; تداعيات إفلاس AeroFarms وعشرات شركات الزراعة العمودية على المنطقة - طاقة الشرق TAQAMENA

تداعيات إفلاس AeroFarms وعشرات شركات الزراعة العمودية على المنطقة

تثير موجة إفلاس كبريات شركات الزراعة العمودية في أكثر من دولة في العالم، تساؤلات كثيرة حول جدوى هذه الزراعة التي طالما اعتبرت حلاً ثورياً لمعضلة توفير الغذاء. وكانت السقطة الأعلى دوياً هي إفلاس شركة أيروفارمز AeroFarms. والتي نفذت خطة طموحة للتوسع في الشرق الأوسط. خاصة في دولة الإمارات والسعودية وقطر. وهو ما يطرح للبحث كيفية تأثر المشروعات القائمة في المنطقة أو تلك التي قيد الإنشاء والدرس.

يبدو أن المشكلة الرئيسية التي تواجهها هذه الشركات هي عزوف الممولين، وضآلة الأرباح أو حتى انعدامها في بعض الحالات. ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى ارتفاع التكاليف المتمثلة بالاستثمار المكثف في التكنوجيا المتطورة، والتي تستدعي بالتالي كفاءات بشرية مرتفعة التكلفة وليس مجرد عمال زراعيين.

معضلة استهلاك الطاقة

يضاف إلى ذلك السبب الأهم وهو الارتفاع الضخم في استهلاك الطاقة. ومن الطرائف ذات الدلالة أن أحد المستثمرين المحبطين، أجرى حسابات تقريبية أظهرت له أن زيادة محصول الطماطم في أميركا بنسبة 5 في المئة فقط بالاعتماد على مزارع عمودية كتلك التي استثمر فيها، تحتاج إلى استخدام كل ما تنتجه كافة محطات الطاقة المتجددة. وتنسحب هذه المشكلة بالطبع على مشاريع الزراعة العمودية في الخليج. والكلام عن رخص الطاقة مقارنة بأوروبا هو تعمية على الحقيقة. لأن هناك حاجة للتبريد في الخليج لمدة لا تقل عن 8 أشهر.

وقد بدأت موجة الافلاسات تتشكل بعد متاعب مالية نجمت عن إحجام المستثمرين عن ضخ المزيد من الأموال في ظل ضآلة العوائد على استثماراتهم السابقة، والتي بلغت عدة مليارات من الدولارات. واختصر جاي بلانشارد الرئيس والمدير المالي لشركة AeroFarms الوضع بقوله: ” كانت الأموال متاحة بسهولة، وأصبحت الآن صعبة المنال جداً”. وقال ان “المستثمرين كانوا ينظرون في السابق إلى المزارع العمودية باعتبارها مجالاً ريادياً للاستثمار في الابتكار، ولكنهم باتوا يصرخون الآن “نريد عملاً مربحاً”.

رئيس شركة Fifth Season: “أنها النهاية المؤلمة التي لا مفر منها”

ومع ميل المستثمرين إلى التدقيق في الربحية، تراجعت الأموال التي حصلت عليها شركات الزراعة العمودية من 1 مليار دولار العام الماضي إلى أقل من 100 مليون دولار هذا العام كما قال آدم بيرجمان، الرئيس العالمي للخدمات المصرفية الاستثمارية في سيتي غروب. وكانت النتيجة انهيار أسعار أسهم الشركات المدرجة. مثال ذلك سعر سهم شركة  AppHarvest التي تراجع بنسبة 99 في المئة.

وأدى ذلك بالطبع إلى دفن طموحات وأحلام الكثير من الشركات المتعلقة بطرحها للاكتتاب العام. وهذا ما حصل مع شركة AeroFarms، التي أعلن مؤسسها ديفيد روزنبرغ قبل سنتين” أن الشركة تصنع المستقبل الآن”. وقال سيتم طرحها للاكتتاب  العام بقيمة 1.2 مليار دولار. ولكن سرعان ما “بات المستقبل ماضياً”. فقدمت الشركة طلباً للإفلاس في أوائل يونيو الماضي. وتنحى روزنبرغ عن منصبه.

AeroFarms كانت ستطرح للاكتتاب العام بـ 1.2 مليار دولار، قبل طلب الإفلاس

وانضمت AeroFarms إلى قائمة طويلة من الشركات على امتداد العالم التي أعلنت إفلاسها بعد وقت قصير من إنشائها وبعد “وقت طويل من الأحلام والطموحات”. وشملت القائمة على سبيل المثال Kalera ومقرها أورلاندو، ، و Upward Farms في بروكلين، و Future Crops  في هولندا. كما قامت شركة  Infarm  في ألمانيا بتسريح 500 موظف أي حوالي نصف القوة العاملة لديها.

السقوط الثاني المدوي كان لشركة Fifth Season في بيتسبرغ. وقد استسلمت للإفلاس بعد فشل محاولاتها لمدة عام كامل للعثور على مشتر أو مساهم. وتم عرضها للبيع بمبلغ 12 مليون دولار، مع أن المبلغ المستثمر فيها تجاوز 30 مليون دولار. وقال رئيس الشركة فون ليمان “أنها النهاية المؤلمة التي لا مفر منها”

وتشبه موجة الافلاسات وتسريح العمال في الولايات المتحدة وأوروبا، تلك الموجة التي شهدتها اليابان قبل عدة سنوات. حين أعلنت مئات المزارع العمودية الإفلاس بسبب ما وصف باقتصاديات الصناعة غير المستدامة.

ويذكر كل ذلك بالسؤال الذي طرحه الكاتب المعروف مايكل غرونوالد مؤلف كتاب: How to feed the world without frying the world :هل الزراعة العمودية هي نوع من الترف التكنولوجي ومجرد فكرة خيالية؟

الوجه المشرق للزراعة العمودية

موجة السقوط المدوي لشركات الزراعة العمودية ، لا يجب أن تخفي وجهها المشرق والمزايا العديدة التي تتمتع، والمتمثلة بجملة حقائق علمية، نذكر منها:

  • خفض المساحات المطلوبة للزراعة بنسبة تتراوح بين 90 و  99 في المئة.
  • توفير حوالي 90 في المئة من المياه المستخدمة في الزراعة التقليدية. مع التنويه بأن نسبة التوفير تكون أعلى في حال اعتماد تقنية الزراعة الهوائية.
  • زيادة الانتاجية بمعدل يصل في بعض المحاصيل إلى 10 أضعاف.
  • الإنتاج على مدار العام وعلى مدار 24 ساعة. إضافة إلى تقليص كبير في مدة الدورة الزراعية لتصبح شهرين بدلاً من 10 أشهر للقمح مثلاً.
  • إمكانية إقامة المزارع قرب أسواق الاستهلاك ما يحفظ المنتجات طازجة ويقلل تكاليف النقل والانبعاثات.
  • تقليل الحاجة لاستخدام المبيدات والكيماويات والأسمدة المصنعة من الغاز الطبيعي، وتقليل الحاجة لتصنيع واستخدام المعدات الزراعية.

معطيات وتوقعات متضاربة

بين البداية بطموحات كبيرة وبين السقوط المدوي المبكر، تتظهر معطيات ووقائع متضاربة لهذه الصناعة التي تختزن إمكانيات ضخمة لحل أكثر مشاكل الكوكب تعقيداً من جهة. كما تختزن من جهة أخرى تعقيدات وتحديات خطيرة. ولكن الحاجة وآلية عمل الأسواق قد تخلق مستقبلاً التوازن المطلوب بين الابتكار والتكنولوجيا وبين القدرة على الربح والاستمرار.

تعليق واحد

  1. مقال مهم جدا و عكس ما كان متوقع .. الاقتصاد يحكم في النهاية و لكن أعتقد ما زال الأمل قائم لهذا النوع من الزراعة في مصر حيث الجو معتدل و لا يحتاج لضبط درجات الحرارة معظم السنة ..تحياتي لكاتب المقال و للموقع

زر الذهاب إلى الأعلى