لإحياء مبادرة إنشاء محطة طاقة نووية مشتركة لدول مجلس التعاون
هل حان الوقت لإحياء فكرة إنشاء محطة مشتركة للطاقة النووية بين دول مجلس التعاون الخليجي، والتي أنجزت دراسة إنشائها في العام 2010؟ ولكنها لم تجد طريقها إلى التنفيذ، ربما لعدم نضوج الظروف في ذلك الوقت.
ما يبرر طرح السؤال، هي التطورات الكثيرة التي طرأت ومن أهمها: تزايد الحاجة إلى تنويع مزيج الطاقة ليشمل الطاقة النووية. إضافة إلى تضافر عوامل نجاح المشروع. ومن بينها ثبوت الجدوى الاقتصادية، والتوسع الكبير في شبكة الربط الكهربائي بين دول المجلس. إضافة إلى قيام السعودية ودولة الإمارات اللتين، دخلتا بقوة ميدان الطاقة النووية، بتطوير أطر تشريعية وتنظيمية. ما يسمح بالارتكاز عليها لإيجاد إطار حوكمة مشترك بين دول المجلس.
في عام 2006، قرر المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال دورته السابعة والعشرين في الرياض، في المملكة العربية السعودية، إجراء دراسة مشتركة حول استخدام التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية بما في ذلك توليد الكهرباء وتحلية المياه. واتفقت دول المجلس الستة، على إجراء دراسة جدوى أولية، يتبعها دراسة تفصيلية وبرنامج عمل للتنفيذ.
وأكدت نتائج الدراسة التفصيلية، التي أنجزت عام 2010، جدوى إنشاء محطة مشتركة للطاقة النووية، من الناحيتين الفنية والاقتصادية. كما تضمنت الشروط الرئيسية الواجب توفرها، بما في ذلك تطوير شبكة الربط الكهربائي، ونظم ولوائح تجارة الكهرباء واتفاقيات التسعير. إضافة إلى موافقة دولة أو أكثر من الدول الأعضاء على استضافة المحطة. وكذلك استعداد الدول الأعضاء المشاركة، للاعتماد على الدولة أو الدول المضيفة للمحطات النووية.
التخلي عن مبادرة المحطة المشتركة
بحلول نهاية عام 2010، كانت كل دولة خليجية تسعى إلى تنفيذ برنامجها النووي بمفردها. والأسباب الرئيسية التي أدت إلى ذلك، كانت الافتقار إلى التنسيق فيما بينها. والذي أدى بدوره إلى التأخير في تنفيذ توصيات الدراسات الاستشارية. وكنتيجة لذلك، تابعت كل دولة خليجية أهدافها الخاصة بالطاقة النووية. حيث بدا النهج الذي يتبناه مجلس التعاون الخليجي غير قابل للتطبيق في ذلك الوقت.
في الوقت الحاضر، وبعد مرور خمسة عشر عاما تقريبا، أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة تمتلك أربعة مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء، بقدرة إجمالية تبلغ 5348 ميغاواط. إضافة إلى خطة لبناء مفاعلين إضافيين بقدرة إجمالية تبلغ 2800 ميغاواط. وتخطط المملكة العربية السعودية لبناء مفاعلين بقدرة إجمالية تبلغ 2900 ميغاواط. في حين لا تزال دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى تدرس تبني الطاقة النووية.
إحياء مشروع المحطة المشتركة يستند إلى تطورات ديموغرافية واقتصادية وتقنية، إضافة إلى الأولويات السياسية والاجتماعية
ورغم أن دولة الكويت ألغت في العام 2011 برنامجها النووي وحلت اللجنة الوطنية للطاقة النووية. وأعلنت أنها لا تسعى إلى تطوير برنامج نووي لتوليد الكهرباء. لكنها بالمقابل، تستكشف جدوى التقنيات النووية المتقدمة الجديدة. وخاصة المفاعلات الصغيرة المعيارية (SMRs). حيث أصدر معهد الكويت للأبحاث العلمية دراسة في هذا الشأن في شهر مارس الماضي. كما أعربت مملكة البحرين مؤخرا عن اهتمامها بالمفاعلات النووية الصغيرة إذا أصبحت مجدية مالياً ومتاحة تجارياً. وأعلنت دولة قطر أنها تستثمر حالياً في مشروع لتطوير المفاعلات النووية الصغيرة مع شركة رولز رويس المحدودة. ولكن لا توجد خطة حاليا لبناء القدرات المحلية ذات العلاقة. وهذا هو نفس الوضع بالنسبة لسلطنة عمان.
لماذا يتوجب إعادة النظر بإنشاء المحطة؟
لقد مضى حوالي خمسة عشر عاماً منذ النظر في تطوير محطة طاقة نووية إقليمية مشتركة. وقد شهدت المنطقة خلال تلك السنوات تطورات رئيسية تشمل الجوانب الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية، والقناعات والأولويات السياسية والاجتماعية، والتقدم في البنية التحتية.
إن أهم العوامل الرئيسية التي تدفع إلى إعادة النظر في إقامة محطة طاقة نووية خليجية مشتركة هي التالية:
أولا: التطورات الاجتماعية – الاقتصادية
ارتفع عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي من حوالي 47 مليون نسمة في عام 2010 إلى 60 مليوناً في عام 2023. وتضاعف مجموع الناتج المحلي الإجمالي للدول الستة من حوالي 1.16 تريليون دولار في عام 2010 إلى 2.1 تريليون دولار في عام 2023. وكنتيجة لهذا النمو، فقد بلغ الطلب على الطاقة في عام 2022 حوالي 3200 مليون برميل نفط مكافئ، أي 1.2 ضعف ما كان عليه في عام 2010. ولا يزال مزيج الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي يهيمن عليه الوقود الأحفوري بنسبة تقارب 99% (النفط ومنتجاته 40 % والغاز الطبيعي 59٪ ). مقابل 1% لمصادر الطاقة المتجددة والنووية وأنواع الطاقة الأخرى.
ونظراً للنمو السكاني والاقتصادي، فقد زادت انبعاثات الكربون في المنطقة من 824 مليون طن في عام 2010 إلى 985 مليون طن في عام 2020. وأعلنت معظم دول مجلس التعاون الخليجي عن التزاماتها بتحقيق هدف الحياد الكربون الصفري بحلول العام 2050 أو 2060. ولكن يلاحظ بالمقابل أن استهلاك الطاقة يتوقع أن يرتفع إلى 4800 مليون برميل مكافئ نفطي بحلول العام 2050. ولذلك فإن تحقيق الحياد الكربوني الصفري بحلول ذلك الوقت، يستلزم أن تزيد دول المجلس من استخدام مصادر الطاقة النظيفة وخفض استهلاك الوقود الأحفوري. وهو الأمر الذي يجعل الطاقة النووية خياراً قيماً لتوفير طاقة الحمل الكهربائي الأساسي. بالإضافة إلى قدرات متابعة الحمل الكهربائي في ارتفاعه وانخفاضه وضمان الاستقرار ومن غير انبعاثات غازات دفيئة.
ثانياً: شبكة الربط الكهربائي الخليجي
أحد الشروط الرئيسية لنجاح اقامة محطة نووية مشتركة والتي أشارت إليها الدراسات الاستشارية السابقة المذكورة أعلاه، هي توفر قدرة نقل الكهرباء (تصدير/استيراد) بين دول المجلس. والتي لم تكن متوفرة في المستويات المطلوبة في العام 2010 من خلال شبكة الربط الكهربائي الخليجي.
التطور الكبير في قدرة شبكة الربط الكهربائي الخليجي، يعزز جدوى المحطة النووية الخليجية المشتركة
ويشار هنا إلى أن هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون تواصل تعزيز قدرة شبكتها لاستيعاب زيادة قدرة توليد الطاقة في الدول الأعضاء. حيث يستمر العمل لإضافة خطوط بجهد 400 كيلوفولت لخط الفاضلي – غونان. وهو خط مشترك يخدم البحرين والكويت والسعودية. وخط غونان – سلوى، وهو خط مشترك يخدم قطر والسعودية ودولة الإمارات. علماً أن سلطنة عمان مربوطة بالشبكة الخليجية عن طريق دولة الإمارات بخط محضة – العوهة – السلع. كما يجري العمل حالياً في إنشاء محطة لنقل الكهرباء في الوفرة في الكويت بالقرب من الحدود السعودية، بقدرة 400 كيلو فولت. وستزيد هذه المحطة من سعة الربط مع الكويت إلى 3500 ميغاواط.
ونظراً لقدرتها الحالية، فإن شبكة هيئة الربط الكهربائي الخليجي قادرة على التعامل مع تدفقات أكبر من الطاقة الكهربائية بين دول المجلس بما يتجاوز أغراض الاستجابة للطوارئ. وقد بلغ المتوسط السنوي لتدفق الطاقة بين عامي 2016 و 2022 نحو 890 غيغاواط ساعة بإجمالي 6217 غيغاواط ساعة. وتستمر سعة الشبكة في النمو بوتيرة متسارعة مع زيادة قدرة دول المجلس على توليد الكهرباء.
ثالثاً: الإطار التنظيمي لتجارة الكهرباء الاقليمية
أحد الشروط الأساسية لتحقيق الجدوى التجارية لمحطة الطاقة النووية المشتركة، والتي أشارت إليها الدراسات الاستشارية، هو اتفاقية تجارة الكهرباء بين دول المجلس، التي لم تكن موجودة في عام 2010. وقد تغير الوضع منذ ذلك العام، حيث نضج بشكل ملحوظ، الإطار التنظيمي لتجارة الكهرباء في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي.
شهد الإطار التنظيمي لتجارة الكهرباء بين دول المجلس، تطوراً كبيراً، وبلغت قيمة الطاقة المتبادلة 773.2 مليون دولار بين عامي 2016 – 2022
وقد بلغ إجمالي قيمة الطاقة الكهربائية المتداولة – العينية والنقدية – بين عامي 2016 و 2022 حوالي 773.2 مليون دولار. وارتفع عدد العروض والعطاءات من خمسة في عام 2016 إلى 45 و 40 عرضاً في عامي 2021 و 2022، على التوالي. وفي العام 2022، أصدرت هيئة الربط الكهربائي مناقصتين لشراء الطاقة بعقود طويلة ومتوسطة الأجل لصالح الكويت والعراق. فقد أثبتت هذه التداولات فعالية سوق تجارة الكهرباء في منطقة الخليج في استيعاب المعاملات. كما أكدت قدرة الإطار التنظيمي في التعامل مع عمليات التصدير والاستيراد الكهربائي. والأمر الأكثر أهمية، هو أن معاملات تجارة الكهرباء أثبتت العلاقة القائمة على حسن النية بين دول المجلس التعاون الخليجي والتي ستكون الدعامة الأولى للتعاون في مجال الطاقة النووية.
رابعاً: تطور قدرة وكفاءة الحوكمة في المجال النووي
قطعت أغلب دول مجلس التعاون الخليجي خطوات بارزة في تطوير أنظمتها القانونية والتنظيمية النووية منذ عام 2009. وتحتل دولة الإمارات العربية المتحدة الصدارة في هذا المجال. وذلك بفضل امتلاكها وقدرتها على تشغيل مفاعلات الطاقة النووية التي تزيد قدرتها عن 5300 ميغاواط. حيث تقوم الهيئة الاتحادية للرقابة النووية (FANR)، والتي تأسست في عام 2009، بضمان السلامة والأمن والشفافية وعدم الانتشار في استخدام الطاقة النووية داخل الدولة، وذلك وفقاً لأعلى المعايير الدولية.
كما قامت المملكة العربية السعودية بتطوير إطار الحوكمة عن طريق هيئة الرقابة النووية والإشعاعية (NRRC) والتي تأسست في عام 2019 لتنظيم الاستخدام السلمي للطاقة النووية والإشعاع المؤين. ووضع السياسات واللوائح لمراقبة الأنشطة والمرافق ولوائح السلامة والأمن والضمانات النووية. وكذلك مراقبة استيراد وتصدير وتداول المواد النووية، ووضع متطلبات الاستعداد للطوارئ النووية والإشعاعية.
وترافق ذلك مع جهود حثيثة لإرساء أسس التعاون في مجال الطاقة النووية بين دولة المجلس. فتم مثلاً في العام 2019 توقيع اتفاقية إطارية بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة للتعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.
كما تم في العام 2023، توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة الوطنية السعودية وهيئة البيئة العمانية في مجال الأمان النووي والإشعاعي والوقاية من الإشعاع.
امتلاك الإمارات والسعودية لأطر قانونية وتنظيمية ناضجة نسبياً، يسمح بتطوير إطار حوكمة مشترك بين دول مجلس التعاون
وتجدر الإشارة هنا، إلى أهمية تلك الاتفاقيات بين دول المجلس في تعزيز تعاون السلطات التنظيمية كأساس للعمل المشترك في البرامج والمرافق النووية الإقليمية. حيث يمكن أن تكون دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية البوابة في تطوير إطار حوكمة مشترك لدول مجلس التعاون الخليجي نظراً لامتلاكهما الأطر القانونية والتنظيمية الناضجة نسبيا.
خامساً: التقدم التكنولوجي والقدرة التنافسية للطاقة النووية
وصل التطور في تقنيات توليد الكهرباء بالطاقة النووية إلى مستوى مرتفع من خلال تقديم نظم أكثر أماناً وكفاءة وأكثر صداقة للبيئة. من بين هذه الابتكارات، تبرز المفاعلات النووية الصغيرة (SMR). والتي تتميز بتصاميم تسمح بنشرها في المناطق النائية أو دمجها بسهولة في الشبكات القائمة. وتشمل ميزاتها أنظمة تبريد متقدمة تقلل من خطر الانصهار. بالإضافة إلى تميز المفاعلات الصغيرة من الجيل الرابع بقدرتها على العمل في درجات حرارة مرتفعة. الأمر الذي يجعلها أكثر كفاءة، وقادرة على استخدام الوقود بشكل أكثر فعالية. مع إمكانية تقليل النفايات النووية عن طريق إعادة تدوير الوقود المستهلك.
ومن الجدير بالذكر، أن مقارنة الجدوى الاقتصادية لتقنيات توليد الكهرباء لا ينبغي أن تعتمد فقط على التكلفة المستوية للكهرباء (levelized cost of electricity)، وهو مقياس يعتمد على التكلفة الأولية وتكاليف التشغيل والصيانة على مدى العمر الزمني للتكنولوجيا مقسوما على طاقة الكهرباء المولدة. فقد تبيّن أن هذا المقياس غير ملائم للمقارنة بين تقنيات التوليد المتقطع، مثل الطاقة الشمسية والرياح، والتقنيات المستقرة مثل تقنيات الوقود الأحفوري والنووية. كما ذكر بول ل. جوسكو في دراسة نشرت في American Economic Review
الفوائد المتوقعة للمحطة النووية المشتركة
نظراً للتطورات الكبيرة التي شهدتها منطقة مجلس التعاون الخليجي في السنوات الخمس عشرة الماضية في البنية التحتية والحوكمة والخبرة في إدارة المنشآت النووية، أصبحت فوائد إنشاء محطة طاقة نووية إقليمية مشتركة أكثر واقعية من أي وقت مضى. بالنسبة للدول التي ترغب في استغلال الطاقة النووية لتلبية احتياجاتها، ستوفر المحطة النووية المشتركة ضمانا للشركاء والمجتمع الدولي بأن برنامجاً نووياً مدنياً يتم تشغيله وفقاً للمعايير والالتزامات الدولية وبشفافية كاملة. علاوة على ذلك، فإن دول المجلس التي تشارك في محطة طاقة نووية مشتركة وليس لديها محطات طاقة نووية في أراضيها، لن تضطر إلى تطوير البنية التحتية الوطنية بالكامل لدعم البرنامج النووي. وبهذه الطريقة، يمكن للدول الأعضاء التي تستضيف محطات نووية تخفيف العبء المالي من خلال تقاسم تكاليف تطوير وتنفيذ المحطات المشتركة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الدول ذات المساحات الصغيرة والعمق الجغرافي المحدود، مثل البحرين والكويت وقطر، ستستفيد بشكل كبير من هذه الشراكة عند بناء محطات نووية مشتركة في دول مجلس التعاون ذات المساحات الأكبر.
توجد عدة أمثلة لمشاريع ثنائية ومتعددة الأطراف ناجحة، كما هي مبينة في الجدول أدناه، حيث تتعاون الدول من خلال التمويل وتبادل التكنولوجيا وتوزيع الطاقة.
أمثلة دولية للشراكات والتعاون في محطات الطاقة النووية
محطات الطاقة النووية والمنظمات التابعة لها | الدول المشتركة | ملاحظات |
أكويو (Akkuyu) | تركيا و روسيا | – أربع مفاعلات نووية (VVER-1200) بمجموع قدرة توليدية 4800 ميغاواط.
– يتم تنفيذه من قبل روسيا وتركيا بموجب نموذج البناء والتملك والتشغيل (Build-Own-Operate). – تكلفة المشروع 20 مليار دولار وهو تحت الإنشاء. |
البلاروسية (Belarusian) | بلاروسيا وروسيا | – مفاعلين نوويين (VVER-1200) بمجموع قدرة توليدية 2400 ميغاواط.
– ملكية كاملة لبيلاروسيا بوجود تعاون ثنائي مع روسيا التي توفر التمويل والتكنولوجيا والدعم التشغيلي. – تعمل المحطة في أوستروفيتس، بيلاروسيا. |
المحطات النووية الفرنسية | عدد من الدول الأوربية | على الرغم من عدم وجود محطة طاقة نووية واحدة في أوروبا مملوكة بشكل مشترك لعدة بلدان، فإن فرنسا تدير العديد من المحطات النووية وتصدر كميات كبيرة من الكهرباء إلى الدول المجاورة بما في ذلك ألمانيا وإيطاليا وسويسرا وبلجيكا. |
المجموعة الأوروبية للطاقة الذرية (EURATOM) | الدول الأعضاء الأوربية | من بين أهداف أخرى، تعمل المجموعة على دعم سوق الطاقة النووية في أوروبا من خلال انتاج الطاقة من نظم التكنولوجيا النووية وتوزيعها على الدول الأعضاء فيها وبيع الفائض إلى الدول غير الأعضاء. |
سيناريوهات النموذج التجاري للمحطات المشتركة
يمكن أن تكون محطات الطاقة النووية التجارية مملوكة لعدة كيانات بحصص ملكية مختلفة. وقد تشارك هذه الكيانات في المشروع من خلال مشاريع مشتركة أو شركات تابعة محدودة أو بشكل مستقل. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون مشغل المحطة كياناً منفصلاً، مثل مشروع مشترك أو شركة ذات غرض واحد. وقد يتم تمويل المشاريع النووية الجديدة من قبل الحكومات أو شركات الخدمات الكبرى ذات الدعم المالي الكبير. أو الكيانات ذات الأغراض الخاصة أو مزيج من ذلك كله.
