; صندوق الخسائر والأضرار: الجنوب فرض تأسيسه والشمال يرفض تمويله - طاقة الشرق TAQAMENA

صندوق الخسائر والأضرار: الجنوب فرض تأسيسه والشمال يرفض تمويله

نجحت اللجنة الانتقالية المعنية بالخسائر والأضرار التابعة لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ UNFCCC، بالاتفاق على توصية بتأسيس صندوق الخسائر والأضرار. لكي يتم اعتمادها من قبل مؤتمر كوب 28 (COP28). ولكن الدول الصناعية الكبرى سارعت إلى تفريغ التوصية من مضمونها بعدم الموافقة على الالتزام بتوفير التمويل. وقد اعترض ممثل الولايات المتحدة في اللجنة على التوصية قائلاً أنها “لا تعكس الإجماع”.

واعتبر رئيس مؤتمر COP28 سلطان الجابر، أن اجتماع اللجنة الذي عقد في أبو ظبي السبت الماضي، “كسر الجمود في الطريق المسدود وخلق أرضية مشتركة للتوصل إلى إتفاق. الأمر الذي يعزز فرص نجاح المؤتمر الذي سيعقد نهاية الشهر الجاري في دولة الإمارات”. ولكنه شدد في المقابل على ضرورة “أن تبادر الأطراف المعنية إلى الوفاء بالتزاماتها تجاه الصندوق وترتيبات التمويل”.

حساب مصرفي فارغ

نجحت ضغوط دول الشمال في تمييع مسألة تمويل الصندوق. فنصت التوصية على إمكانية تلقي الأموال من مروحة واسعة من المصادر مثل آليات تسعير الكربون والتبرعات الخيرية. ولكن لم تنجح تلك الضغوط في فرض أن تكون المساهمات في الصندوق “طوعية بحتة”. وهو ما أكد عليه مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية بقوله أن نص التوصية لا يعكس الإجماع فيما يخص الطبيعة الطوعية للمساهمات.

وقال هارجيت سينغ من شبكة شبكة العمل المناخي الدولية أن التوصية الصادرة عن اللجنة لا تطالب برأسمال فوري للصندوق ولا تشير إلى الحجم المستهدف للمساهمات، ولذلك فهي أشبه بحساب مصرفي فارغ.

التمويل جوهر المشكلة

يعتبر صندوق الخسائر والأضرار من أكثر القضايا المثيرة للانقسام السياسي التي تواجه قمة كوب28. وتسعى دول الجنوب إلى صياغة محددة لوضع أعباء التمويل على عاتق الدول الغنية التي بنت اقتصاداتها عن طريق حرق الوقود الأحفوري. وأطلقت الجزء الأكبر من الغازات المسببة للاحتباس الحراري. في حين تسعى دول الشمال إلى التملص من هذه المسؤولية. بل تضغط على الدول النامية لتقليص اعتمادها على الوقود الأحفوري من جهة وعدم توفير التمويل اللازم للانتقال إلى الطاقة المتجددة من جهة أخرى. وحتى المبلغ السنوي وهو 100 مليار دولار سنويا الذي أقرته الدول الصناعية لم يتم الوفاء به.

وتتمثل أهمية وخطورة مسألة الصندوق في أن الدول الصناعية وافقت على إنشائه في مؤتمر COP27 في شرم الشيخ، في اللحظة الأخيرة تجنباً لفشل المؤتمر. وقد تم تمديد أعماله لمدة يومين للتوصل إلى تسوية. وأوضح القرار المعروف بـ «خطة شرم الشيخ للتنفيذ»، أن التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون يستلزم استثمارات تتراوح بين 4 إلى 6 تريليونات دولار سنويا. والوصول لمثل ذلك التمويل سوف يتطلب تحولا سريعا وشاملا للنظام المالي وهياكله وعملياته.

الأمم المتحدة: فجوة تمويل التكيف المناخي تتراويح بين 194 و 366 مليار دولار سنوياً

وقد أظهر تقرير أصدره برنامج الأمم المتحدة للبيئة في 2 نوفمبر الجاري أن احتياجات تمويل التكيف مع تغير المناخ في البلدان النامية تزيد بما يتراوح بين 10 و 18 مرة عن تدفقات التمويل العام الدولي. وقدر فجوة تمويل التكيف المناخي بما يتراوح بين 194 و 366 مليار دولار سنويا

وعلى الرغم من هذه الاحتياجات، أوضح التقرير أن تدفقات تمويل التكيف إلى البلدان النامية انخفضت بنسبة 15 في المائة لتصل إلى 21 مليار دولار عام 2021. واعتبر أن هذا الانخفاض يشكل سابقة مثيرة للقلق، في ظل التعهد خلال مؤتمر COP26 بتقديم حوالي 40 مليار دولار سنوياً لدعم تمويل التكيف بحلول عام 2025.

وطالبت المديرة التنفيذية للبرنامج إنغر أندرسن صناع السياسات بالاهتمام بسد فجوة التمويل وجعل مؤتمر COP28 اللحظة التي يلتزم فيها العالم بشكل كامل بحماية البلدان منخفضة الدخل والفئات المحرومة من التأثيرات المناخية الضارة”.

الدور الملتبس للبنك الدولي

ومن المسائل التي قد تثير الخلافات عند بحث التوصية في كوب 28 هي اقتراح أن “يستضيف” البنك الدولي الصندوق العتيد بشكل مؤقت ولمدة أربع سنوات. وقد يكون الاقتراح جيداً لناحية تقليل الأعباء المالية لإدارة الصندوق. ولكن خطورته تتمثل في المساعي الأميركية لتحويل القدرة التمويلية للبنك من تمويل التنمية ومكافحة الفقر إلى تمويل المناخ. وتصوير الأمر وكأنه وفاء بالتزامات الدول الصناعية تجاه الدول النامية. ولذلك أعرب ممثلو الدول النامية عن ترددهم في الموافقة على وضع الصندوق تحت مظلة البنك الدولي.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. يتعرض العالم منذ مطلع هذا القرن لمجموعة من الازمات السياسية والعسكرية من العراق الى افغانستان الى ما سمي بالربيع العربي الى سوريا ثم حاليا الى اوكرانيا وحرب اسرائيل على غزة . وكلفة هذه الحروب كبيرة جدا مما يجعل مصالح الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة تصرف سياساتها وانفاقها على هذه الازمات والحروب. وبالتالي لا عجب اذا بدت ازمة المناخ والصناديق التابعة لها والتخفيف من الاعتماد على الوقود الاحفوري تتراجع الى الاهتمامات الثانوية. ولعل مشاريع المناخ والبيئة تحتاج عالما هاديا يسود فيه السلام والتنافس الاقتصادي السلمي

زر الذهاب إلى الأعلى