هل تنجح مجموعة السبع بوقف ارتهان توليد الكهرباء للوقود النووي الروسي
هل تقدم مجموعة الدول السبع على تنفيذ تعهدها بوقف الارتهان للوقود النووي الروسي. أم يبقى التعهد الذي أطلقته عقب اجتماع سابورو في اليابان الأسبوع الماضي، مجرد تهديد يستحيل تنفيذه في المدى المنظور. وليبقى الهدف هو تصعيد الضغوط على روسيا “لضبط سلوكها” في أوكرانيا أو في الشرق الأوسط.
وعدت كل من كندا وفرنسا واليابان وبريطانيا وأميركا عقب الاجتماع، بإزاحة روسيا من سلاسل إمداد الوقود النووي في العالم بأسرع وقت ممكن. والهدف المعلن هو عدم تكرار الارتهان لروسيا كما حدث مع أوروبا في أزمة الغاز. أما الهدف المضمر فهو تقويض مصدر حيوي للنفوذ الجيوسياسي لروسيا وللرئيس فلاديمير بوتين. خاصة وان العائدات المالية لشركة روساتوم، ستتجاوز هذا العام 2 تريليون روبل، كما أعلن مديرها العام أليكسي ليخاتشوف.
وجاءت أكثر المواقف تشدداً من وزير الطاقة البريطاني غرانت شابس الذي قال عقب اجتماع سابورو: يشكل تعهد سابور أرضية صلبة لإخراج روسيا من سوق الوقود النووي نهائياً. وسنعمل لتحقيق ذلك في أسرع وقت ممكن. وأيدته وزيرة الطاقة الأميركية جينيفر غرانهولم بقولها: لقد اثبتت روسيا أنها مورد لا يمكن الاعتماد عليه. ويجب إعادة هيكلة سلاسل التوريد النووية لكي تقتصر على الشركات والدول ذات القيم المتشابهة.
الارتهان للوقود النووي الروسي
الحقيقة أن هذا التعهد يبدو صعب التنفيذ. لأن الارتهان للوقود النووي الروسي أشد وطأة من الارتهان للغاز الروسي. فشركة روساتوم Rosatom، المملوكة للدولة تعتبر أكبر مورد في العالم للوقود المستخدم في المفاعلات النووية. ويقدر ان العالم يعتمد عليها بنسبة تتجاوز 35 في المئة. والطريف ان ذلك يشمل المفاعلات الأميركية بما فيها مفاعلات الغواصات. وتقدر مساهمة الشركة في تلبية الاحتياجات الأميركية من الوقود النووي بحوالي 25 في المئة. وقد اشترت الولايات المتحدة في النصف الأول من العام الجاري فقط، حوالي 416 طنا من اليورانيوم الروسي. وهي أعلى نسبة منذ العام 2005، ودفعت ثمنها حوالي 700 مليون دولار.
المستغرب في وعد أو تعهد مجموعة السبع، هو تزامنه مع ارتفاع كبير في الطلب على الوقود النووي. بسبب التوجه إلى تقليص استخدام الفحم والغاز في توليد الكهرباء. مقابل مشاكل أكبر في إنتاج اليوارنيوم الخام، كما ذكرت كولين هاميلتون من شركة BMO Capital Markets “بي إم أو”. ويعزى تراجع الانتاج إلى مشاكل في مناجم كندا. وكذلك تداعيات انقلاب النيجر، والحرب في أوكرانيا وتصاعد الصراعات الدولية على الدول التي تمتلك موارد ضخمة من اليوارنيوم. وقد دفعت زيادة الطلب إلى إعادة تشغيل بعض المناجم المغلقة، كما فعلت شركة Boss Energy الأسترالية الشهر الماضي.
أسعار قياسية
أدى اختلال ميزان العرض والطلب، إلى ارتفاع غير مسبوق في سعر اليورانيوم الذي تجاوز مستوى 80 دولاراً للكيلوغرام للمرة الأولى منذ 15 عاماً. وفي حين يضغط الاتحاد الأميركي لمنتجي اليورونيوم على إدارة بايدن لفرض حظر على واردات اليورانيوم الروسي، تمارس مجموعات أخرى ضغوطاً مضادة. خاصة وان اليورانيوم الروسي هو الأقل سعراً على مستوى العالم.
ولخص مستشار الطاقة النووية في البيت الأبيض براناي وادي الوضع بقوله : يتحمل العالم بأسره تكاليف الاعتماد المفرط على موسكو للحصول على الوقود النووي.
تهيب من التنفيذ
تؤدي هذه الوقائع إلى تهيب أميركا والدول الغربية عموماً من اتخاذ أي قرار متسرع تجاه شركة روساتوم. وقال وزير الطاقة الأميركي السابق دان بونمان، أنه وفقاً لأكثر السيناريوهات تفاؤلاً، فإن وقف الاعتماد على شركة روساتوم يتطلب حوالي 5 سنوات. وأيده في ذلك الرئيس التنفيذي لشركة Centrus Energy، التي تحاول إعادة تنشيط قطاع تخصيب اليورانيوم الأميركي بالتأكيد على ان الأمر من 4 إلى 5 أعوام.
والحقيقة ان الإدارة الأميركية أعلنت منذ اندلاع الحرب على أوكرانيا أنها تدرس فرض عقوبات على شركة روساتوم . ولكنها اكتفت بالدرس، ولم تقدم أبداً على اتخاذ أي قرار بهذا الشأن. وقد تم استثناء اليورانيوم من قائمة العقوبات على منتجات التي شملت الفحم والنفط والمنتجات المكررة.
وعلق مسؤول كبير في الإدارة الإمريكية على الدعوات لمقاطعة اليورانيوم الروسي بالقول أن الإدارة تدرس خيارات عديدة، وكل شيء مطروح للنقاش على الطاولة، ولكن ليس هناك قرار على وشك الصدور.