أسعد سرحال: «نظام الحمى» طبقه العرب قبل 1500 عاماً، وأعدنا إطلاقه من لبنان

كان لأسعد سرحال الفضل في إحياء نظام الحمى، الذي يستهدف حماية الطبيعة وتنمية المجتمعات. وليعيد نشره في لبنان والمنطقة والعالم. وكان هذا النظام قد انطلق قبل 1500 سنة من شبه الجزيرة العربية. وانتشر في مختلف دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. قبل أن يتراجع ويندثر بعد الثورة الصناعية. كما كان لنظام الحمى الفضل في نيل د. سرحال جائزة  ميدوري للتنوع البيولوجي للعام 2018، والتي تعادل في أهميتها جائزة نوبل في مجال التنوع البيولوجي.

ما هو نظام الحمى ؟

يعرّف أسعد سرحال الذي يرأس جمعية حماية الطبيعة في لبنان SPNL، نظام الحمى بأنه نظام عربي قديم يهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة. وهو يستند إلى مفهوم حماية الموارد الطبيعية واستخدامها بأساليب مستدامة، تضمن عدالة توزيعها بين جميع أفراد المجتمع. كما تضمن الحفاظ عليها لتسليمها للأجيال القادمة.

ويلخص الفارق بين “الحمى” و”المحميات الطبيعية“، بأن الأخيرة تهدف إلى حماية الطبيعة والموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي، وتقام وفقاً للقوانين المرعية على أملاك الدولة. بينما الحمى تستهدف بالإضافة إلى حماية الطبيعة، المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتقام بقرار من البلديات على مشاعات البلدة.

نظام الحمى والمجتمع

يساهم نظام الحمى بزيادة المشاركة الاجتماعية، كما يقول سرحال. إذ يشترك في إدارته المجتمع المحلي بكل فئاته. وهو بذلك، يعزز تعلقهم بأرضهم وخلق فرص العمل في الأرياف والحد من الهجرة. كما يساهم بتخفيف الأعباء المادية على المؤسسات الحكومية. ويعزز الشراكة بين القطاع الأهلي والقطاعين العام والخاص. ما يؤدي بالمحصلة إلى المساهمة بتحقيق التنمية المتوازنة واللامركزية.

نشأة النظام وإعادة إطلاقه

يقول د. أسعد رحال أن نظام نظام الحمى نشأ في شبه الجزيرة العربية منذ أكثر من 1500 عاماً. وانتشر في معظم مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حتى باتت كل بلدية أو قرية تمتلك «حماها» لينابيع المياه والمراعي والغابات وغيرها. ولكن للأسف أُهمل هذا النظام مع طغيان الثورة الصناعية.

33 حمى في لبنان

منذ العام 2004، بدأت جمعية حماية الطبيعة في لبنان SPNL وجمعية حماة الحمى HHI العمل لإعادة إحياء الحمى. وتم تنفيذ هذا المشروع أولاً على “حمى إبل السقي” في جنوب لبنان. ويضيف سرحال: لقد استطعنا خلال 20 عاماً، إحياء 33 «حمى» في مختلف المناطق اللبنانية، بالتعاون مع البلديات. وهي تشكل ما يقارب 6 في المئة من مساحة لبنان، نذكر منها: حمى شاطئ القليلة  وحمى شاطئ المنصوري في الجنوب، حمى العاقورة وحمى الفاكهة في البقاع الشمالي، حمى مستنقعات عنجر وحمى كفرزبد في البقاع الأوسط، حمى خربة قنفار وعين زبدة والقرعون في البقاع الغربي، وحمى رأس المتن والعبادية وحمى حمانا في المتن الأعلى.

إقرأ أيضاً: محمية شاطئ صور: ملاذ السياح والسلاحف و«قلعة» لحماية التاريخ والبيئة

ارتكزت المشاريع على مدار العشرين سنة الماضية على أهم الأنظمة الإيكولوجية والمواقع الطبيعية الشواطئ والمستنقعات والأودية والغابات. ما نال إعجاب  وتقدير الدولة اللبنانية ودول العالم والمنظمات البيئية الدولية.

شهادات تميز وتقدير

ويشدد سرحال على النجاح المحقق في لبنان على صعيد زيادة الوعي البيئي على شتى الأصعدة. وأرجع السبب الرئيس في ذلك إلى تضافر الجمعية مع جهود المؤسسات والوزارات المعنية.

ويقول ان هذا النجاح والتأييد تجسد من خلال الحصول على شهادات تميّز وتقدير من عدة جهات وجمعيات محلية وإقليمية ودولية. كما قامت العديد من المنظمات البيئية العالمية بتبني نظام الحمى وعملت مع جمعية حماية الطبيعة في لبنان نشر الوعي حوله ونشر ثقافته من جديد في منطقة الشرق الأوسط. ومن هذه المنظمات البيئية نذكر: الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة IUCN، وحياة الطيور الدولية  International Birdlife، وصندوق شراكة الأنظمة البيئية الحرجة CEPF  وغيرها من المنظمات والجمعيات الدولية.

الحمى في الدول العربية

ينوه أسعد سرحال بأن المملكة العربية السعودية تبنت هذا النظام من جديد، وباشرت بتطبيقه في «حمى العلا». كما قامت كل من دولة قطر والأردن بتطبيقه أيضاً.

ويضيف أن جمعية حماة الحمى تسعى بالتعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة، والمسؤولين والمهتمين من القطاع الخاص، إلى نشر نظام الحمى. وذلك من خلال برنامج «أصوات مهددة بالانقراض»، وبرامج «الحمى المتعددة» بشكلٍ عام وبرنامج «حماة الحمى» بشكل خاص.

ويشدد سرحال على أن نظام الحمى لا يستهدف الحفاظ على البيئة ومواجهة تداعيات التغير المناخي فقط، بل يتوسع ليطال نشر مفهوم الحد من النزاعات المتوقعة على المياه والطاقة والأمن الغذائي. ومن هذا الاندفاع الدولي لتطبيق نظام الحمى، تترسخ أهمية إعادة نظام الحمى كنظام شامل يغطي القضايا البيئية والاقتصادية والاجتماعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى