المركز اللبناني لحفظ الطاقة: يحارب الظلام وتظلمه السياسة

خوري: المركز «ممأسس» ولا يحتاج أي مأسسة إضافية

وسط الظلام الكهربائي والظلم السياسي المفروض على اللبنانيين منذ عقود، تبرز نقاط مضيئة كتجربة المركز اللبناني لحفظ الطاقة. الذي ساهم من خلال دوره الاستشاري والفني في بلورة وتنفيذ العديد المشاريع والخطط والمبادرات المتعلقة بحفظ الطاقة والطاقة المتجددة. لم يكن آخرها قانون الطاقة المتجددة الموزعة. ولكن المركز يبقى عرضة “لظلم سياسي” من نوع آخر، يتمثل بتجيير إنجازاته لصالح فريق سياسي حيناً ومحاربته من قبل فرقاء سياسيين أحياناً.

المهندس بيار الخوري

مجلة «طاقة الشرق» التقت مدير عام المركز المهندس بيار الخوري الذي رافق هذه التجربة وقادها منذ اكثر من عقدين وقبل تأسيس المركز بصيغته الحالية.

بدأ الحوار بسؤال مباشر حول ضرورة “مأسسة” المركز لحل إشكالية تضارب طبيعته القانونية مع المهام التي يقوم بها. خاصة وأنه يلعب دوراً متزايد الأهمية في وضع السياسات العامة والخطط الوطنية. فقال الخوري: “المركز بالنسبة لنا هو “ممأسس” ولا يحتاج لمأسسة إضافية لكي يقوم بالأعمال المنوطة به والتنسيق مع الأطراف المعنية”.

دور استشاري ولا مسؤوليات تنفيذية

وأضاف الخوري أن الطبيعة القانونية للمركز الذي تأسس بدعم من وزارة الطاقة والمياه وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تنسجم تماماً مع المهام والمسؤوليات التي يتولاها. وهي مهام ومسؤوليات استشارية وتوفير خدمات فنية وهندسية حصراً. والمركز لا يمارس أي دور أو يتولى أي مسؤولية تنفيذية.

وأشار إلى أن المركز اللبناني لحفظ الطاقة يعمل مع كافة الوزرارات والمؤسسات والإدارات اللبنانية بدون تمييز، مثل وزارات الطاقة والصناعة والبيئة، ومعهد البحوث الصناعية والنقابات. كما يتعاون مع العديد من الجهات الخارجية بهدف تبادل الخبرات وتطوير الطاقة المتجددة في لبنان، والارتقاء بكفاءتها، مثل جامعة الدول العربية والوكالة الدولية للطاقة المتجددة والمركز الإقليمي للطاقة المتجددة والمجلس العالمي للطاقة، والاتحاد الأوروبي، والبنك الدولي.

لبنان ضمن أول 10 دول في الطاقة المتجددة، والأجدى التركيز على هذا الإنجاز . وأنشطة المركز بخدمة اللبنانين من كل الفئات والمناطق والانتماءات

وشرح بالقول أن مساهمة المركز في المشاريع والخطط الوطنية الكبرى اقتصرت على الجوانب الهندسية والفنية. ومثال ذلك الخطة الوطنية لكفاءة الطاقة NEEAP والخطة الوطنية للطاقة المتجددة NREAP وغيرها كثير. ويعود تبني المشاريع والخطط وتنفيذها لوزارة الطاقة والمياه، أو لمجلس الوزراء أو غيرهما من المؤسسات تبعاً لطبيعة المشروع. ومشاريع المركز غير ملزمة لأحد ما يعني عدم وجود أي تضارب بين طبيعته القانونية وبين مهامه. وهذا الدور يمارسه منذ نشأته وبالتالي لا يمكن القول ان هناك دوراً متزايد الأهمية.

إنجازات لخدمة اللبنانيين بكل فئاتهم

وقال الخوري ان المركز اللبناني يفتخر بدوره في إنجاز عدد كبير من المشاريع والمبادرات والخطط، اخص بالذكر منها: التدقيق الطاقوي (Energy Audit)، مشروع تسخين المياه على الطاقة الشمسية، ومشروع محطة نهر بيروت للطاقة الشمسية بقدرة 1 ميغاواط الذي ساهم بتحريك سوق الطاقة الشمسية في لبنان. وتعود ملكيته حالياً لمؤسسة كهرباء لبنان.

وختم رده بالقول، لقد ساهم المركز اللبناني لحفظ الطاقة بجعل لبنان في قائمة أول 10 دول في مجال الطاقة المتجددة. وكان الأجدى بدل التصويب على المركز، التنويه بهذا الانجاز الذي يصب في خدمة الشعب اللبناني من كل الفئات والمناطق والانتماءات السياسية.

قانون الطاقة المتجددة والهيئة الناظمة

حول آخر وربما أهم الإنجازات التي ساهم فيها المركز، أي قانون الطاقة المتجددة الموزعة، شدد بيار الخوري على أهمية إقرار المجلس النيابي القانون 318 المتعلق بالطاقة المتجددة الموزعة الذي كان للمركز اللبناني دوراً مهماً في بلورته ومتابعته. فالقانون يفتح المجال أمام القطاع الخاص للدخول بقوة مجال توليد الطاقة المتجددة من خلال مشاريع كبيرة يتم ربطها بالشبكة العامة، ليتم بيع الانتاج إلى مؤسسة كهرباء لبنان. ما يؤدي بالتالي إلى خلق طاقة إنتاجية إضافية من الكهرباء النظيفة.

ونوه مدير عام المركز اللبناني لحفظ الطاقة، بالنتائج المباشرة للقانون، والتي تمثلت بإصدار مجلس الوزراء لأول دفعة من تراخيص إنشاء محطات للطاقة الشمسية. حيث عملت وزارة الطاقة والمياه بالتعاون مع الوزارات المعنية ومؤسسة كهرباء لبنان، وبمساعدة فنية من المركز اللبناني لحفظ الطاقة لإصدار 11 رخصة لإنشاء محطات بطاقة 15 ميغاواط لكل محطة، أي بإجمالي 165 ميغاواط. ويشارك مصرف لبنان الآن في توفير المساعدة الممكنة لتنفيذ هذه المشاريع.

المركز اللبناني لحفظ الطاقة مع الإسراع بتأسيس الهيئة الناظمة، ومستعد للتعاون معها إسوة ببقية الوزارات والمؤسسات

ورداً على سؤال عن اصطدام تنفيذ القانون بمعضلة تأسيس الهيئة الناظمة أولاً، وبقدرة مؤسسة كهرباء على تسديد إلتزاماتها المالية للشركات المنتجة ثانياً، شدد الخوري على الحاجة إلى الهيئة الناظمة. وأكدّ أنه يدعم تأسيسها بأسرع وقت ممكن، حتى تتمكن الدولة من تطبيق القانون رقم 318 بجميع مواده. كما أكد أن المركز اللبناني لحفظ الطاقة، جاهز لوضع خبراته وإمكانياته بتصرف الهيئة عند إنشائها، إسوة بوزارة الطاقة والمياه وبقية الوزارات والمؤسسات المعنية في لبنان.

اما في ما يتعلق بقدرة مؤسسة كهرباء لبنان، فقال أن السؤال يفترض ان يوجه إلى المؤسسة. ولكن يمكن القول أن الوضع المالي لمؤسسة كهرباء لبنان، بات أفضل حالياً وتتمتع بملاءة مالية مقبولة. وذلك بفضل العمل والجهد المضني في السنوات الأخيرة.

الطاقة الكهرومائية: الثروة المهدورة

المعامل الكهرومائية، ثروة مهدورة، وطاقة معطلة لأسباب «معروفة» ودوافع «مجهولة». فهناك 16 معملاً تم إنشاء بعضها قبل نحو قرن من الزمان وكان لبنان سباقاً في هذا المجال. وتبلغ القدرة الإنتاجية لهذه المعامل حوالي 285 ميغاوط. ولكن الإنتاج الفعلي حالياً يكاد يقتصر على معامل الليطاني الأربعة. التي يصل إنتاجها خلال فصل الشتاء إلى حوالي 190 ميغاواط وينخفض خلال فصول الشح إلى نحو 35 ميغاواط. أما المعامل الباقية، فإما متوقفة عن العمل وإما متهالكة وتحتاج إلى إعادة تأهيل. خاصة المعامل التي انتهت مدة الامتياز أو شارفت على الانتهاء.

ونظراً لأهمية إعادة تأهيل وتشغيل هذه المعامل لأن إنتاجها يعتبر أقل بنحو 8 أضعاف من الطاقة الحرارية، وأقل من الطاقة الشمسية أيضاً. بحيث يتم خلق نوع من التكامل بين إنتاج الطاقة الشمسية صيفاً والكهرومائية شتاء. فقد توجهنا بسؤال إلى مدير المركز اللبناني لحفظ الطاقة، بشأن ضرورة تجاوز مشاكل تعطيل هذه المعامل وعن دور المركز في ذلك. فقال: “بداية اعتبر وصف المعامل الكهرومائية بالثروة المهدورة “غير دقيق”. فهناك عدد منها مثل المشاريع التابعة لمصلحة الليطاني ولوزارة الطاقة والمياه، تعمل بشكل جيد.

بعض المعامل الكهرومائية التابعة لمصلحة الليطاني ووزارة الطاقة تعمل بشكل جيد، وهناك معامل آخرى بطور التأهيل

وأضاف أما المعامل الباقية، فقد واجهت مشكلة عدم توافر السيولة اللازمة للصيانة والتأهيل. لأن التكاليف تدفع بالدولار في حين كان يتم تقاضي رسوم بيع الكهرباء المنتجة بالليرة اللبنانية. واعتبر أن المشكلة باتت قابلة للحل مع تغير تسعير الكهرباء ليصبح بالدولار او ما يعادله بالليرة اللبنانية.

ورأى أن هذا التغيير أعطى المعامل قدرة أكبر على القيام بأعمال الصيانة والتشغيل. أما عمليات إعادة التأهيل فقد بدأت في بعض المعامل بعد توافر التمويل من مؤسسات دولية. كما في معملي رشميا ونهر البادر التابعين لمؤسسة كهرباء لبنان. حيث تتولى الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID  تطوير الأول فيما يتولى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP تطوير الثاني.

زر الذهاب إلى الأعلى