; الصين: مناورات عسكرية لتحسين «الشراكة» مع أميركا - طاقة الشرق TAQAMENA

الصين: مناورات عسكرية لتحسين «الشراكة» مع أميركا

تم تحميل المناورات العسكرية الصينية الروسية الإيرانية في خليج عمان، أكثر مما تحتمل. وهناك من بالغ واعتبرها مؤشراً على تأسيس قوة عسكرية مناوئة لأميركا تقودها الصين. ما يؤدي إلى تغيير جذري في ميزان القوى لصالح إيران وحلفائها. وذلك استنتاج متسرع قد يستند إلى التمنيات أكثر مما يستند إلى الوقائع والمعطيات.

وأبرز هذه الوقائع هي أن المناورات ليس حدثاً جديداً. فهي تجري سنوياً وبذات التوقيت منذ أربع سنوات. وهي مناورات محدودة في نطاقها الجغرافي كما في أبعادها العسكرية. والأهم أنها محدودة في أهدافها السياسية بالنسبة للصين. وإن كانت إيران وروسيا تسعيان إلى إضفاء هالة من الأهمية السياسية عليها. ربما كمحاولة لتغطية الانتكاسات السياسية من أوكرانيا إلى غزة وصولاً إلى البحر الأحمر. حيث ساعدت صواريخ الحوثي، بدون قصد طبعاً، على وضع خليج عدن والبحر الأحمر تحت سيطرة مطلقة للبحرية الأميركية والغربية عموماً، بدعوى حماية الملاحة الدولية. وبدون أي أعتراض حتى من قبل روسيا والصين.

ملف من ثلاثة أجزاء عن تطورات العلاقات الأميركية ـ الصينية

* من زواج المصلحة إلى المساكنة بالإكراه (1 من 3) 

* قبضة شيوعية داخلياً و «طريق حرير» خارجياَ (2 من 3)

* الصين ـ أميركا: التلويح بعسكرة طريق الحرير (3 من 3)

أما في المعطيات، فإن الصين لا تعمل وفق «أجندات» إيران أو روسيا. وهي بالتالي ليست بوارد الدخول في مواجهة عسكرية مع أميركا. ولا في سباق تسلح معها. ولا حتى في نزاع سياسي على مناطق النفوذ.

المناورات العسكرية الصينية وحقيقة الأهداف

الصين تخوض «حروباً» متشابكة ومتكاملة مع الولايات المتحدة تشمل مختلف الميادين الاقتصادية والصناعية والتجارية وسلاسل الإمداد والثورة الصناعية الرابعة وبخاصة تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي الخ… وهدف هذه الحروب يتخلص بأمرين:

الهدف الأول: ترسيخ نموذج الحكم الفريد، القائم على الجمع بين النظامين الاشتراكي والرأسمالي. وهو النموذج الذي أرسى دعائمه الزعيم التاريخي دينغ شياو بينغ في نهاية سبعينات القرن الماضي بعد معارك طاحنة مع المتشددين الماويين. وحظي هذا النموذج  بدعم كامل من قبل الولايات المتحدة. التي وجدت في الصين حليفاً سياسياً قوياً بمواجهة الاتحاد السوفياتي. كما وجدت فيها، بعد انهياره، حليفاً اقتصادياً لا يعوض. فكانت المكان المناسب لنقل الصناعات الملوثة التي تحتاج إلى أيد عاملة رخيصة وكفؤة. ومكاناً زاخراً بالفرص الاستثمارية المجدية جداً في ظل العولمة وفتح الأسواق وحرية الاستثمار.

انتهت هذه المرحلة عندما تحولت الصين إلى منافس خطر يهدد استمرار تفرد أميركا بقيادة العالم. وتسعى اميركا حالياً إلى إجبار الصين على الخروج من هذا النظام الفريد أو الملتبس. ولتصبح إما دولة رأسمالية بالكامل، يمكن منافستها. وإما دولة شيوعية بالكامل يجدر عزلها ومحاربتها.

الهدف الثاني: تهدف الصين بعد النجاح في ترسيخ نظامها الفريد، إلى انتزاع اعتراف أميركا به. وهي بهذا المعنى تختلف تماماً عن الاتحاد السوفياتي بأنها لا تريد تغيير النظام الرأسمالي بل المشاركة فيه. والأهم أنها لا تريد إزاحة أميركا عن قيادة العالم بل الجلوس إلى جانبها.

وضمن هذه المعطيات يمكن قراءة المناورات العسكرية الصينية في بحر عمان. كما يمكن قراءة تطورات العلاقة بين أميركا والصين. والتي ستكون حتى إشعار آخر محكومة بالتنافس والتعاون. أو ما يمكن وصفه «المساكنة بالإكراه».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى