محمية تنورين في لبنان: حامية «الأرز النبيل»

تعد محمية أرز تنورين من أكبر غابات الأرز في لبنان. إذ تضم حوالي 1.5 مليون أرزة من «النوع النبيل». تقف على منحدرات شبه عمودية، متحدية الجاذبية. ومتحدية بالوقت ذاته تداعيات العوامل الطبيعية والتغير المناخي. والأهم تداعيات العوامل البشرية من تعديات المقالع والكسارات وقطع اشجار. حيث يسعى المجتمع لمنعها في ظل غياب الدولة.

تبلغ مساحة محمية أرز تنورين حوالي 6 كلم2. وتمتد من قضاء البترون الى قضاء بشري. وعلى ارتفاع بين 1400 و 1850 متراً . وهي تتصل مع غابات أرز حدث الجبة (أرز البلاد)، قنات، نيحا، كفور العربة، لتكون غابة كبرى من الأرز تضم حوالي 4 ملايين أرزة. أي حوالى ربع ما تبقى من أشجار الأرز في لبنان.

تتمتع المحمية بتنوع بيولوجي قلّ نظيره. إذ تحتوى على أكثر من 500 نوعاً من النباتات البرية وآلاف الحشرات و100 نوع من الفراشات. و ما يزيد على 20 نوعاً من الأشجار مثل اللزاب، الخوخ البري، التفاح البري، الإجاص، الزعرور والسنديان. تتمايز المحمية بأنواع من النباتات الفريدة. وهناك حوالي 87 نوعاً من الفطر الصالح للأكل والسام. كما يستوطن في المحمية 16 نوعاً من الثدييات. وتم إحصاء ثمانين  80 نوعاً من الطيور المهاجرة والمستوطنة، كما يقول مدير المحمية شليطا طانيوس.

إقرأ أيضاً: محمية أرز الشوف: حماية الشجر وتنمية البشر

محمية حرش إهدن: رافعة للسياحة البيئية والريفية

احتضان المجتمع المحلي

رغم الفوضى التي يعتمدها ويعتادها بعض الناس كنمط حياة من استخراج للرمول وإقامة الكسارات وقطع الأشجار، فقد نجحت محمية تنورين النموذجية بتحقيق الوعي لدى البيئة المحيطة بها من مجتمع محلي عبر رفع مستوى التوعية للحفاظ عليها. انطلاقا من احترام قانون المحميات وحزام المحميات الذي يعيش ضمنه المزارعون والسكان.

يقول شليطا طانيوس أن العمل تركز على احتضان سكان هذا الحزام للمحمية ليحافظوا على جمالها ويمنعون التعدي على طبيعتها. لذا هم يقومون بنشاطات مختلفة لتعزيز الشعور بالانتماء إلى المحمية كنشاطات سياحية وزراعية واجتماعية وبيئية. ويشمل ذلك التشجير والمشتل وانخراط المزارعين في هذا المشروع والتركيز على التنوع البيولوجي في الغابة وإعادة التشجير كزراعة النباتات والأشجار لربط الجرد العالي فوق الألفي متر.

ويضيف طانيوس نسعى لإقامة حديقة للتنوع البيولوجي للتعريف بأهمية أصناف الشجر والنباتات المحلية التي نزرعها في الحديقة. ومن بينها أنواع نادرة وأخرى ذات استخدامات طبية. وهذه الحديقة ستكون مفتوحة للزوار والطلاب الجامعيين بكليات الزراعة الذين سيقدمون اطروحاتهم بالتعاون مع المحمية، التي تشكل مختبراً للدراسات البيئية. وهناك أيضاً نشاطات تعليمية للطلاب والزوار والمجتمع المحلي بالتعاون مع كاريتاس فرنسا. والهدف زيادة الحس البيئي ضمن النطاق الجغرافي للمحمية. ويجري العمل الآن لإقامة دورات تدريبية لتعليم السكان إدارة الموارد الطبيعية بشكل مستقل تماماً.

إقرأ أيضاً: محمية شاطئ صور: ملاذ السياح والسلاحف و«قلعة» لحماية التاريخ والبيئة

دروب المشي

تم استحداث دروب للمشي بطول حوالي 48 كلم، تربط أجزاء المحمية. من بينها دروب دائمة طيلة العام، ودروب خاصة للثلج في الشتاء. وهناك أيضاً أنشطة متعددة يمكن للزائر ممارستها. ومثال ذلك، مراقبة النجوم وتسلق الجبال في تنورين التحتا، بوجود أدلاء سياحيين مدربين. ويمكن خلال ممارسة هذه النشاطات مشاهدة مكونات الغابة من تلال، قمم ووهاد، أخاديد صخرية وكهوف طبيعية. كما يمكن مشاهدة الينابيع العذبة في الأودية، والتي تشكل ملتقى الطيور والحيوانات.

ويقول مدير المحمية، طالما أن المجتمع المحلي يستفيد فسيحضن المحمية. وهذا الأمر سيشجعه على تبني تطويرها. وذلك ما سهل قيام خدمات كثيرة حول المحمية مثل بيوت للضيافة وأكشاك صغيرة للمأكولات القروية كالمناقيش. كما تنظم السيدات نشاطات كل صيف منها ترويجية وتسويقية لمنتوجات محلية على مداخل المحمية ولقطاف الكرز والتفاح الخ..

 

الحياة البرية في محمية أرز تنورين

للحيوانات خاصية هامة في المحمية لما تحققه من توازن بيولوجي وايكولوجي. لذلك ترصد لها ميزانية خاصة. ويضيف طانيوس لدينا دراسة حول أكلة الفئران والطيور الجارحة بمحيط المحمية بالتعاون مع جمعية بيئية محلية تدعى تنور ونور. وترمي إلى إحصاء أعداد الفئران في أراضي المزارعين في حزام المحمية. وتأثير الحيوانات على التوازن البيئي في الطبيعة. وبهذه الطريقة نحفز المزارعين على عدم استخدام المبيدات أو منع الصيد بشكل مفرط والحفاظ على البيئٍة. المعادلة هنا واضحة فمن الضروري، كما يؤكد طانيوس، الحفاظ على مصلحة المزارعين ليحافظوا بدورهم على سلامة البيئة والطبيعة.

لاخوف على المحمية من اليباس

وعن اليباس في المحمية يقول شليطا طانيوس إن اليباس ناجم عن حشرة دخلت في التسعينات الى الغابة وانتشرت وما زالت موجودة حتى اليوم. الا انها تحت السيطرة والمراقبة الدائمة. وقد تراجع ضررها الى حوالي 2 في المئة فقط. ونبحث عن تمويل لدراستها في المختبرات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى