كيف عززت القمة الصينية الأميركية فرص نجاح COP28

اعتبر العديد من المراقبين، أن الغياب الكامل لقضية التغير المناخي عن بيان قمة الرئيسين الأميركي والصين، رسالة سلبية لمؤتمر كوب 28. وقد تؤثر على فرص نجاحه. في حين اعتبر البعض الآخر أنه تم تعويض هذا الغياب بالبيان الصادر عن البلدين بعد اجتماعات مكثفة في منتجع سونيلاندز في كاليفورنيا عشية القمة. الأمر الذي يشكل رسالة إيجابية تعزز فرص نجاح المؤتمر.

بداية، لم يكن متوقعاً أصلاً أن تكون قضية المناخ على جدول أعمال القمة لسببين. الأول هو ثقل الملفات السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية المطروحة للبحث. والثاني أن البلدين وهما أكبر دولتين ملوثتين في العام، لم يصلا بعد إلى حد تطبيق سياسات وإجراءات جدية وحاسمة لتخفيض الانبعاثات ما يبرر وضع القضية على جدول أعمال القمة. ولذلك فإن تغييب المناخ لا يفهم كتقويض لمؤتمر كوب 28، ولكنه قد يفهم بأنه “تقويض لمصداقية الولايات المتحدة، التي تصر على اعتبار المناخ قضية رئيسية تتعلق بالأمن القومي والسياسة الخارجية” كما ذكرت ليزا فريدمان في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز.

أهمية بيان سونيلاندز

الحقيقة أن بيان سونيلاندز شكل منعطفاً مهماً في مسار مواجهة التغير المناخي، في الشكل والمضمون. ففي الشكل، صدر البيان عن وزارة الخارجية الأميركية ووزارة البيئة الصينية بشكل متزامن تقريباً. كما تم توقيت إصداره ليأتي قبل ساعات قليلة من اجتماع قمة الرئيسين. وجاء ذلك بعد اجتماعات مكثفة بين مبعوث المناخ الأميركي جون كيري ونظيره الصيني شيه تشن هوا في منتجع سونيلاندز خلال الشهر الحالي. والتي جاءت استكمالاً لمحادثات متواصلة خلال الأشهر الماضية. ويعني كل ذلك وجود حرص من الجانبين على التوصل إلى اتفاق قبل القمة.

الصين تلتزم للمرة الأولى بتخفيض انبعاثات كافة الغاز الدفيئة بما فيها الميثان، وليس الكربون فقط

أما في المضمون فقد شبهت ليزا فريدمان التي غطت مفاوضات المناخ بين الولايات المتحدة والصين لسنوات طويلة، اتفاق سونيلاندز باتفاقهما قبل انعقاد مؤتمر الأطراف كوب 21(COP21)  في العام 2015. وقالت، كما أن الاتفاق الأول أدى إلى اتفاقية باريس وأطلق موجة مواجهة التغير المناخي، فإن الاتفاق الثاني يوفر نموذجاً ليحتذى من قبل الدول الأخرى، ونقطة انطلاق جديدة لجهود تقليص الانبعاثات.

وقد تضمن الاتفاق مسألتين رئيسيتين تشكلان دفعة قوية للمباحثات في مؤتمر كوب 28؛ هما:

  1. غاز الميثان

قرر البلدان تفعيل مجموعة العمل الخاصة بالمناخ والتي تم تعليق عملها منذ أغسطس 2022. بعد زيارة رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي إلى تايوان. كما اتفقا على تضمين المجموعة التالية من تعهدات المناخ الوطنية لعام 2035. والمقرر إعلانها العام المقبل، أهدافاً واضحة لتخفيض جميع انبعاثات الغازات الدفيئة وليس ثاني أكسيد الكربون فقط. ويشمل ذلك أكسيد النيتروز وغاز الميثان. وتكمن أهمية هذه النقطة، بأنها المرة الأولى التي تعلن فيها الصين رسمياً عن نيتها السيطرة على انبعاثات جميع الغازات الدفيئة، وليس فقط ثاني أكسيد الكربون كما تنص أهدافها المناخية الحالية. بما في ذلك غاز الميثان. وهو الغاز الذي يضر بالمناخ أكثر بحوالي 80 مرة من ثاني أكسيد الكربون على المدى القصير.

وكان الميثان غائبا بشكل ملحوظ عن التزامات الصين المناخية بموجب اتفاقية باريس 2015. مع أنها أكبر مصدر في العالم لانبعاثه. وفي بادرة حسن نية، بادرت الصين قبل أسبوع من القمة بإصدار خطة عمل للسيطرة على انبعاثات غاز الميثان. تتضمن تطوير نظام المحاسبة والإبلاغ عن الانبعاثات في مختلف القطاعات من مناجم الفحم وحقول النفط والغاز إلى مزارع الدواجن ومكبات النفايات ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي.

التزام يزيادة انتاج الطاقة المتجددة في العالم بممدل ثلاثة أضعاف حتى العام 2030

  1. الطاقة المتجددة

نص البيان على التزام البلدين تسريع نشر الطاقة المتجددة بالقدر الكافي في اقتصاد البلدين حتى العام 2030 وتسريع استبدال الفحم والنفط والغاز. إضافة إلى التعهد بدعم الجهود الرامية لمضاعفة قدرة الطاقة المتجددة على مستوى العالم ثلاث مرات بحلول عام 2030. ويتوقع البلدان تحقيق تخفيض كبير في انبعاثات قطاع الطاقة خلال العقد الحالي.

التأثير على كوب 28

اختصر لوري ميليفيرتا، كبير المحللين في مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف تأثير الاتفاق الأميركي الصيني على مؤتمر كوب 28 بالقول: مجرد الاتفاق بين البلدين على نقاط معينة، والعمل معاً لمواجهة التغير المناخي، يمهد الطريق إلى حد كبير لاعتمادها من قبل الدول الأخرى.

وغالباً ما تراقب الدول الغنية والفقيرة على السواء مؤشرات ومجالات التعاون بين أميركا والصين، لتحديد إيقاع جهود تخفيف الانبعاثات ومسار مواجهة التغير المناخي. وقال لي شو، مدير مركز المناخ الصيني في جمعية آسيا: إن بيان سونيلاندز جاء في الوقت المناسب للتنسيق بين أكبر دولتين مصدرتين لانبعاثات الغازات الدفيئة في العالم. معتبراً ان هذا التنسيق بمثابة شرط مسبق لتحقيق تقدم عالمي ملموس واستقرار السياسات قبل مؤتمر كوب 28 في دولة الإمارات. وهو ما أكده بيان سونيلاندز، الذي نص على أن البلدين يدركان الدور المهم الذي يلعبانه، وسيعملان معاً لمواجهة أحد أكبر التحديات في عصرنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى