; محمية شاطىء صور: ملاذ للسياح والسلاحف و«قلعة» لحماية البيئة والتاريخ - طاقة الشرق TAQAMENA

محمية شاطىء صور: ملاذ للسياح والسلاحف و«قلعة» لحماية البيئة والتاريخ

محمية شاطئ صور الطبيعية، أشبه بلوحة فسيفساء متعددة الأبعاد. حيث يجتمع التاريخ بالجغرافية. وحيث يتناغم التنوع النباتي و الإيكولوجي مع حماية الحياة البحرية، مع السياحة والأنشطة الاقتصادية ـ الاجتماعية

تقع المحمية التي أعلنت عام 1998، على شاطئ مدينة صور في جنوب لبنان. وتمتاز بأنها أطول شاطئ رملي في لبنان. لأن نحو 80 في المئة من الشاطىء اللبناني صخري. وهي تمتد على مساحة 380 هكتاراً تقريباً. وتم تقسيمها إلى ثلاث مناطق: سياحية، زراعية وعلمية. وأبرز ما يميزها برك رأس العين التاريخية، ومركز حماية السلاحف البحرية.

علي بدر الدين مدير المحمية

مركز حماية السلاحف البحرية

يشرح مدير محمية شاطئ صور علي بدر الدين، نشاط مركز السلاحف بأن طبيعة شاطئ صور الرملية جعلته المقصد الرئيسي وربما الوحيد للسلاحف البحرية في لبنان. وهي تلجأ إليه للتعشيش ووضع البيض والتفقيس. ويضيف أن شاطئ المحمية يستقطب نوعين من السلاحف البحرية المهددة بالانقراض عالمياً.

النوع الأول هو «السلحفاة الخضراء»:

هي نوع بات نادراً ومهدداً بالإنقراض. وتخرج الأنثى من المياه مرة واحدة لتضع بيضها. أما الذكور، فالمرة الوحيدة التي يتواجدون فيها خارج المياه هي بعد عملية التفقيس. حيث يتسابقون للوصول إلى المياه. ويقتات هذا النوع من السلاحف على النباتات البحرية والطحالب.

النوع الثاني هو «السلحفاة ذات الرأس الضخم»:

تعيش هذه السلحفاة غالباً في مياه لا يتعدّى عمقها بضع عشرات من الأمتار. وتضع الإناث بيضها على الشواطئ الرملية. وهذه السلحفاة من أكلة اللحوم بشكل أساسي. وتقضي معظم وقتها بالقرب من سلسلة الصخور البحرية الضحلة أو أسفل الرفّ الصخري لتتغذى على قنديل البحر والإسفنج والسلطعون والبطلينوس والسمك.

ملاذ للطيور المهاجرة

ويقول بدر الدين، ان العاملين في مركز حماية السلاحف في محمية شاطئ صور، يتابعون «زيارة» السلاحف لشاطئ صور خلال موسم التفقيس بأدق التفاصيل. فهم يقومون برصد السلاحف المصابة في البحر لتتم معالجتها. وكذلك جمع المعلومات حول صنفها لاعادة اطلاقها في البحر. كما يقومون بمنع اقتراب أي أحد من أماكن التعشيش والتفقيس ومنع الصيد أو حتى اضاءة أي نور قوي. كما يسعون قدر الإمكان لحماية البيض. وكذلك صغار السلاحف من الثعالب والطيور الجارحة.

وإضافة إلى السلاحف البحرية فإن محمية شاطئ صور تولي عناية كبيرة بالأنواع الأخرى من الأحياء البحرية حيث تم رصد أنواع غريبة وغير معروفة من تلك الأحياء في بحر صور، وجرى توثيقها.

محمية شاطئ صور المجتمع المحلي

ينوه مدير المحمية بتعاون المجتمع المحلي مع المحمية في حماية السلاحف. إذ يشارك السكان في نشاطات عدة توعوية ووقائية وفي كل أنشطة المحمية. كما ينوه بتعاون بلدية صور على أكثر من صعيد. خاصة في ما يتعلق بمراقبة الشاطىء. حيث تقوم مع المحمية بحملات تنظيف ومراقبة المياه البحرية طيلة العام. كما تقومان بإجراء الدراسات اللازمة بالتعاون مع المراكز العلمية المعنية.

أقرأ أيضاً: محمية أرز الشوف: حماية الشجر وتنمية البشر

ويقول بدر الدين أن البلدية تبدي كل تعاون لمكافحة التعديات البيئية بمختلف أنواعها واتخاذ قرارات للحفاظ على الأنظمة البيئية البحرية. وعلى الموارد الايكولوجية التاريخية لصالح المجتمع المحلي. ويشدد على أن أي تدمير لهذه الموارد سينعكس سلباً في المستقبل على الجيل الصاعد الذي نعمل على تحفيزه لتطبيق القوانين البيئية. وهو ما تساهم به المحمية من خلال حملات التوعية طيلة السنة لطلاب المدارس والجامعات. ويشير إلى وجود متحف صغير للحياة البحرية فيه مجسمات للسلاحف تستخدم للتوعية وشرح التحديات التي تواجهها هذه البيئة البحرية.

برك رأس العين

حملة ضد البلاستيك

ومن الأنشطة التي قامت بها المحمية، تلك المتعلقة بأكياس البلاستيك والتي تعتبر مشكلة كبيرة للسلاحف وبقية الأحياء المائية. حيث قامت المحمية كما يقول علي بدر الدين، بحملة واسعة لتخفيض استخدام الأكياس البلاستيكية ومنع رميها في البحر. وشملت الحملة الصيادين وأصحاب المطاعم والفنادق. ويضيف أنه سيتم خلال فصل الصيف التركيز على توسيع هذه الحملة عبر إشراك السكان فيها. من خلال أنشطة للتوعية وأخرى لتنظيف الشاطئ وغربلة الرمال.

برك تاريخية وزراعة عضوية

أما الفريد في محمية شاطئ صور، فهو وجود عيون المياه والينابيع والبرك التاريخية التي لا تبعد إلا بضعة أمتار عن البحر. وتم تصنيفها ضمن التراث الوطني. وتلعب هذه الموارد المائية  الطبيعية دوراً هاماً في حياة المجتمع المحلي  وخاصة المزارعين في كل اتحاد بلديات صور. فهي مصدر للمياه المستخدمة في ري مساحات زراعية شاسعة تقدر بنحو 200 هكتار. فأعضاء المحمية يشجعون المزارعين على الزراعة العضوية وعلى منع استخدام المبيدات المضرة بالبيئة والإنسان. ومن بين الموارد المائية «برك رأس العين» الأثرية التي يعود تاريخها إلى العصر الفينيقي. في حين تعمل برك المياه العذبة لتنقية الجو من ثاني أكسيد الكربون ما يساعد على تحسين المحيط البيئي من التلوث ويؤدي إلى تنوع بيولوجي كبير.

وإضافة إلى المنطقة البحرية لشاطئ المحمية وتميزها بنظامها الإيكولوجي البحري الساحلي، تعد المحمية موقعاً هاماً لاستراحة وتعشيش الطيور المهاجرة، وملاذاً لبعض الثدييات كالفأر الشوكي العربي والغرير الأوروبي.

لمحية في فصل الصيف

متى يجب زيارة المحمية؟

تشكل المحمية خلال فصل الصيف مقصداً سياحياً للمواطنين من كافة المناطق اللبنانية، وللمغتربين والسائحين. فهناك منطقة مخصصة للتخييم والسباحة والغطس. وبلغ عدد الزوار خلال العام الماضي حوالي 800 ألف زائر. ويقول علي بدر الدين أن دخول المحمية متاح للجميع ومجاني.

كما يمكن زيارة محمية شاطئ صور خلال فصلي الربيع والخريف لمراقبة الطيور المهاجرة. إضافة إلى مراقبة السلاحف البحرية في الفترة بين أواخر الربيع والصيف.

زر الذهاب إلى الأعلى