العوامل الجيوسياسية والاجتماعية هي التحدي الرئيسي لإقامة المحطات النووية المشتركة، وليس العوامل التقنية والتنظيمية
ويبدو واضحاً أن دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تتمتعان بنضج قدرات الحوكمة والبنية الأساسية اللازمة للتعامل مع الضمانات والأمن والمسؤولية في استضافة المرافق النووية. وقد تكونان على استعداد للنظر في استضافة المزيد من محطات الطاقة النووية. وتصدير الكهرباء إلى الدول المجاورة، وتقاسم التمويل مع هذه الدول من خلال نماذج مختلفة.
تحديات إنشاء محطات نووية إقليمية مشتركة
لا تشكل المسائل التقنية والتنظيمية رغم أهميتها، عقبات مهمة. ولكن التحديات الفعلية تتركز في العوامل الجيوسياسية والاجتماعية والسياسات والتصورات العامة المحلية. وفي حالة دول مجلس التعاون الخليجي، واعتماداً على النموذج التجاري المعتمد، قد تتمثل التحديات في القضايا التالية:
- مدى استعداد أو إحجام الدول الأعضاء للمشاركة في الاعتماد على الدول الأعضاء الأخرى في الحصول على الكهرباء.
- قد يؤدي عدم الاستقرار السياسي في إحدى الدول الأعضاء الشريكة إلى تغيير الالتزامات تجاه المشروع، ما يؤثر على تشغيل المحطة المشتركة.
- قد تهيمن إحدى الدول الكبيرة أو ذات التأثير الاقتصادي والسياسي الأكبر، على المشروع المشترك. ما يؤدي إلى اختلال توازن القوى . وقد يؤدي ذلك إلى نشوء توترات تتعلق بتصورات حول فوائد غير متكافئة. خاصة إذا تحمل أحد الشركاء مخاطر مالية أكبر أو حصل على إنتاج طاقة أقل.
- مدى استعداد الدول لاستضافة محطة للطاقة النووية، وتحمل أعباء ومخاطر دفن النفايات النووية أراضيها.
ورغم أهمية هذه المخاوف، إلا أنه يمكن معالجتها من خلال الحوار على كافة المستويات. بدءاً من قادة الدول وانتهاءً بالجهات الفنية المعنية. ويجدر في هذا السياق، الثناء والإشادة بحسن النية الذي أظهرته دول مجلس التعاون الخليجي في معاملات تجارة الكهرباء المذكورة آنفاً. ويمكن الاعتماد على هذا النوع من الثقة لضمان شراكة موثوقة وعادلة.
الخاتمة
إن دول مجلس التعاون الخليجي لدول الخليج العربية مدعوة إلى إعادة النظر في تقييم الشراكة فيما بينها لاستغلال الطاقة النووية. ما يسهم في تحقيق أهدافها التنموية والبيئية في ظل التطورات الكبيرة التي تحققت في بنيتها التحتية وأطر الحوكمة.
وعليه، فإن الدول الأعضاء التي تخطط لإنشاء محطات طاقة نووية إضافية أو جديدة، مدعوة لتقييم الشراكات مع الدول الأعضاء الأخرى. حيث تعتبر هذه الشراكات رابحة لكافة الأطراف بالنظر إلى توزيع وتخفيف أعباء التمويل، وإلى تلبية متطلبات التنمية الاجتماعية والاقتصادية. إضافة إلى توسيع نطاق نشر أنظمة الطاقة النظيفة، والتخفيف من انبعاثات الكربون.
- باحث علمي – مركز أبحاث الطاقة والبناء، معهد الكويت للأبحاث العلمية
- باحث غير مقيم – مركز دراسات الطاقة، معهد بيكر للسياسة العامة، جامعة رايس، هيوستن، أميركا