لبنان: الطاقة المتجددة الموزعة تائهة بين صلاحيات الوزير والهيئة الناظمة

مشروع قانون الطاقة المتجددة الموزعة في لبنان، قد «يرى نور الإقرار » في مجلس النواب إذا تيسر عقد جلسة يوماً ما. ولكنه قد لا «ينعم بنور  التطبيق» في القريب العاجل. والسبب هو الخلاف المستحكم بين القوى السياسية على الهيئة الناظمة. التي يعطيها القانون صلاحيات واسعة في التطبيق.

هذا الخلاف يراه النائب بلال عبدلله في حديث مع “طاقة الشرق” خلافاً سياسياً، في حين يرى النائب سيزار أبي خليل، أنه يتجاوز الخلاف السياسي ليصبح خلافاً دستورياً.

النائب سيزار أبي خليل: المشكلة دستورية

الحرارة السياسية المتعلقة بالقانون، الذي يسمح للقطاع الخاص بإنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة وبيعها للمشتركين وللدولة، تبدو واضحة في تصريحات النائب سيزار أبي خليل الذي يؤكد لموقع طاقة الشرق أن الخلاف حول إنشاء الهيئة الناظمة دستوري أولاً. إنما أرادوا تحويره ليصبح سياسياً. لأن التيار الوطني الحر يتولى حقيبة الطاقة. ويضيف أن القانون الأساسي رقم 462 الذي ينظم قطاع الكهرباء عموماً ينص لا بل يشترط، إجراء إصلاحات. ويجب تعديله قبل إنشاء الهيئة الناظمة. ما ينسحب ضمناً على قانون الطاقة المتجددة. إلا أنه لا نية لدى جهات معينة لا للتعديل ولا للإصلاح.

في لبنان وكما جرت العادة يبقى أي مشروع معلقاً، الى حين التوافق السياسي عليه. عن هذه العراقيل السياسية التي تعترض مسار إنشاء الهيئة، يجيب أبي خليل: نحن لا نوافق على الاستيلاء على صلاحيات الوزير والحكومة ورئيسها. وتحويل تلك الصلاحيات إلى هيئة ناظمة، تحل مكانهم. وبالتالي نحن لا نعارض إنشاء الهيئة، بل نطالب بأن لا تتجاوز صلاحياتها تلك العائدة إلى الوزراء فهذا ضرب لصلاحياتهم ولانتظام عمل المؤسسات.

ثقرات ونواقص تعيق التطبيق

في ظل وجود ثغرات ونواقص في قانون الطاقة المتجددة الموزعة، قد تعيق تنفيذه يرى النائب سيزار أبي خليل، أن القانون في المبدأ جيد ومتطور. ولكن هناك العديد من الثغرات التي يجب معالجتها. ولو كان هناك نية للطعن به لكان سقط. ويضيف أن بعض الوزراء والنواب يرددون نفس الاسطوانة، دون فهم عميق وواضح للقانون وللقطاع. والمشكلة الأساسية في التعامل مع القانون ومع قضية الكهرباء بشكل عام هي إلقاء المسؤولية على الوزير فقط. مع أن المنطق يقضي بتلازم المسؤولية مع الصلاحية الممنوحة له.

سيزار أبي خليل: لا يجوز نقل صلاحيات الوزير للهيئة الناظمة، ولإعطاء وزيري المالية والطاقة صلاحية استثنائية  لإصدار التراخيص

ويشدد أبي خليل على أنه لا إمكانية قانونية أو سياسية لتعديل القانون في ظل وجود حكومة تصريف أعمال. وبالتالي لا نستطيع إنشاء هيئة ناظمة. ولذلك تقدمنا باقتراح أن يتم منح صلاحية  استثنائية لمدة 6 أشهر لوزيري الطاقة والمالية لإصدار التراخيص. وذلك إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة. ويضيف أن ذلك ليس جديداً فقد تم اعتماد إجراء مماثل في العام 2002، وبظل الاستعجال للحصول على قروض ومساعدات من مؤتمر باريس 2 لقطاع الكهرباء، حيث أجيز للهيئة الناظمة منح تراخيص لمدة ستة أشهر.

وحول ما يقال عن عدم جهوزية شبكة الكهرباء لاستيعاب إنتاج الطاقة المتجددة، يرى أبي خليل أن الشبكة مجهزة لاستيعاب هذا الإنتاج. ولكن من الطبيعي أنها تحتاج الى توسعة وتطوير بسبب النمو السكاني لأن الحاجة الى الطاقة تنمو.

النائب بلال عبدالله: المشكلة سياسية

من جهته يعتبر النائب بلال عبدالله أن هناك مشاكل تقنية وإدارية في تطبيق قانون الطاقة المتجددة الموزعة، ولكن المشكلة الحقيقية والأكبر هي الخلاف السياسي. إذ أن أكثر من جهة سياسية تعارض إنشاء الهيئة الناظمة. ويقول إن تطبيق القانون يتطلب إصلاح جذري على ثلاثة مستويات هي: أولاً، الإنتاج أي إنشاء معامل لتوليد طاقة كافية 24/ 24. ثانياً إصلاح إداري في مؤسسة كهرباء لبنان. وثالثاً، إنشاء الهيئة الناظمة.

ويقول أن ذلك هو سبب الخلاف مع التيار الوطني الحر. الذي عارض اشتراط المؤسسات الدولية إنشاء الهيئة الناظمة ومنحها صلاحيات واسعة. ويعتبر أن الظروف الإدارية والسياسية غير مواتية ليسلك هذا القانون طريقه إلى التنفيذ وإيجاد حل جذري لمشكلة الكهرباء. ويضيف لذلك لجأ المواطنون اللبنانيون الغارقون في عتمة منازلهم والهاربون من غلاء فواتير المولدات، إلى الطاقة البديلة وخاصة الشمسية. ولم ينتظروا صدور القوانين .

بلال عبدالله: ثلاث ركائز للحل هي: اللامركزية الكهربائية، إصلاح جذري لشركة الكهرباء، وإنشاء الهيئة الناظمة

وعن الفوضى الحاصلة في ظل عدم وجود آلية تنظيمية لإنتاج الكهرباء من الطاقة البديلة، يقول النائب بلال عبدالله، إن إقرار القانون يساعد على تنظيم وقوننة هذا القطاع. ويؤكد أن اللقاء الديمقراطي تقدم بمشروع قانون لتطبيق اللامركزية في إنتاج الكهرباء. وتقسيم لبنان إلى دوائر على أن تعطى امتيازات لشركات خاصة لإنتاج الكهرباء وبيعها على غرار شركة كهرباء زحلة. فتحافظ الدولة على ملكية الشبكة.

وأبدى عبد الله عدم تفاؤله بدعم المؤسسات الدولية للمشاريع الاستثمارية في قطاع الطاقة الشمسية من دون إجراء إصلاحات. وتمنى لو أن العقود الإحدى عشر التي وقعتها وزارة الطاقة مع شركات خاصة للطاقة الشمسية، كانت عقودا مع شركات لإنشاء معامل لتوليد الكهرباء،معتبرا أنها المسألة الأهم حالياً.

ماذا يقول القطاع الخاص؟

يذكر أن العقود الموقعة مع 11 شركة خاصة، أثيرت حولها علامات استفهام لأنها تمت بالتراضي. وستقوم هذه الشركات ببناء 11 محطة للطاقة الشمسية وبيع الانتاج للمشتركين أو للدولة. علماً أن تكلفة الإنتاج وبالتالي التعرفة تقل كثيراً عن التكلفة الحالية. وشدد ألبير خوري مدير شركة سيبلين سولار فارم الفائزة بأحد هذه العقود على أهمية صدور القانون وتطبيقه. واعتبر أن الاستثمار في القطاع يحتاج الى مناخ عام يشجع المستثمرين على الدخول بمشاريع جديدة ويحفزهم على الاستمرار.

ويقول خوري إن تطبيق القانون مع ما يجلبه من مشاريع استثمارية سيسهم في حل مشكلة الكهرباء، ما يسهم بدوره في تعزيز الاستقرار والنمو الاقتصادي. واعتبر أنه لتذليل العقبات أمام تنفيذ القانون يجب تحديد العلاقة بين الوزير والهيئة الناظمة.

ويبقى السؤال كيف سيتم تمويل مشاريع الطاقة المتجددة، وهل المؤسسات الدولية والدول المانحة وحتى المستثمرين مستعدون للدعم والاستثمار من دون تنفيذ أي من الإصلاحات المطلوبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى