9 أسئلة حول بترول لبنان: دولة «تنقب» عن التعطيل وشركات «تستكشف» الأعذار

… ويبقى بترول لبنان الوحيد الذي يتعثر استغلاله، في حين تنشط عمليات استغلال ثروة الغاز في مصر وقبرص وإسرائيل. والسبب ليس ضغوطاً خارجية و«مؤامرات كونية» كما يشاع. بل يرجع أولاً وثانياً إلى طبيعة إدارة الحكم، وإلى تحويل القطاع كما غيره من القطاعات والملفات إلى سلعة في بازار المصالح الضيقة للمذاهب والأحزاب و«القيادات». ويرجع ثالثاً إلى ثغرات تنظيمية وتشريعية وإدارية وسياسية، مسكوتٍ عنها عمداً أو إهمالاً.
وانطلاقاً من موجة التفاؤل المرافقة للعهد الجديد الذي يحظى بدعم واحتضان عربي ودولي غير مسبوق منذ سنوات، نطرح جملة تساؤلات على الحكومة ووزارة الطاقة والمياه.بعضها يقع ضمن صلاحيات الوزارة وقدراتها، وبعضها الآخر يتجاوز تلك الصلاحيات. لكنه يدخل ضمن مسؤولياتها السياسية والوطنية، ولو من باب كشف المعطّلين والمعرقلين وتحميلهم المسؤولية أمام الرأي العام والمجتمع الدولي.
العلاقة الملتبسة مع «تحالف توتال»
- تدل كل المؤشرات على أن تحالف توتال، إيني، قطر للطاقة، ليس لديه قرار بالاستثمار في لبنان. وأهم تلك المؤشرات أن الحفر في البلوكين 4 و 9 كان بمثابة «رفع مسؤولية» وتنفيذاً للحد الأدنى من الالتزامات التعاقدية. وحتى عملية الحفر في البلوك 9 لم يستكملها، ولم يسلم التقرير الفني إلى الوزارة رغم تكرار المطالبات الرسمية والضغوط. وعليه، يطرح السؤال، عن مصير الاتفاقية الموقّعة مع التحالف في البلوك رقم 9، بعد تخليه طوعاً عن رخصة البلوك رقم 4؟. وهل درست الحكومة الأسباب الفعلية لتمنّعه عن العمل، بدلاً من تعليق هذا التمنّع على شماعة العامل السياسي. والسعي للاستعانة برؤساء الدول والوزراء لممارسة الضغوط السياسية على شركات التحالف لاستئناف الحفر في هذا البلوك؟
ما مصير العرض المقدم من «تحالف توتال» على البلوكين 8 و 10، وهل يكفي «خطاب نوايا» لتجاوز المهلة القانونية للرد ؟
2. ما مصير العرض الذي قدَّمه هذا التحالف على البلوكين 8 و 10؟. لا سيما بعد امتناعه عن الرد ولو بكلمة واحدة على المراسلات الرسمية. وهل يكفي الاعتماد على «خطاب نوايا» أرسله في آخر لحظة لتجاوز «معضلة» انتهاء المهلة القانونية للرد؟
مراجعة وتخفيف شروط التأهيل والاتفاقيات
3. ماذا يمنع تقييم ومراجعة الشروط المعتمدة في اتفاقيات الاستكشاف والإنتاج بهدف تحسين جاذبيتها للشركات؟. على أن تستند هذه المراجعة إلى معطيات موضوعية مثل: المقارنة مع دول الجوار، حداثة عهد لبنان بالصناعة النفطية، وعدم وجود اكتشافات مثبتة، ولا بنية تحتية للاستهلاك والتصدير، إلخ…
- لماذا لا تعيد الوزارة والحكومة، النظر بشروط التأهيل المسبق للشركات. ما يسمح بتأهيل شركات صغيرة ومتوسطة بدل التركيز على الشركات الكبيرة التي ثبت أنها تتريث كثيراً في الاستثمار في دول عالية المخاطر، وضعيفة البنية التحتية، ولا تمتلك مناخاً استثمارياً ملائماً؟. علماً أن الشركات الصغيرة قادرة على القيام بالدور المطلوب، كما حصل في إسرائيل، حيث نجحت شركة «إينرجيان» اليونانية الصغيرة، في تحقيق اكتشافات مهمة في حقول الشمال. ما دفع الشركات العالمية للدخول كشريك. وفي ذات السياق، أليس من الأنسب إعادة النظر في الشرط «البدعة» المتعلق بتشكيل كونسورتيوم ثلاثي (شركة مشغّلة وشركتان غير مشغّلتين)، وترك الحرية للشركات لتشكيل النموذج الأمثل للاستثمار كما في كل الدول؟
ماذا يمنع تخفيف شروط اتفاقيات الاستكشاف والانتاج لتشجيع الشركات على الاستثمار؟
خطة تسويق ومجلس إدارة الهيئة
5. لماذا لا تبادر الوزارة وهيئة البترول إلى إطلاق خطة «هجومية» لترويج وتسويق دورة التراخيص، بدل مقاربة الترويج السلبي القائمة على فتح الدورة وانتظار «تسابق» الشركات لتقديم عروضها؟. وقد أثبتت التجربة اللبنانية نجاح الحملات الترويجية النشطة. كما حصل في دورة التراخيص الأولى، حين تمكّن لبنان من جذب ثلاث شركات كبرى رغم سوء ظروف السوق حينذاك، والتراجع الكبير في الاستثمارات النفطية.
- متى تطرح وزارة الطاقة مسألة تعيين مجلس إدارة جديد لهيئة إدارة قطاع البترول على طاولة مجلس الوزراء؟. فالمجلس الحالي منتهية ولايته منذ سنوات، وثلاثة من أعضائه يعملون خارج لبنان. بينما يُحسب للأعضاء الباقين الاستمرار في العمل لتفادي الفراغ. مع التأكيد على أن استمرار الوضع الحالي يشكل خطراً على حوكمة هذا القطاع.
متى يفرج البرلمان عن قانون التنقيب في البر ويتوقف التعامل مع النفط كحصص طائفية وحزبية؟
نفط البر في «أدراج» مجلس النواب
- متى يُفرج مجلس النواب عن مشروع قانون الموارد البترولية في الأراضي اللبنانية (البر). الذي أُشبع درساً وتعديلاً في اللجان المشتركة، وتمت إعادته مراراً إلى الحكومة؟. ولماذا تم أصلًا حصر نطاق القانون الصادر في 2010 بالمياه البحرية فقط؟ وما حقيقة الإصرار على خضوع عقود التنقيب عن النفط في البر للموافقة المسبقة من مجلس النواب. مع أن هذا الشرط غير موجود في عقود الاستكشاف والإنتاج في البحر؟
- ما هي القطبة المخفية وراء تعطيل التنقيب في البر، رغم ترجيح المسوحات الزلزالية والجوية الحديثة، وجود احتياطيات واعدة للنفط والغاز؟. وهي حقيقة معروفة منذ الانتداب الفرنسي، من خلال الآبار التي تم حفرها في عدة مناطق. ثم ألا يُفترض أن يشكّل انخفاض كلفة حفر بئر برية (حوالي 10 إلى 12 مليون دولار) مقارنة بكلفة حفر بئر بحرية (80 إلى 150 مليون دولار) حافزاً لتسريع المسار البري؟.
الحفر في البلوكين 4 و 9 «رفع عتب» وتنفيذاً للالتزامات التعاقدية، وليس لاستخراج الثروة
9. متى يتم تحريك ملف ترسيم الحدود البحرية مع سوريا وقبرص لحل مشكلة النزاعات الحدودية معهما. علماً ان الترسيم مع قبرص قد يكون أكثر تعقيداً وصعوبة نظراً لارتباطه بملف النزاع التركي القبرصي على المياه البحرية المحاذية للمياه اللبنانية.
ختاماً، صحيح أن الحكومة ووزارة الطاقة ورثتا ملفات شائكة وثقيلة في قطاعات الكهرباء والمياه والبترول، في ظل شغور إداري حاد في الوزارة وإمكانات شبه معدومة. لكن الصحيح أيضاً أن ملف بترول لبنان، لا يقل أهمية عن ملف الكهرباء، الذي قد يكون أكثر شعبية. مع الأخذ بالاعتبار تميز قطاع النفط والغاز بوجود إطار مؤسساتي جاهز، هو هيئة إدارة قطاع البترول.