين سيستمز  CFS في برنامج   DOE Milestone  الذي يتطلب من الشركات إعداد خارطة طريق. على أن تتضمن محطات ومراحل واضحة موضوعية. ومن ثم يقوم الباحثون الحكوميون بالتحقق من وقت تحقيق كل مرحلة. إذا اتفقوا على اكتمال مرحلة ما، تقوم الحكومة «بقطع الشيك». وهذا يوفر للنظام بأكمله التحقق من أن التقدم قد تم إحرازه بالفعل. ويسعدنا في شركة CFS أن نبدأ في التحقق من تنفيذ المراحل بعد الإعلان عن هذا البرنامج. ونشجع الجميع على نشر إنجازاتهم والاحتفال بها.

نحن في شركة كومنولث فيوجن سيستمز في سباق مع الزمن، وليس في سباق مع أي شركة. ولتحقيق النجاح في تحول الطاقة، سنحتاج إلى إنفاق تريليونات الدولارات. سيكون هناك سوقاً ضخمة للعديد من الأساليب الناجحة. لقد أحرزنا تقدما هائلا في رحلتنا القصيرة . وباتت CFS تمتلك أكبر قاعدة من المستثمرين الذين يؤمنون بالاندماج ويؤمنون بالنهج الذي نتبعه.

نحن ننشر نتائج أبحاثنا وتجاربنا بانتظام حتى يتمكن المجتمع بأكمله من تقييم نهجنا. وكجزء من المجتمع، فإننا نقدم بانتظام أدلة ملموسة على أننا نتقدم في رحلتنا نحو الاندماج النووي التجاري. ونتطلع ونحتاج أن يتم اعتماد هذا النهج من قبل الجميع في صناعة الاندماج. وعندما تترسخ الثقة في الاندماج النووي، فإن المد المرتفع يرفع جميع القوارب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى