«بازار» نفط وأموال وسجناء…
ماذا يحدث بين إيران وأميركا ؟

سؤال تتشارك في طرحه وسائل الإعلام مع كبار المسؤولين وأعضاء الكونغرس. وسط صمت مطبق من الإدارة الأميركية التي تخوض مفاوضات سرية مع إيران. والتي تسمح بالإفراج عن الأموال المجمدة وتصدير النفط وعدم “إنفاذ العقوبات”. وبانتظار ظهور من يجرؤ على “محاولة” الإجابة، هناك ثلاثة أسئلة تتفرع من السؤال الرئيسي وهي:

اولاً: صادرات النفط

كيف تمكنت إيران من مضاعفة صادراتها النفطية في شهر مايو الماضي مقارنة بالعام الماضي. ولتتراوح بين 1.6 برميل يومياً استناداً إلى بيانات شركة “كبلر”، وحوالي 2 م/ب/ي استناداً إلى بيانات شركة “إس.في.بي إنترناشونال”. ولتبلغ تقريباً المستوى القياسي المسجل في العام 2018 قبل انسحاب أميركا من الاتفاق النووي. وكانت إيران قد أعلنت رسمياً عن زيادة انتاجها من النفط الخام إلى 3 ملايين برميل يوميا في يونيو الماضي. وهو رقم قريب من تقديرات الوكالة الدولية للطاقة.

معروف أن زيادة الصادرات بهذا القدر يستحيل أن يتم بدون موافقة ضمنية من أميركا. وليس مجرد “غض نظر” عن خرق العقوبات وتهريب النفط عبر الناقلات المعروفة بأسطول الظل أو الأشباح. خاصة وان الجزء الأكبر من الصادرات يتوجه إلى الصين مباشرة أو عبر ماليزيا ودول ثالثة ترتبط بعلاقات متميزة مع أميركا. فهل يكون ذلك من “إرهاصات «سياسة خفض التصعيد» مع إيران والصين في الوقت نفسه. ولتمثل موافقة أميركا الضمنية تقديم تنازلات لكلا النظامين”. كما قال ريتشارد غولدبيرغ  كبير مستشاري مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات FDD، وهي من أبرز مراكز الأبحاث الأميركية وأكثرها قرباً من الكونغرس.

ثانياً: الأصول المجمدة في العراق

تصاعد الحديث عن دفعة ثانية من الأصول الإيرانية المجمدة في العراق، بعد الدفعة الأولى وقدرها 2.7 مليار دولار أوائل الشهر الماضي. وكان رئيس غرفة التجارة الإيرانية العراقية، قد أكد في 3 يوليو الجاري، على حق إيران بالوصول إلى 10 مليارات دولار من “الأصول المحتفظ” بها في العراق. وهو ما دفع بعدد من أعضاء الكونغرس إلى التحذير من خطورة “السرية التي تحيط بتعاملات الإدارة مع إيران. الأمر الذي يحرم الكونغرس من الإشراف، وحتى من معرفة الأموال التي أفرج أو سيفرج عنها. وما إذا كان مبلغ الـ 10 مليارات دولار في العراق بات متاحاً لطهران”.

ماذا ستقدم إيران مقابل السماح بزيادة صادرتها النفطية والإفراج عن الأموال المجمدة

ثالثاً: حقوق السحب الخاصة

حركت إيران ملف مطالبتها بالإفراج عن مبلغ 6.7 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة لدى صندوق النقد الدولي. ومعروف ان هذا المبلغ يستحيل ان يتم تحريكه بدون موافقة ضمنية من أميركا. خاصة بوجود قانون أميركي هو “قانون المؤسسات المالية الدولية” ينص صراحة على “استخدام صوت الولايات المتحدة لمعارضة أي قرض أو استخدام لأموال المؤسسة المعنية لصالح دولة تم تصنيفها كدولة راعية للإرهاب او تسعى إلى تطوير أسلحة نووية”. ويتردد أن المندوب الأميركي قد يلجأ إلى الامتناع عن التصويت على أي قرار بالإفراج عن جزء من هذا المبلغ. وقد وجّه رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مايكل ماكول رسالة إلى الرئيس بايدن عبر فيها عن رفضه “انخراط الإدارة في محادثات غير مباشرة مع النظام الإيراني تفضي إلى الإفراج عن مدفوعات كبيرة”.

الخلاصة

لا خلاصات… بل مزيد من الأسئلة: فهل تؤدي المفاوضات السرية مع إيران إلى صراع بين الإدارة  والكونغرس. خاصة بعد الرسالة الموجهة من 26 سيناتور ديمقراطي وجمهوري إلى الرئيس بايدن محذرين من عواقب “«اتفاق غير فعال» مع إيران. كما حذروه من مغبة الالتفاف على قانون مراجعة الاتفاق النووي الإيراني INARA. الذي ينص صراحة على إشراف وموافقة الكونغرس على أي اتفاق مع إيران وعلى أية تعاملات معها. كما يحظر القانون، وهذا هو الأهم، على الإدارة وعلى الرئيس اتخاذ أي إجراء لتخفيف العقوبات على إيران. سواء أخذ ذلك شكل اتفاقية أو حتى التزام سياسي قبل العودة إلى الكونغرس.

وأخيراً هل تلجاً الإدارة الأميركية إلى “شراء الوقت” بالتوصل إلى شبه اتفاق يقضي بتجميد التخصيب، ووقف الهجمات ضد القوات الأميركية في سوريا وإطلاق 3 سجناء أميركيين في إيران. مقابل الإفراج عن جزء من الأموال المجمدة وعدم “إنفاذ العقوبات” على صادرات النفط.

بين «المغرمين» بأميركا الذين يعتبرون ما يجري دليل وقوة وتخطيط طويل المدى. ويأتي في سياق الاستعداد لمرحلة ما بعد خامنئي وانتشال إيران من قبضة الصين. وبين «الكارهين» لأميركا الذين يعتبرون ما يحصل دليل ضعف وارتباك وبداية النهاية، ستبقى الاسئلة “تتدحرج” بانتظار من “يجرؤ” على محاولة الإجابة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى