; محميةّ عمّيق في لبنان تجسيد للفرادة والتميز - طاقة الشرق TAQAMENA

محميةّ عمّيق في لبنان تجسيد للفرادة والتميز

محمية عمّيق في لبنان هي تجسيد للفرادة والتميز. إذ اجتمعت فيها وظائف ومميزات قلما اجتمعت في محمية واحدة. فهي في مساحتها الشاسعة نسبياً ملكية خاصة لعائلة سكاف. كما أنها من أهم وآخر المناطق الرطبة (المستنقعات) في الشرق الأوسط. وتتميز بتّنوع إيكولوجي قلّ مثيله. فهي ملاذ لعدد كبير من الكائنات الحية والنباتات. وتم تصنيفها من قبل عدة منظمات دولية لحمايتها. كما تسهم بتنمية المجتمع المحلي، وتم تصنيفها مع محمية أرز الشوف كمحمية محيط حيوي من قبل اليونسكو.

عبدلله حنا مدير محمية عميق

تقع مستنقعات ومحمية عمّيق في سهل البقاع. وصُنفت في العام 1999 ضمن اتفاقية رامسار (Ramsar Convention) تحت الرقم 978، كواحدة من الأراضي الرطبة الهامة والقليلة في المنطقة والواجب الحفاظ عليها دولياً. ترتفع المحمية عن سطح البحر حوالى 865 متراً. وهي عبارة عن أملاك خاصة لعائلة سكاف. وقامت العائلة بزيادة مساحتها من 120 إلى حوالي 280 هكتاراً. كما يقول مدير المحمية عبدالله حنا. ويضيف أن مستنقعات عميق تعتبر أكبر المستنقعات والأراضي الرطبة المتبقية في لبنان.

محمية عمّيق: أنظمة بيئية مترابطة

تتميز محمية عمّيق بترابط أنظمة بيئية متعدّدة قل مثيله في الشرق الأوسط. تتمثل بالجبال والأراضي الزراعية، والمستنقعات، والأنهار، والمزارع . وإن كان أبرز ما يميزها، الينابيع الطبيعية التي تغذي المستنقعات. وهذه المستنقعات تعدّ الأكبر والأهم في الشرق الأوسط،، والأكثر تطوراً على الصعيد البيئي. فهي لا تزال تحافظ على رطوبتها ودورها الإيكولوجي على الرغم من التحديات المناخية.

جانب من المحية والمستنقعات

المستنقعات وأهميتها

باتت المستنقعات مناطق مهدّدة بفعل التغير المناخي، لذلك برز اهتمام دولي بحمايتها . فهي أكثر المساحات التي تساهم بامتصاص غازات الدفيئة. إذ أن كل كلم2 مربع من المستنقعات، قادر على تخزين ذات الكمية التي تخزنها مساحة تبلغ 14 كلم2 من الغابات، كما يؤكد عبدالله حنا. ويضيف أن المستنقعات تساهم بتسريب مياه الأمطار وتغذية الآبار الجوفية بشكل طفيف ومتواتر. وتعدّ أحد أهم المناطق التي تضم أعشاب وحشرات تستخدم بصناعة العقاقير الطبيّة، كما تشكّل مصدراً لمياه الشرب في بعض الدول.

 تنوع بيولوجي وملاذ للحيوانات والنباتات

بحسب الإحصائيات التي أفصح عنها عبدالله حنا، سجلت آخر الأبحاث في مستنقعات ومحمية عمّيق وجود ما يقارب 122 نوعاً من النباتات. تنقسم ما بين النباتات العائمة والنباتات المائية، والمقصبات. وساهمت المشاريع البيئية الإنمائيّة على مدار السنوات السابقة في استقطاب أنواع جديدة من الحيوانات والطيور. كما ظهرت أنواع جديدة من النباتات في المحمية.

يتجسد التنوع بحوالي 122 نوعاً من النباتات، 110 أنواع من الحيوانات، و 252 نوعاً من الطيور

تُعرف محمية عمّيق بالغنى البيولوجي الحيواني. فهي توفر ملاذاً آمناً للعديد من الحيوانات. وبحسب آخر الإحصائيات تضم المحمية أكثر من 18 نوعاً من الثدييات، أبرزها هرّ المستنقعات، والعكبر الشرقي وثعلب الماء المهدّد عالمياً. وأكثر من 14 نوعاً من الزواحف والحيوانات البرمائية. كما تضم حوالي 53 نوعاً من اللافقاريات المائية والبرية، والفراشات. إلى جانب رصد ما يقارب 22 نوعاً من السرمانات واليعاسيب.

محطة للطيور المهاجرة

محطة للطيور المهاجرة

يؤكد عبدالله أن محمية عمّيق تُعدّ واحدة من أهم المحطات في مسارات هجرة الطيور في الشرق الأوسط. وهي مقصد للطيور المهاجرة في فصلي الربيع والخريف من إفريقيا إلى أوروبا وبالعكس. ويعتبر أن أي إهمال للمنطقة سيؤدي إلى تغيير مسارات الهجرة. وقد يسهم في انخفاض أعداد الطيور عالمياًّ. وبحسب الإحصائيات الأخيرة في المحمية، عُثر على ما يقارب 252 نوعاً من الطيور. من بينها المرزة الباهتة، والشّنقب الكبير، والسلوى المعرضة للانقراض، والعقاب السفعاء، والعقاب الإمبراطوري، والعويسق، والنّعار السّوري المعرّض للخطر.

إقرأ أيضاً: محمية أرز الشوف: حماية الشجر وتنمية البشر

وأكّد حنا أن العديد من الطّيور المهاجرة قامت بوضع بيوضها في المحمية والاستيطان الدّائم في عمّيق من دون العودة إلى أوروبا الشرقية أو إفريقيا.

مشاريع سياحية لتنمية المجتمع المحلي

تطوير مستمر لمحمية عمّيق

شهد العمل والاستثمار البيئي في عمّيق دفعة قوية منذ العام 2012. واعتمدت المشاريع المختلفة على إنشاء ممرات خضراء بين النّظم البيئية في المحمية. هدفت أولى المشاريع إلى المحافظة من مياه الأمطار والثلوج. فتم إنشاء سدّ من نفس طبيعة تربة المستنقعات. ما ساهم بغنى التّنوع البيولوجي في المنطقة، وتعزيز توافر المياه على مدار العام بعد أن كانت تنضب في فصل الصيف.

أقرأ أيضاً: محمية حرش إهدن: رافعة للسياحة البيئية والريفية

ويشرح عبدالله أنهم يقومون بزرع ما بين 10 آلاف إلى 20 ألف شجرة حرجية ومثمرة سنوياً، تتناسب مع الطبيعة المناخية للبقاع. مع الأخذ بعين الاعتبار اعتماد زراعة الأشجار التي لا تتطلب الري الكثيف.

كما تم توسيع أراضي المحمية ومساحة المستنقعات، ويأمل حنا بمواصلة عمليات التوسعة. بالإضافة إلى المشاريع المستقبلية المتعلّقة بالتشجير، والمحافظة على أكبر كميّة من المياه على مدار السنة. ويضيف أنه يتم اعتماد أحدث التقنيات الحديثة في الزراعة. سواء في زراعة الأشجار المثمرة أو الكروم والبقوليات والحبوب وغيرها. ويعتبر أن محمية عمًيق من أكثر المناطق نظافة وأغناها بخصوبة التربة والمياه.

اهتمام دولي

جذبت ميزات محمية عميق الجمالية والبيئية والايكولوجية، مقرونة بتأثيرات التّغير المناخي على الأنظمة البيئية وحياة الحيوان والنبات، اهتمام الجهات والمنظمات الأوروبية والدولية المعنية بالبيئة والمناخ. وذلك في إطار مشاريع إعادة هيكلة الأماكن الرطبة وتعويض المستنقعات التي خسرها العالم. ومن مشاريع الدّعم الدّولي للمحميّة، يذكر عبدالله حنا تبني السفارة النّمساوية معرض درب الطّيور والحيوانات في العام 2023.  وكذلك الوكالة السويسرية للتنمية التي ساهمت بتمويل مشروع إقليمي في المحميّة مع عائلة سكاف هو “المبنى الأخضر”.

ويسلّط الضّوء على مشروع  «المبنى الأخضر» المعروف أيضاً بـ «طاولة عمّيق» الذي أقيم بهدف زيادة فرص العمل والإنتاج في المنطقة.  وهو عبارة عن مطعم ومبنى صديق للبيئة يهدف إلى استخدام كل ما هو محلي، من أيدي يد عاملة ومأكولات ومشروبات.

المجتمع المحلي و«طاولة عميق»

يقول عبدالله حنا أن الأعمال والمشاريع في المحميّة ترتكز على مبادرات آل سكاف وبعض المشاريع الدّولية. وبدأت المحمية منذ العام 2015 بالاعتماد على السياحة البيئية وبعض المشاريع المدرة للدخل. وهذه  المشاريع تساهم بتنمية المجتمع المحلي، من خلال خلق الوظائف مثل الأدلاء السياحيين، وحراس المحميّة وموظفين في أنشطة مختلفة. كما يُمكن للمجتمع المحلي أن يستفيد من مداخيل الصّيانة والتأهيل، بالإضافة إلى حركة المطاعم والمصالح الأخرى المرتبطة بالزراعة والتصنيع الزراعي.

«طاولة عمّيق» مشروع سياحي بيئي بتمويل من الوكالة السويسرية وعائلة سكاف

 

الزيارات والأنشطة في محمية عمّيق

يمكن زيارة مستنقعات عمّيق وفقاً لمواعيد محددة من الساعة التاسعة صباحاً حتى الخامسة عصراً. مع تغيّر الجداول بحسب الفصول، وذلك احتراماً للحياة البريّة، و”لعدم ازعاج الحيوانات” كما يقول عبدالله حنا.

وفي عمّيق، يمكنك التنزه سيراً على الأقدام أو على الدّراجة الهوائيّة وممارسة رياضة المشي وزيارة المستنقعات وجبال عمّيق التي تعد من أجمل الجبال والمناطق في لبنان. كما يُمكنك زيارة مزارع الخيول والمواشي والبط والأوز وغيرها. كما يمكن زيارة كروم العنب وبساتين الخوخ والدّراق، وأراضي زراعة البطاطا وغيرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى