«طاقة الشرق»: ارتفاع أسعار النفط بسبب العرض والطلب وليس «الحرب الشاملة»
اعتبر رئيس تحرير موقع طاقة الشرق ياسر هلال في حديث لقناة القاهرة الإخبارية، ان السبب الرئيسي لارتفاع أسعار النفط هو زيادة الطلب ومحدودية العرض. وقلل من أهمية عامل التوترات السياسية والتهديدات بنشوب حرب شاملة في الشرق الأوسط.
وقال رداً على سؤال لمقدمة برنامج المراقب الإعلامية دينا سالم، أن العوامل المتحكمة بأسعار النفط متعددة ومتشابكة ومتغيرة. ويجدر التدقيق بحجم تأثير كل عامل لتبيان صحة ما يظن البعض ويشيع. فالقول أن حدوث حرب شاملة وإغلاق مضيق هرمز سيؤدي إلى ارتفاع كبير بأسعار النفط، تنقصه الدقة. سواء من حيث صحة تعبير حرب شاملة وإمكانية حدوثها. أو من حيث تأثيراتها إذا حدثت.
لا حرب شاملة
وأضاف، الحرب الشاملة الممكنة، مشتعلة فعلاً في المنطقة من غزة إلى لبنان وصولاً إلى اليمن. ويتم يومياً استهداف السفن والناقلات في مضيق باب المندب. وكان التأثير على أسعار النفط محدوداً. أما في حال توسع الحرب لتشمل إيران، فقد يحدث ذلك صدمة بالأسعار في حال إغلاق مضيق هرمز. ولكن يرجح أن تكون صدمة مؤقتة يمكن استيعابها. وذلك لسببين: الأول هو أن تلك الحرب لا يمكن وصفها بالشاملة لأنها تقتصر على إيران. وربما تتوسع لتشمل لبنان، حيث يتعرض للتدمير كما حدث في غزة. مع خسائر فادحة وتدمير في إسرائيل. فالحرب لن تكون شاملة في ظل عزوف دول المنطقة عن المشاركة. وفي ظل تهيب وإحجام روسيا، والرفض القاطع من قبل الصين للتورط في حروب وحتى نزاعات.
الجزء الأكبر من نفط السعودية والإمارات والعراق وعمان، يمكن تصديره بخطوط الأنابيب بدون المرور في مضيق هرمز
وشرح السبب الثاني، بوجود بدائل لمضيق هرمز لتصدير النفط الخليجي. فهناك خط شرق ـ غرب الذي ينقل النفط السعودي إلى ينبع على البحر الأحمر. وتصل طاقته إلى حوالي 5 ملايين برميل يومياً. وهناك خط حبشان ـ الفجيرة الذي ينقل النفط الإماراتي إلى بحر عمان دون المررو بمضيق هرمز. كما ان النفط العراقي، يتم تصدير الجزء الأكبر منه عن طريق خطوط أنابيب إلى تركيا. وليبقى نفط الكويت وإيران وجنوب العراق. وطبعاً هناك مصلحة مباشرة لإيران بتصديره وعدم استهداف الناقلات التي تحمله.
ارتفاع تاريخي بالطلب
ورداً على سؤال حول أبرز العوامل المؤثرة بارتفاع الأسعار قال: ان العامل الرئيسي هو ارتفاع الطلب. حيث زادت الواردات خلال الأسابيع الماضية بحوالي 3 ملايين برميل يومياً مقارنة بذات الفترة من العام الماضي. وذلك وسط توقعات بأن يرتفع الطلب في العام 2024 بحوالي 2.2 مليون برميل حسب منظمة «أوبك». وبنحو 1.2 مليون برميل بحسب وكالة الطاقة الدولية. في حين تتوقع كل من إدارة معلومات الطاقة الأميركية و«أرامكو السعودية» ان يرتفع بنحو 1.5 مليون برميل. ومهما كان رقم الزيادة فهناك شبه إجماع على أن الطلب في العام 2024، سيسجل مستوى قياسي.
أمين عام أوبك: ستثبت الأيام خطأ التوقعات بقرب بلوغ الطلب على النفط، الذروة
ونوه إلى ضرورة التمييز بين زيادة الطلب للاستهلاك كنتيجة للنمو الاقتصادي وهذه هي الزيادة الدائمة والثابتة. وبين زيادته للتخزين تحسباً لزيادة الأسعار أو لإعادة بناء المخزونات. وكذلك الأخذ بالاعتبار زيادة الطلب الموسمية خلال هذه الفترة من العام، مع انتهاء عمليات الصيانة الدورية في المصافي. وزيادة مشترياتها استعدادا لموسم الصيف والسياحة والسفر.
عرض محدود ومتناقص
وبالنسبة للعرض وقرار «أوبك بلس» تمديد العمل بالتخفيضات المقررة وقدرها حوالي 2 مليون برميل يومياً، قال رئيس تحرير موقع «طاقة الشرق»: السؤال يقودنا إلى العامل الرئيسي الثاني وهو العرض. وقد بات العامل الحاسم أو «الآمر الناهي» في السوق. إذ تمكنت دول «أوبك بلس» بفضل التمديد المتكرر للتخفيضات الإلزامية والطوعية من تحقيق هدفها بضبط إيقاع السوق. ونجحت في خلق التوازن بين الإمدادات والأسعار.
ارتفاع الطلب بمعدلات قياسية، مقابل عرض محدود بسبب تخفيضات «أوبك بلس» وضآلة الطاقات الفائضة في العالم
وأضاف: يسجل هنا إعلان الدول الأعضاء في التحالف الالتزام بحصص الإنتاج المقررة، بعد خروقات واسعة نسبياً في الأشهر الماضية. ومثال ذلك روسيا والعراق. حيث تم تخفيض الإنتاج في شهر مارس الماضي بحوالي مليون برميل يومياً، كما ذكرت «وكالة بلومبرغ». يضاف إلى ذلك تشدد الولايات المتحدة في تطبيق العقوبات المفروضة على النفط الروسي والإيراني. الأمر الذي قلص الإمدادات بحوالي مليون برميل أيضاً. وزاد تأثير محدودية الطلب في ظل قيام الدول المنتجة خارج «أوبك بلس» بالإنتاج بأقصى طاقاتها تقريباً، بما في ذلك الولايات المتحدة التي تحولت إلى أكبر دولة منتجة متخطية روسيا والسعودية.
وأشار إلى أنه بالإضافة إلى عاملي العرض والطلب، هناك العامل المتعلق بالأسواق المالية وتوجه صناديق الاستثمار ومدراء الأموال إلى ضخ استثمارات كبيرة في بورصة السلع الأساسية. في ظل التخوف من استمرار معدلات التضخم المرتفعة. حيث تسجل العقود الآجلة للنفط الخام ارتفاعاً مطرداً.
لا بديل عن النفط والغاز
وحول عودة شركات النفط للاستثمار في الاستكشاف والإنتاج، قال رئيس تحرير موقع «طاقة الشرق»، إن بعض الدول مثل السعودية والإمارات ومصر ومعها بعض شركات النفط تنبهت لمخاطر التراجع الكبير في الاستثمارات النفطية. وأندفعت منذ العام 2022 إلى ضخ استثمارات كبيرة لتوفير طاقة انتاجية كافية لتلبية الطلب.
إقرأ أيضاً: الكونغرس الأميركي يتهم ويحاكم وكالة الطاقة الدولية
وأشار إلى ضرورة التوقف ملياً عند الخطاب العنيف الذي وجهه أعضاء في الكونغرس الأميركي لمدير الوكالة الدولية للطاقة. والذي تضمن اتهاماً صريحاً للوكالة بتقويض أمن الطاقة من خلال سياستها المناهضة للوقود الأحفوري. وتضمن الخطاب نوعاً من المحاكمة للوكالة. ما يؤشر إلى تغيير جدي في سياسة الطاقة الأميركية نحو إعادة الاعتبار للنفط والغاز كمكون رئيسي في مزيج الطاقة العالمي. ولا بديل عنه في الأمد المنظور وغير المنظور.