أمونيا زرقاء سعودية إلى اليابان:
تنظيف الوقود الأحفوري بدل «شيطنته»
عملية تسلم اليابان أول شحنة سعودية من الأمونيا الزرقاء، لم تكن حدثاً عارضاً أو مجرد صفقة تجارية. ولذلك حظيت باهتمام كبير من وسائل الإعلام العالمية. فهي تسهم في تكريس اعتبار الأمونيا الزرقاء المستخرجة من الوقود الأحفوري، طاقة نظيفة منخفضة الكربون. كما تشكل خطوة على طريق بناء سوق عالمي للهيدروجين الأزرق والفيروزي المستخرجان من الغاز الطبيعي.
ويمكن القول أن العملية تحمل جملة من الدلالات والحقائق أهمها ما يلي.
- تأكيد عزم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وبعض الدول النفطية، على التوسع في مشاريع إنتاج الهيدروجين الأزرق. بما يحقق غرضين الأول خدمة خطط تنويع الاقتصاد وتعظيم الفائدة والمحتوى المحلي من النفط والغاز. وذلك من خلال التوسع في تصنيعه بدلاً من تصديره كمادة خام. والثاني، خدمة خطط تطوير الطاقة المتجددة والنظيفة.
- تكريس اعتبار الهيدروجين الأزرق منتجاً صديقاً للبيئة. خاصة مع تطور تقنيات احتجاز الكربون. وتزايد مجالات استخدامه ما يجعله منتجاً قابلاً للتسويق في المستقبل. فالأمونيا الزرقاء كما هو معروف، عبارة عن غاز ينجم عن دمج ثلاث ذرات من الهيدروجين مع ذرة واحدة من النيتروجين. ما يجعله قابلاً للتسييل والشحن كما الغاز الطبيعي. وتوصف بالزرقاء لأن الهيدروجين المستخدم لإنتاجها هو الهيدروجين الأزرق الذي يتم استخراجه من الوقود الأحفوري بعد احتجاز الكربون ما يجعله منخفض الانبعاثات.
نظافة الهيدروجين الأزرق والأمونيا الزرقاء
- رغم «الضجيج» المتصاعد من قبل بعض الدول الصناعية الكبرى ومن قبل “متطرفي المناخ” ضد الهيدروجين الأزرق والفيروزي وكل الأنواع المستخرجة من الوقود الأحفوري. فإن تصدير أول شحنة إلى اليابان التي تعتبر من أكثر الدول اهتماماً بالطاقة النظيفة، له دلالات عده. أهمها، تزايد القناعة لدى العديد من الدول الصناعية بالهيدروجين الأزرق. وتتأكد هذه القناعة بالإشارة إلى أن ألمانيا التي احتفلت مؤخراً بإغلاق أخر محطات الطاقة النووية، استوردت أول شحنة من الأمونيا الزرقاء من دولة الإمارات في شهر سبتمبر 2022.
- عمليات التصدير، هي مجرد خطوة على طريق بناء سوق الهيدروجين الأزرق والأمونيا الزرقاء الناشئة. حيث تقود السعودية والإمارات جهودا حثيثة في مجالات التصنيع والتكنولوجيا وسلاسل الإمداد وإقامة الشراكات العالمية. وهو ما عناه وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان بقوله: «إن المملكة، تتطلع لأن تصبح أكبر مصدر في العالم لمنتجات الهيدروجين النظيف بحلول عام 2030». فمشروع الهيدروجين الإماراتي يعود لشركة “فيرتيغلوب” وهي مشروع مشترك بين شركة “أدنوك” و شركة “أو سي آي”، الهولندية. وتم تصدير شحنة في شهر سبتمبر إلى شركة «أوربيس» الألمانية. وهي من أكبر شركات إعادة تدوير النحاس في العالم.
- في السعودية، الصورة أوضح لجهة التكامل بين المحتوى المحلي والعالمي. فقد شارك في العملية عدة جهات. إذ تولت شركة سابك للمغذيات الزراعية تصنيع الأمونيا باستخدام اللقيم المنتج من قبل شركة أرامكو. وتم بيع الشحنة إلى شركة «فوجي أويل» اليابانية. وتولت شركة «ميتسوي أو إس كي لاينز» نقل الغاز المسال إلى مصفاة سوديغوارا. ليتم استخدامه لاحقاً في محطة لتوليد الكهرباء بدعم فني من شركة «جابان أويل إنجينيرنغ كو».
وكانت شركة سابك للمغذيات الزراعية قد حصلت في أغسطس 2022، على أول شهادة دولية تعترف باستخدام الهيدروجين الأزرق والأمونيا الزرقاء لتوليد الطاقة. وجاء ذلك بعد تصدير أول شحنة تجريبية إلى اليابان في العام 2020. ومن ثم شحنة أخرى إلى كوريا الجنوبية في نهاية العام الماضي.
التنظيف بدل «الشيطنة»
تبقى الإشارة إلى أن النجاح في إرساء أسس صناعة الهيدروجين الأزرق والأمونيا الزرقاء المعتمدة على الوقود الأحفوري وإنشاء شبكة إمدادات عالمية. يشكل مساهمة كبيرة في سياسة الاستفادة القصوى من موارد النفط والغاز. ويرسخ موقع دول الخليج في النظام العالمي للطاقة بشقيها الأحفورية والمتجددة. كما يعيد، وهذا هو الأهم، تصويب مسار الانتقال نحو عصر الطاقة المتجددة من خلال تطوير الطاقة النظيفة وتنظيف الطاقة الأحفورية بدلاً من «شيطتنها».