حاصباني لـ «طاقة الشرق»: لإعطاء هيئة البترول صلاحيات هيئة ناظمة

جاء قرار وزير الطاقة اللبناني وليد فياض مفاجئاً الأسبوع الماضي بعدم تمديد دورة التراخيص الثانية. لتأتي هذه الخطوة إيذاناً بدخول إئتلاف الشركات نفسه (توتال، إيني، قطر للطاقة) في المزايدة على البلوكين 8 و 10، وبقرار من الوزير، ما يثير الكثير من التساؤلات حول مَن يدير قطاع البترول في لبنان.

وفيما كان لافتاً عدم عودة وزير الطاقة، المقاطِع للجلسات الوزارية، إلى مجلس الوزراء للموافقة على قراره، اعتبر نائب رئيس مجلس الوزراء السابق وعضو كتلة الجمهورية القوية النائب غسان حاصباني أن “كل عمل مجلس الوزراء اليوم خطأ، وبالتالي لم يعد بإمكاننا الحكم على الإجراءات لأن المجلس بحالة فوضوية غير مسبوقة”، مضيفاً “حكماً أي تعديل في إعطاء التراخيص يجب أن يمرّ في مجلس الوزراء، ولكن فلنتحدث بالمنطق قبل الإجراء، فالتراخيص لا تعطى مرة واحدة إنما بالتدرج، لأنه عندما يتم تلزيم بلوك أو اثنين في البداية ويُكتشَف بأن هناك نفط وغاز ويُستخرَج، يرتفع سعر البلوكات الأخرى، وحينها يمكن إعطاء تراخيص بأسعار أعلى وبمردود أكبر للدولة اللبنانية”.

وقال حاصباني في حديث لمنصة “طاقة الشرق”: “الغريب بكل هذا الموضوع هو إعطاء تراخيص ولم نستخرج بعد ولا نقطة غاز، بما معناه أن قيمة هذه التراخيص لن تكون القيمة الأفضل”، مستطرداً: “الأفضل للبنان هو عدم إعطاء تراخيص في الوقت الحاضر الى حين استخراج الغاز واكتشاف المَكمن الأول وتأكيد وجود غاز، حينها ترتفع قيمة التراخيص الأخرى”.

وتابع حاصباني: “لا أعرف تفاصيل الإجراء الذي قام به وزير الطاقة لجهة قانونيته من عدمها، لكن يمكن أن يكون من ضمن صلاحيات الوزير تمديد الفترات اذا لم يكن هناك اكتمال في الملفات أو وجود نقص ما في المناقصة، لأنه لم يجدد، وذلك بسبب عدم وجود قرار في مجلس الوزراء بالتجديد، لأنه لا يستطيع قانونياً أن يجدد. ولكن من حيث المبدأ كان من الأفضل تمديد الدورة الثانية، او عدم توقيع اتفاقيات مع الائتلاف الذي تقدم بالمزايدتين”، مستطرداً بالقول: “للأسف الدولة اللبنانية سائبة”.

أين هيئة قطاع البترول؟
وفي ظل هذا الواقع فإن الغائب الأكبر هو هيئة إدارة قطاع البترول، فأي دور تقوم به هذه الهيئة؟
يقول حاصباني: “للأسف يتم التعاطي مع هيئة إدارة قطاع البترول من قبل الوزراء المتعاقبين وكأنها هيئة استشارية وليست هيئة إدارة قطاع. ولا يعطونها صلاحيات لاتخاذ قرار. ولا ترقى الى أن تكون هيئة ناظمة للقطاع وهي على حدود الهيئة الادارية والاستشارية وهكذا يتم التعاطي معها للأسف”، مضيفاً “هذا الأمر يضع سلطة أمر واقع كبيرة بيد الوزير، وهذه فلسفة منتهجة ضد فلسفة استقلالية الإدارات عن السلطة السياسية، ودائماً هناك طموح لتبقى السلطة السياسية ممسكة بالأمور حتى الإدارية منها، وتحويل السلطات الإدارية والتنظيمية إلى سلطات استشارية”.

الشركة الوطنية للنفط

ورداً على سؤال عمّا إذا حان الوقت لإنشاء الشركة الوطنية للنفط، يجب حاصباني: “الشركة الوطنية للنفط تصبح كما شركة توتال والشركات الأخرى وعليها أن تشارك في التنقيب. وهنا نكون قد أصبحنا في نموذج آخر، ويكون على الدولة اللبنانية أن تدخل أرباحاً مباشرة من النفط الذي تبيعه أو تسوّقه أو عبر تلزيم مقاولين لاستخراجه”.
وأوضح أن “لا قرار بهذا النموذج، وكان الاتجاه في قانون قطاع البترول الى إنشاء صندوق سيادي يحفظ قيمة هذه الأموال للمستقبل. وأما إذا أرادت الدولة اللبنانية في المستقبل إضافة الى ذلك ان تكون كما باقي الشركات لجهة التنقيب والاستخراج مباشرة بإمكانها القيام بذلك. ولكن حينها تدخل الدولة في مجال عمل جديد ذات طابع تجاري وهذا قرار”.
وهنا يعقّب حاصباني بالقول: “هذا النموذج أصبح غير متبّع، فهناك شركات وظيفتها أن تقوم بهذه الأعمال والدولة تشاركها بأرباحها، وهي لديها فعالية أكبر بهذا المجال من الدولة، التي تفتقد للقدرات الكافية وتحتاج الى سنوات لتطويرها”.

خيار الصندوق السيادي

وحول الصندوق السيادي، يلفت حاصباني إلى أن “الصندوق هو الخيار الأمثل للحفاظ على قيمة الغاز الذي سيُستخرَح للأجيال القادمة واستثماره. فالصندوق السيادي هو الطريقة الأفضل بغض النظر حتى لو كان هناك شركة وطنية تقوم باستخراج الغاز، فيُفترض بالعائدات أن توضع بهذا الصندوق في جميع الأحوال. ويكون دور الشركة الوطنية هو تحقيق الأرباح، إذا عملت بطريقة صحيحة، وتحقيق مداخيل مباشرة للخزينة”.

“ادارة هذا الموضوع ستكون صعبة، وتتطلب استثمارات ليس للبنان قدرة عليها، لذلك كان الاكتفاء بالصندوق السيادي في الوقت الحالي وهو المقاربة الأفضل”، يختم حاصباني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى