; محمية جبل موسى في لبنان: حارسة الجبل والمجتمع - طاقة الشرق TAQAMENA

محمية جبل موسى في لبنان: حارسة الجبل والمجتمع

أسعد سرحال: نظام «الحمى» آلية فعالة لحماية الطبيعة

رغم السواد السياسي والاقتصادي الذي يطغى على لبنان، لا يزال اللون الأخضر يتألق بفضل مبادرات مجتمعية تتمثل في المحميات الطبيعية مثل محمية جبل موسى. أو في نظام الحمى الذي أطلق حديثاً. وكان لرائد البيئة والطبيعة أسعد سرحال الدور الرئيسي في إطلاقه.

معروف أن المحميات الطبيعية تقام على الأراضي التابعة للدولة التي تهتم بها وتديرها مع المجتمع الأهلي والجمعيات. أما نظام الحمى فيتعلق بأملاك خاصة أو أراض تابعة للبلديات أو أراض مشاع. ويتم وضع هذه الأراضي ضمن نظام الحمى بقرار من البلديات. وهناك أنواع أخرى من المحميات مثل المنتزه الطبيعي والموقع الطبيعي. وتقييم هذه الأنواع يتم بحسب الإرث الثقافي والبيئي والاستخدام المستدام لهذه المساحات. وقد دخل لبنان مؤخراً في التصنيف الثالث للمحميات عبر إنشاء منتزه المتن الأعلى المؤلف من 70 كلم مربع من الغابات.وهو أول منتزه في البلاد.

أسعد سرحال

اسعد سرحال: 22% مساحات محمية

يقول أسعد سرحال مدير جمعية حماية الطبيعة في لبنان ومؤسس الحمى العالمية ومسؤول الشرق الأوسط في المجلس العالمي للطيور، إن بداية حركة المحميات في لبنان كان في العام 1996. واليوم أصبح عدد المحميات 18 وعدد الحمى 30. ويقول أن لبنان وصل الى مستوى 22 في المئة من الأراضي المحمية بين حمى ومحميات. في حين يبلغ معدل المساحات المحمية، تبعاً للمعايير العالمية 30 في المئة. مشدداً على أن نسبة 22 في المئة تعتبر مقبولة في هذه الظروف. وقد لاقت ترحيباً من الاتحاد الدولي لصون الطبيعة IUCN. الذي يقيم المحميات لناحية سلامة إدارتها وتطورها.

ويضيف سرحال أن لبنان موضوع على اللائحة الخضراء. وقد حصد جوائز عالمية في هذا الإطار. رغم أنه وضع كما دول عربية عدة على اللائحة الحمراء لناحية انقراض عدد من الحيوانات مثل النمر والذئب العربيين. إضافة إلى عدد من الطيور مثل البوم. حيث تشير الإحصاءات ألى أن 40 في المئة من الثدييات على لائحة الاتحاد العالمي للطيور  مهددة بالانقراض في الدول العربية.

تطوير المحميات ودمج المجتمع

عن دمج المجتمع المحلي بالمحمية يقول سرحال بصفته خبيراً في إدارة المحميات وتطويرها، إنه يجب وضع مخطط إداري لخمس سنوات يلحظ إشراك السكان المحليين للحفاظ على البيئة. ومخطط توعية من أجل إشراكهم بالفائدة الاجتماعية والاقتصادية والسياحة البيئية. فالمحمية لها فوائد صحية وبيئية واقتصادية واجتماعية ونفسية. ويعطي مثالاً على ذلك بإنتاج المنتوجات التقليدية الغذائية والحرفية. وكذلك تنظيم دورات تدريبية للأهالي ليصبحوا حراس غابات أو مرشدين بيئيين. وهذا ما تقوم به جمعيات الحمى لناحية تدريب السكان ليصبحوا «حماة للحمى» وتدريب مزارعين وطلاب جامعات وتحقيق تواصل مع المنصة العالمية لحماية المحميات والاستفادة من خبرات بعضهم البعض. ويعتبر تجربة محمية أرز الشوف خير دليل على نجاح تجربة المحميات في لبنان. إذ بلغ عدد زوار المحمية حوالي 400 ألف زائر. وساهمت بإنعاش الحركة الاقتصادية في الشوف والبقاع الغربي.

حكاية جبل موسى والمجتمع المدني

محمية جبل موسى تقع في أعالي منطقة كسروان شرقي بيروت. وتمتد مساحتها على 6500 هكتار. ولديها ثلاثة مداخل. وتعتبر واحة فريدة من التنوع البيولوجي، إذ تضم 727 نبتة منها 114 لغايات طبية و6 لا وجود لها عالميا سوى في المحمية. كما تضم بعض الآثار الرومانية. وهي منبع للسياحة البيئية في منحدراتها وطبيعتها وحيواناتها.

العم يوسف آخر الحرفيين في لبنان يعلم الشبان صنع «اللبادة» في محمية جبل موسى

وتعتبر المحمية نموذجاً لناحية دمج المجتمع الأهلي في نشاطات المحمية، كما تقول مديرة السياحة البيئية في المحمية تانيا بلان. وتؤكد أن هذه المهمة تعتبر على رأس الأولويات. وذلك بهدف التنمية المستدامة عبر نشاطات عدة منها: تعليم صنع اللبادة التقليدية وهي عبارة عن قبعة تصنع من الصوف والصابون البلدي. ويتولى العم يوسف آخر حرفي في لبنان يتقن صناعة اللبادة، تدريب بعض الشباب لصنعها. وتضيف بلان أن الجمعية تعمل على إقامة حلقات لتعليم رقصة الدبكة التقليدية ضمن جماعات منتظمة مع شباب من المجتمع الأهلي.

بيوت ضيافة ومونة ويوغا

نشاط آخر تقوم به جمعية المحمية، تضيف بلان، وهو تدريب مرشدين من أبناء المنطقة لمرافقة رواد المشي ضمن مسار جديد أ

ضيف إلى المسارات الـ 15 الموجودة. وهو مسار لليوغا. حيث يمضي الزوار يوماً كاملاً في التأمل وممارسة رياضة اليوغا ضمن أجواء هادئة. يضاف إلى ذلك السعي لإشراك المجتمع الأهلي  عبر مطبخ نموذجي تشارك فيه نساء من مختلف القرى. ويتم فيه إنتاج المونة والزعتر والعسل والزيوت الطبيعية. وللمزيد من الدمج

فتحت بيوت ضيافة تتميز فيها السيدات بسبع أطباق تقليدية كل واحدة بحسب أسلوب مطبخ قريتها. اذ أن المحمية تضم سبعة قرى. وتعمل تلك السيدات على انتاج المنتوجات مع أخصائية غذاء لاحترام معايير سلامة الغذاء عالميا.

تانيا بلان: زراعة عضوية ومنتوجات غذائية ومسارات لذوي الاحتياجات الخاصة لدمج المحية بالمجتمع

نشاط إضافي تقول بلان أن المحمية تقوم به. وهو إعادة تأهيل الأراضي الزراعية وتدريب السكان لممارسة الزراعة العضوية التقليدية. ويشمل ذلك زراعة القمح السلموني القديم. إضافة إلى زراعة الفطر على أنواعه ضمن دورات تدريبية للسيدات. كما تتم  زراعة بذور الاشجار في مشاتل المحمية الثلاثة.

وتشير بلان إلى استحداث مسارات مجهزة لذوي الاحتياجات الخاصة، وتم تدريب بعض الشباب لتولى مهمة مرافقتهم. كل هذه الأنشطة تشدد بلان على أنها لإشراك وتحفيز السكان على الاهتمام والمحافظة وحماية بيئة المحمية بشكل عام .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى